لماذا نطالب ببناء قبور البقيع؟
جميل عودة ابراهيم
قبور البقيع التي بجوار المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة هي قبور لآل البيت والصحابة رضوان الله عليهم. وقد قام الوهابيون في الربع الأول من القرن المنصرم بتهديم هذه القبور وتسويتها بالأرض، لأنهم يعتقدون أن زيارة قبور الأنبياء وأئمة أهل البيت{ع} وتعظيمها عبادة لأصحاب هذه القبور وشرك بالله يستحق معظمها القتل وإهدار الدم! وهو اعتقاد لا يشاركهم به أحد من المسلمين. لذلك فان المسلمين عموما، والطائفة الشيعة تحديدا، يطالبون كل سنة ببناء هذه القبور، لان فيه أربعة من أئمة المذهب الشيعي الاثني عشرية، وهم (الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، والإمام علي بن الحسين زين العابدين، والإمام محمد بن علي الباقر، والإمام جعفر بن محمد الصادق عليم السلام).
إن (هدم قبور أئمة أربعة من أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته المعصومين هو في الواقع تجاسر على الله تعالى الذي أمر بمودّة أهل البيت صلوات الله عليهم وطاعتهم وإكرامهم، وتجاسرٌ على القرآن الحكيم الذي صدع بقول الله سبحانه في الآية الثالثة والعشرين من سورة الشورى: «قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»، وتجاسرٌ على الإسلام العظيم الذي عظّم أمر أهل البيت وجعلهم امتداداً للرسول الأمين، وتجاسرٌ على الرسول الكريم الذي جعل أهل بيته المعصومين عِدل القرآن الحكيم، كما في حديث الثقلين المتواتر عند المسلمين جميعاً خاصة وعامّة، بقوله : «إني مخلّف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً، وأنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، ولاتقدّموهما فتهلكوا، ولاتعلّموهما فإنهما أعلم منكم» وتجاسرٌ على المقدّسات والقيم، والعلم والفضيلة، والأخلاق والإنسانية، وعلى كل الأحرار والأبرار، بل على كان الناس والبشر أجمعين).
إن بقاء قبور البقيع مهدمة، وعلى هذه الحالة المؤلمة التي يراها الناس، هو علامة مخزية لأمة الإسلام التي أثرت فكر البشرية بأسمى القيم الحضارية والمدينة مما يستوجب على كل من يهمه هذا الأمر أن يعمل على رفع هذه المظلومية بحق هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس. وأن من جملة الطرق التي يتخذها الناس لتقديس عظمائهم هي تخليد آثارهم وبناء قبورهم، فوجود قبور العظماء أو الآثار دلالة على مكانة أصحاب تلك القبور، وبما أن مكة والمدينة تأتيها الحجاج من كل بقاع العالم وقبور البقيع مشيدة، فإنها ستثير التساؤل عن أصحاب تلك القباب، وتلفت النظر إليهم، وكيف حصلوا على هذه المكانة، مما يؤدي لانحياز ذوي العقول إلى مذهبهم، لأن الجواب سيأتي كجواب الفرزدق لهشام (هؤلاء خير الناس كلهم).
وفي ظل تكاثر دعوات الانفتاح والحوار والتسامح الديني والمذهبي والطائفي وحرية التعبير واحترام الرأي الآخر، فان على المسلمين والموالين لأهل البيت عليهم السلام أن يجددوا دعوتهم للسعودية من أجل السماح بإعادة بناء هذه القبور مجددا، وعليهم القيام بالآتي:
1. الاهتمام الجاد المباشر بالذكرى السنوية لجريمة هدم البقيع في الثامن من شهر شوال، وذلك بعقد مجالس العزاء والمؤتمرات واللقاءات الصحفية والمعارض الوثائقية ونشر الكتب والمجلات الخاصة بذلك اليوم.
2. الدعوة للمحافظة على آثار المسلمين وأهل البيت عليهم السلام، لاسيما مقابر البقيع، والتعريف بها وأثرها الإيجابي على المسلمين والمؤمنين.
3. التركيز على الجانب الإعلامي والإنساني والحقوقي، لاسيما الدولي منها، فيما يتعلق بأحقية المسلمين في الاستفادة من آثارهم التاريخية والتمسك بها، والدعوة إلى حرمة مسها أو هدمها تحت ذرائع واهية.
4. تقديم مذكرات احتجاج لمختلف الأوساط السياسية والدبلوماسية بما فيهم رؤساء الدول الإسلامية والوزراء ونواب المجلس في الدول الإسلامية وغيرها بهدف التعريف بمظلومية أهل البيت عليهم السلام.