حفِظَ الترابُ مَقاسَ أرجُلِنا معاً
لمّا طوَينا الأرضَ في المشَّايه
لا زلتُ أذكرُ ذلكَ الشيخَ الذي
ينسابُ منفرداً ويرفعُ رايه
وفتىً بعمرِ الحزنِ يحبسُ دمعَهُ
بمضيفِ " ثار الله " يقدِّمُ شايَه
" أبشِر يَ زايِر " ثمَّ يخفضُ رأسَهُ
لحياءِ خدّامِ الحسينِ حِكايه
لا زلتُ أذكرُ أربعينياً بكى
والدمعُ في ُعرفِ الحنينِ وِشايه
لا زلتُ أذكرُ حينَ تهتُ فدلَّني
رجلٌ بعِلمِ " متى ؟ " لديهِ دِرايه
لا زلتُ أذكرُ كلَّ عامودٍ ، وفي
بالي المنارةُ للسَفينِ هِدايه
لا زلتُ أذكرُ كلَّ مَن قابلتُهُمْ
وإمامُهُم يختارُهُمْ بعنايه
لا زلتُ أذكرُ كيفَ أول نظرةٍ
تعطي اليتامى منهُ صَكَّ وِصايه
وكأنّما تلكَ القبابُ لمَيتَمٍ
والفاقدونَ بحاجةٍ لرِعايه
لا زلتُ أذكرُ عصبةَ الرأسِ التي
في الغيبِ معناها " شـــــهيٰدُ وِلايه "
كيفَ اللواتي كُنَّ يَندبنَ السِبا
ولبِسنَ للسترِ الجميلِ عَبايه
وبُكا الحيارى قربَ نهرٍ ما غفا
يوماً لشِدِّةِ ما لديهِ شِكايه
كانت تقولُ روايتي يا ليتني
يوماً أعودُ ، فما لطَمتُ كِفايه
وروايتي نفسُ الروايةِ ، كلَّما
جَدَّدتُني في الحزنِ ، قلتُ رِوايه
نجيب المنذر