بعد أن كانت واحدة من أكثر المدن قدسية في أوروبا، تحولت إليوسيس من مكان جميل وغامض إلى كابوس ملوث.. فكيف تستعيد دورها اليوم كوجهة جاذبة في اليونان؟

تقع مدينة اليوسيس القديمة على تلٍّ مواجه لمياه البحر الصافية للخليج الساروني.

وكانت جميلة منذ أكثر من 3 آلاف عام، حيث جذبت الأقوياء والمشاهير والفضوليين.
وفي الزمن الحديث، خسرت اليوسيس نعمتها وحُجبت عجائبها بسبب عمليات البناء والتلوث.
ولكن، تعود المدينة اليوم إلى دائرة الضوء.
ففي عام 2023، مُنحت لقب العاصمة الثقافية لأوروبا، وهو لقب تشترك فيه مع تيميشوارا في رومانيا و فيزبرم في المجر.



عُرف ميناء إليوسيس بسفنه الصدئة والمهجورة.

ولادة إبداعية

ونجحت عشرات المدن، التي حملت لقب "العاصمة الثقافية" سابقًا، في تعزيز التجديد الحضري وفرض مكانها على رادار السفر.
ويأمل منظمو برنامج اليوسيس 2023، وهو برنامج للأحداث الفنية، في تحقيق نتائج مماثلة.
وقدم حفل الافتتاح في أوائل شهر فبراير/ شباط لمحة إبداعية عن المدينة.
ففي أرض مصنع طلاء قديم، اجتمع شمل "ستيريو نوفا"، الثنائي الموسيقي الإلكتروني الأكثر شهرة في اليونان في التسعينيات، في حدث مباشر لمرة واحدة.



يقول مالك المتجر، نيكوس أنطونيو، إنه يجب بذل مزيد من الجهد لتحويل اليوسيس إلى وجهة سياحية كاملة.

ومن بين الأحداث البارزة القادمة هذا الصيف هي مسرحية "Ma" للمخرج والكاتب المسرحي الإيطالي روميو كاستيلوتشي، والتي ستُعرض خصيصًا في موقع اليوسيس الأثري.
وتعد اليوسيس، وهي مسقط رأس إسخيلوس، والمعروف باسم والد المأساة، ليست فقط المدينة الأقدم، ولكنها أيضًا أصغر مدينة تم اختيارها على الإطلاق كعاصمة ثقافية، منذ إنشاء المفهوم قبل حوالي 40 عامًا.
وتحتاج بدورها إلى تحسين صورتها وسجلها البيئي.
ويعد مصنع الطلاء السابق الذي أعيد استخدامه لأغراض أخرى، وطاحونة زيت الزيتون السابقة، وصالة البولينغ القديمة من بين 30 موقعًا يستضيف أحداث هذا العام.
ويجمع البرنامج الثقافي، الذي يحمل عنوان "الألغاز في تحول"، أكثر من 300 فنان يوناني وعالمي.


هذه الصورة تعكس عملية تحويل مطار أثينا السابق إلى أكبر مشروع فاخر في أوروبا.

وتعد أنتونيو ديلي هي مؤسسة محلية افتتحت أبوابها لأول مرة في الخمسينيات من القرن الماضي. ويترأس نيكوس أنطونيو، وهو ابن المالك الأصلي، مجموعة من الأجبان والأطباق المصنوعة يدويًا من جميع أنحاء اليونان.
وقال: "يمكن للعاصمة الثقافية أن تعزز الأعمال التجارية المحلية وأن تسلط الضوء أيضًا على الجمال الخفي لإليوسيس.. لقد نشأت هنا وكان التلوث مصدر القلق الرئيسي.. هناك الكثير مما يتعين القيام به".
وأجرى مايكل سكولوس، أستاذ الكيمياء البيئية في جامعة أثينا ومدير مختبر الكيمياء البيئية التابع لها، بحثًا مكثفًا، حيث راقب تلوث المياه في اليوسيس لعقود.
وأوضح: "خليج اليوسيس لم يمت.. نحن نتحدث عن مريض يمكنه التعافي بالعلاج الصحيح، وقد تعافى بالفعل جزئيًا.. منذ بضع سنوات، ولأول مرة على الإطلاق، رأيت الدلافين والسلاحف البحرية، وحتى الفقمات".
وسيجد زوار اليوسيس اليوم طرقًا مخصصة للمشاة تصطف على جانبيها أشجار اليوسفي المزهرة والمقاهي الملونة التي تجعل التنزه ممتعًا، حتى في فصل الشتاء.
وعلى طول الساحل مباشرة، يجري بالفعل تنفيذ خطة تجديد من شأنها تحويل إلينيكون، وهو موقع مطار أثينا السابق، إلى أكبر مشروع فاخر في أوروبا.


يقع فندق اليوسيس على مسافة قريبة من مطار أثينا الدولي.

وفي الوقت الحالي، لا تزال اليوسيس مدينة عمالية يبلغ عدد سكانها حوالي 30 ألف نسمة.
وتستضيف حاليًا الأوكرانيين الفارين من العدوان الروسي في مخيم كان في السابق موطنًا للسوريين واللاجئين الآخرين من الشرق الأوسط.
من المتوقع أن يزور اليونان أكثر من مليون شخص من الولايات المتحدة وحدها هذا العام، وفقًا لوزارة السياحة اليونانية، التي تتوقع عامًا قويًا لقطاع السياحة.
ومع هبوط غالبية الرحلات الدولية في العاصمة أثينا، فإن موقع اليوسيس مثالي كوجهة يسهل الوصول إليها.