هل نحن اسرى الماضي؟
عبودي جواد حسن
انا لا اعلم سر مفارقة اهتمامات الثقافات على كوكبنا هذا وازدوجيتها نظريا وتطبيقا وقد حيرني هذا الامر.فهناك ثقافات تدعوا الى تلبية حاجات بشرية معينة وتمارس افعالا لاتتفق اطلاقا مع هذه الدعوة النظريةبل تتناقض معها جملة وتفصيلا ولا تحقق الهدف المقصود بالرغم من توفر مقومات واسس تحقيق الهدف . وكل ما يتم تحقيقه تبذير اموالا وجهودا ووقتا وكل ما تحققه احيانا ان تفسح مجلا للتباهي والفخفخة من قبل الفاعلين ومموليهم. وبالمقابل هناك ثقافات اخرى غير ثقافتنا تدعو وترصد الاموال وتكثف الجهود وتوفر الاجواء التشجعية بالذات لتلبية حاجا ت ضرورية للحياة واستمراريتها وتعمل بصدق وعفويةللوصول الى مرادها بحيث لاتردعها معظم الاحيان فروقات انسانية خلقية اوغير خلقية وانما تتسم بالشمولية وتتجاوز الحدود الجغرافية كالاهتمام بالبحوث الطبية والمناخية والبيئية وغيرها تلك التي تهدد المستقبل والوجود على هذا الكوكب على خلاف ثقافات دول العالم الثاث التي لاتهتم الا بما مضى.
ثقافتنا الرائعة والجميلة تدعو في اشهر معينة من السنة الى اطعام الفقير والضيف في مناسبات دينية ورياضية عزيزة علينا.وهذا هدف سامي ونبيل وتوفر لهذا الهدف الاموال وتبذل الجهود ويضحي الناس القائمين على ذلك باوقاتهم تباركا وتيمنا بالقديسين من الامة كالائمة والانبياء واكراما للضيوف . ولكن ويا لها من ولكن هنا ينعدم التخطيط على مستوى الدولة والافراد معا ويتعاظم التبذير والاسراف في كل شيء جهدا ومالا ووقتا. ثقافتنا تتسم بالغالاة في معظم الافعال والمشاعر بحيث تستورد الامراض وتكثر الوفيات .
نحن امة حباها الله بخيرات لاتحصى ولكن نحن عبثنا بهذه الثروات وكثر فقرائنا وتضاعفت اعداد لصوصنا وسراقنا . نحن كامة غير متوحدة لدينا اعلى اجمالي دخل قومي واعلى اجمالي دخل محلي . فكيف لنا ان تكون لدينا اعلى نسبة فقر في العالم وبعض ابنا شعبنا يعيشون تحت خط الفقر . هذه جريمة من جرائم التاريخ. لو كنا في منتهى النضوج الفكري كما هي شعوب وامم اخرى:هل كان لنا هذا الكم من الفقراء واللصوص ؟.
انا لا اقول ان هناك امة مثالية لا ولكن اقول انعدام اوفقر التخطيط يؤدي الى خراب الامم غير المتوحدة. ولابد من القول ان هناك امم اعداد سكانها الاعلى في العالم الا ان نسبة الفقر يقيتا واطئة و لا حاجة لهم لاقامة الولائم الباذخة وتبذير اموال وثروات البلاد ولاحجة للجهلاء بالتباهي والفخفخة .الا انه لا بد من الاعتراف هنا ان بعض هؤلاء من ابنائنا يمتازون بالشهامة وبسريرة طيبة ويعملون بنبة صافية صادقة لنيل الحسنات.
وخلاصة الموضوع وخاتمته وما اردنا قوله ونعتقده وربما تشاركنا عزيزي القاريء بهذا الاعتقاد اننا امةغير متوحدة ما زالت تعيش في الماضي الا ما ندر من مكوناتها ولا تستخدم ماضيها جسرا لمستقبلها وتضيع جهود ابناءها وتبذر ثرواتها وتهدر سنوات اجيالها بالفخر الخاوي فقط وتعيش حاضرها دون حسبان للمستقبل. كل هذا لا يعني الغاء الماضي واقصائه والعمل الجاد في الحاضر من اجل المستقبل ولكن ايجاد ربط منطقي ومعقول لاركان دورة الحياة الزمنية الثلاثة يمكن العمل بموجبه.