المشرفين القدامى
تاريخ التسجيل: October-2022
الجنس: ذكر
المشاركات: 36,472 المواضيع: 26,311
آخر نشاط: 1/November/2023
الناخبون الأتراك بين "سلطوية" أردوغان ووعود المعارضة... هل يخسر "الريس" "القصر الأبيض
الناخبون الأتراك بين "سلطوية" أردوغان ووعود المعارضة... هل يخسر "الريس" "القصر الأبيض"؟
نشرت في: 25/04/2023
بعد عقدين في الحكم، الأول كرئيس وزراء والثاني كرئيس للبلاد، يتطلع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الفوز بولاية جديدة على رأس البلاد. لكن حصيلته في الحكم، التي تقيّم بأنها "سلبية"، يمكن أن تؤثر على مشاركته في السباق الرئاسي يوم 14 مايو/ أيار أمام منافسه الرئيسي، مرشح المعارضة الموحدة، كمال كليتشدار أوغلو. عودة على حصيلته مع المحلل السياسي أحمد إنسيل.
يسيّر تركيا منذ عشرين عاما بيد من حديد وهو اليوم ضمن المتنافسين على رئاسة البلاد. ستكون الانتخابات الرئاسية في 14 مايو/ أيار امتحانا صعبا بالنسبة للرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان.
الأزمة الاقتصادية، التضخم المتصاعد بحدة، الانزلاقات السلطوية، تدبير مخلفات الزلزال الأخير، الذي أدى إلى مقتل 50 ألف شخص وفق أرقام رسمية... كلها عناصر لحصيلة غير مرضية، يمكن أن يخسر بسببها الرجل القوي في تركيا "القصر الأبيض".
فرنس24 تعود مع المحلل السياسي أحمد إنسيل على عشرين عاما من حكم من يناديه أشد أنصاره بـ"الريس".
- فرانس24: بعد عشرين عاما من الحكم، هل لا يزال رجب طيب أردوغان يحظى بثقة الشعب؟
أحمد إنسيل: لقد تراجعت شعبيته منذ 2020. في 2018، حصد 52 بالمئة من الأصوات في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية. أما في الوقت الحالي، الكل يؤكد أن عدد الأصوات التي بإمكانه الحصول عليها في الدور الأول لا تتجاوز 40 أو42 بالمئة. هو تراجع نسبي لكن عقب 20 عاما من وجوده على رأس البلاد. وهذا ليس بالأمر الهين بالنظر إلى آثار تآكل السلطة والأزمة الاقتصادية الحالية. قد يخسر الانتخابات الرئاسية لأنه أراد الانتقال إلى نظام رئاسي حيث يجب الفوز بأكثر من 50 بالمئة من الأصوات. إن كان احتفظ بنظام برلماني، لكان بإمكانه تجاوز كل الحواجز. إلا أن رغم الزلازل، وهو ما يستغرب له، هناك صمود نسبي في الدعم المقدم لأردوغان. لكن هناك أيضا الخوف من التغيير الذي تتعهد به المعارضة.
- فرانس24: ما هي الحصيلة التي يمكن استخلاصها من وجوده عشرين عاما في الحكم؟
أحمد إنسيل: الحصيلة سلبية على ثلاثة مستويات. في بادئ الأمر، وصل إلى السلطة في وقت كان فيه نظام سلطوي إلى حد ما ديمقراطي، وتعهد بتعميق الديمقراطية المحافظة لكن برلمانية، مع توسيع الحقوق. لينتهي إلى نظام رئاسي متشدد، قمعي جدا، الذي أفرغ المجتمع المدني من محتواه، يكمم الإعلام، نظام استبدادي يستمد شرعيته من الانتخابات. تركيا لم تتقدم على مستوى الديمقراطية.
بخصوص الاقتصاد، في سنوات الألفين، اعتمد أردوغان سياسة نيوليبيرالية للاستقرار، مستغلا وضعا دوليا يصب في مصلحته. بعد محاولة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في الـ15 عاما، استفادت تركيا كثيرا من الاستثمارات الأجنبية. وانتقل دخل الفرد الواحد من 3000 دولار في 2002 إلى 12000 دولار في 2012، وهو المستوى الأكثر ارتفاعا. ومنذ ذلك الحين، تراجع. وهو الآن في 9000 دولار وهو مستوى 2007-2008. والأزمة الاقتصادية هي في معظمها نتاج سياسته منذ 2018. وتراجعت الليرة التركية بشكل كبير، وفقدت أكثر من 200 بالمئة أمام اليورو خلال أربع سنوات. وفي الوقت الحالي، تركيا تحتل المرتبة الثانية عالميا على مستوى التضخم. وبلغت نسبته في العام الماضي حتى 80-90 بالمئة رسميا، وقد تكون تجاوزتها بكثير. وحاليا، يجاور معدل التضخم نسبة 60 بالمئة. الطبقة الوسطى تم تفقيرها. عندما وصل أردوغان إلى السلطة، تركيا كانت تنتمي إلى مجموعة العشرين منذ 2009، وكانت تحتل المرتبة 17 عالميا بخصوص معدل الناتج الداخلي الخام. في الوقت الحالي، توجد في المرتبة 20. كان بالإمكان أن تكون الحصيلة إيجابية، لكن الرئيس ضيع مكاسب عقده الأول من وجوده في الحكم.
وفي الأخير هناك الإيديولوجيا. في بداية سنوات الألفين، رجب طيب أردوغان كان يتحدث خطابا محافظا ثقافيا وليبيراليا سياسيا، خاصة حول الاعتراف بأسئلة الهوية الجنسية. وبخصوص التعليم، كان ينشد سياسة مفتوحة. بدءا من 2010-2011، اتجه نحو خطاب وطني قح، حسب المصطلحات التي كان يستخدمها: قومي تركي ويجسد القيم الإسلامية السنية. وبدأ يقول إن هدفه تأهيل "شباب تقي"، وهو خطاب جديد لم يسجل في العشر سنوات الأخيرة التي سبقته. وفي الإدارة، مارس المحسوبية بتعيين أشخاص، درسوا في مدارس تخريج الأئمة والدعاة، في مناصب المسؤولية. ووسع الدروس الدينية في البرامج المدرسية. واستخدم إدارة الشؤون الدينية "الديانات"، كدراع إيديولوجي لتأطير السكان في إيديولوجيا دينية تشبه تلك المعتمدة من قبل الإنجيليين الأمريكيين. وفي الأخير، قام بمسألة لها رمزيتها الخاصة: تحويل كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد.
- فرانس24: وماذا عن السياسة الخارجية؟
أحمد إنسيل: لقد صارت تركيا قوة إقليمية لكن تثير مخاوف جميع دول الجوار: سوريا طبعا، العراق، إيران، اليونان... وعلى خلاف ما تعهد به أردوغان في سنوات 2000، هو بلد يبدو كمصدر للمشاكل، وليس حلا لها. ويستغل الموقع الجغرافي ليضع نفسه كوسيط بين أوكرانيا وروسيا. يدين الاحتلال الروسي لكن يواصل علاقاته التجارية مع روسيا. مواقفه في الحلف الأطلسي متناقضة. ملف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي جمد نهائيا. لا يحترم قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
- فرانس24: كيف يفسر التحول الإيديولوجي، لا سيما الديني، لدى رجب طيب أردوغان؟
أحمد إنسيل: لقد تلقى تكوينه ضمن إسلام سياسي. انتخب عمدة لإسطنبول عن حزب "الرفاه الإسلامي" في سابقة. في نهاية التسعينيات، تبنيه للإسلام السياسي حكم عليه بالبقاء كأقلية ناشطة. وإلى جانب سياسيين آخرين، كعبد الله غول الذي انتخب رئيسا للبلاد في 2007، أدرك أنه يجب إعادة تركيز هذا الخطاب واحتلال مجال اليمين الوسطي. فوزه في الانتخابات التشريعية في 2002 و2007 كان نتيجة هذا التموقع السلطوي، محافظ ثقافيا لكن ليبيرالي اقتصاديا وديمقراطي إلى حد ما سياسيا، وهذا ما ضمن له نوع من الدعم الدولي. في 2011، وبفوزه الثالث في الانتخابات التشريعية حيث حصل على 49 بالمئة من الأصوات، أصبحت له أغلبية برلمانية. فبدأ في إرساء سياسة محافظة دينية. ثم بعدها حضر عامل الربيع العربي. اكتشفنا أنه كانت له علاقات مهمة مع "الإخوان المسلمون". واعتبرها فرصة للظهور كنجم صاعد للمسلمين "الديمقراطيين" في المنطقة، من الجزائر حتى سوريا. ويمكن أن يكون الأخ الأكبر للإخوان الديمقراطيين. دعم محمد مرسي في [مصر]، المعارضين السوريين، النهضة في [تونس]. وبدأ يغيّر تعاطيه مع الأحداث الدائرة حوله مع الإطاحة بمرسي والدعم الذي قدمته الولايات المتحدة وفرنسا للسيسي، وتحول النهضة إلى عدو للدولة، فصار يحتاط من علاقاته مع الغرب. إنه مريض بجنون الارتياب "البارانويا".. في 2014 انتخب رئيسا للجمهورية. ومنذ يونيو/ حزيران 2015 فقد حزبه الأغلبية في البرلمان. وأدرك أنه لم يعد بإمكانه الفوز في الانتخابات بمفرده، فتحالف مع حزب اليمين المتطرف القومي، "حزب الحركة القومية"، الذي كان يعارضه بشراسة. كان الطرفان يشتمان بعضهما البعض. وحصل تقارب في المصالح بينهما للحصول على أغلبية رئاسية وبرلمانية في 2018. وهذا، يضعه ضمن يمين متشدد قومي وديني.
- فرانس24: هل سيكون لزلزال 6 فبراير/ شباط تأثير على الاقتراع؟
أحمد إنسيل: قد تؤدي طريقة تدبيره للزلزال إلى إضعافه قليلا جدا. لكن، وفقا لاستطلاعات الرأي، الناخبون الذين اقتنعوا بالتصويت ضد أردوغان هم اليوم أكثر اقتناعا. إلا أن الزلازل حدثت في المناطق التي تعد خزانا للأصوات لأردوغان، باستثناء أنطاكية. قد يفقد أصواتا نسبيا فيها بينما على الصعيد الوطني سيكون تأثير هذه الزلازل محدودا.
- فرانس24: في حال فوز كمال كليتشدار. ما هو السيناريو المتوقع؟ هل سيعترف أردوغان بخسارته؟
بحكم أن أردوغان هو الذي عين قضاة المجلس الأعلى للانتخابات، الناس يتخوفون من أن يعلنوا فوزه قبل أن تقدم المعارضة الطعونات. جميع أحزاب المعارضة موجودة داخل المنصة الأمنية الانتخابية حتى يكون لها مراقبوها في جميع المكاتب الانتخابية. هناك 192 ألف مكتب انتخابي في تركيا. الهدف تواجدها في 160 ألفا منها على الأقل.
- فرانس24: ما الذي سيتغير جذريا في حال وصول المعارضة إلى الحكم؟
أحمد إنسيل: ستبعث الحكومة بإشارات أكثر إيجابية إلى الاتحاد الأوروبي، وتتخذ إجراءات تشريعية، إن كانت تتوفر على أغلبية برلمانية، لتغيير النظام. يمكن تغيير القانون الجنائي، للعودة إلى نظام الحريات الأساسية. السياسة الخارجية قد تتغير بدرجة أقل، لأن المحيط الدولي سوف لن يتطور مستقبلا. لن تكون هناك مواقف عدوانية بل سلمية. ستكون العلاقات مع الحلف الأطلسي أقل توترا. عدم الاعتراض على انضمام السويد للحلف. ومن المحتمل أن تلغي المعارضة في حال وصولها إلى الحكم شراء إس-400 الروسية مصدر خلافات مهمة مع الولايات المتحدة. ومن المحتمل أن تهب رياح الحرية خلال أشهر. بعدها، سيكون للأحزاب الموجودة في السلطة ممارسة مهامها بشكل مناسب.