العيد في الإمارات.. عادات راسخة وسنع أصيلة



تتعدد مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك، وتختلف من وقت لآخر متأثرة بتطور الحياة البشرية، فنجدها في الماضي مختلفة بشكل كبير عنها في الوقت الحالي، وسط فرحة كبيرة، وتبقى الطقوس الإماراتية، التي مارسها الآباء والأجداد عنواناً للأجيال بتشجيع من القيادة الحكيمة، التي غرست في الشباب حب التراث والموروث والتمسك بالعادات والتقاليد، ولا يزال أبناء الإمارات يحتفظون بها، ويستعيدون تفاصيلها، ويجدون فيها الفرحة الحقيقية، التي توقظ الذكريات.
روابط وثيقة
وتتميز الإمارات بعادات وتقاليد ذات روابط وثيقة مع بقية الشعوب العربية والإسلامية، في مثل هذه المناسبة، إذ تعم فرحة العيد في جميع إمارات الدولة، من خلال تبادل التهاني والزيارات وابتسامات الأطفال والالتقاء مع العائلة والأصدقاء والجيران، لتناول «الفوالة» وحلويات العيد المتنوعة.ويعتبر التجمع العائلي والاجتماع مع الأصدقاء وصلة الرحم وتعزيز الروابط الإنسانية، وتبادل زيارات المعايدة، كلها سمات ارتبطت بالعيد، إضافة إلى باقي طقوسه ومظاهره الاحتفالية، التي تحمل معها الفرح والسرور في نفوس الصغار والكبار على حد سواء، كما يحتفل الأطفال بارتداء الملابس الجديدة، والحصول على الهدايا النقدية «العيدية»، والهدايا العينية، وأداء الألعاب الشعبية.

مراسم الأهازيج
وحول طقوس العيد، وكيفية الاحتفال به والعادات والسنع الأصيلة لمجتمع الإمارات في مثل هذه المناسبات، تقول ناعمة الشامسي مستشارة أسرية ونفسية: تتشابه صور ومظاهر الاحتفاء بعيد الفطر المبارك في مختلف مناطق الدولة، فالعادات والتقاليد واحدة، وأبرزها صلاة العيد وزيارة الأقارب والأصدقاء في مجموعات، والتجمع مع العائلة والأصدقاء، لتناول الطعام التقليدي مثل «الهريس والخبيص واللقيمات والعرسية والبلاليط»، وغيرها من مظاهر الفرح كأداء الفنون التقليدية، وترديد الأهازيج الشعبية في جو تسوده المودة والرحمة والسعادة، مما يعزز الروابط الإنسانية.
وأضافت: إن الاستعدادات في السابق للعيد كانت تبدأ قبل رمضان، حيث يبدأ رب الأسرة بعمل «طرشه» للتحضير لرمضان وجلب ما تيسر له من حطب وفحم، ثم «طرشه» بأول رمضان لشراء الملابس والعود حسب المقدرة، تليها «طرشه» بأول العشر الأواخر من رمضان لشراء احتياجات البيت من حب الهريس والأرز وورق الحناء وورق الياس.
وتبدأ طقوس العيد قبلها بسماع صوت «المنحاز» في البيت لطحن وتنعيم ورق الياس المستخدم لشعر النساء «العجفة»، والحناء للنساء والفتيات، والطحن على الرحى لعمل خبيصة «عصيدة» العيد، ويبدأ صباح العيد بالسلام على الموجودين بالمصلى، والتنقل من برزة إلى برزة «المجلس»، لتناول قهوة العيد، التي تكون بمشاركة جيران الفريج، وينتهي المشهد الذي ينتظره الجميع عند «مريحانة العيد» التي تكون مثبتة في أحد أشجار السمر الظليل، لتبدأ وتجمع الكبار والصغار والنساء والرجال، وتبدأ «الرزفة واليولة» للرجال و«النعيش» للفتيات والغناء للنساء، وغيرها من مظاهر الفرح، ويتكرر المشهد ليلاً ونهاراً لمدة لا تزيد على ثلاثة أيام.وترى الشامسي أن هناك فرقاً واضحاً بين الأمس واليوم، فالعيد قديماً له أجواؤه، أما حديثاً فيقتصر على السلام والتجمع بالحدائق والمراكز التجارية.
وتضيف: بالنسبة للروابط الاجتماعية قديماً كانت أقوى، فالكل حريص على السلام وصفاء النية، وكذلك وجود من يصلح بين المتخاصمين أثناء العيد، وإفشاء السلام بينهم، كما كانت الاحتفالات تقام في الأحياء، فتجد في كل حي أشجار السمر معلقة بها «المريحانة»، ويجتمع فيها الأهالي والأطفال للابتهاج بهذه المناسبة، والاحتفالات تقام بشكل يومي صباحاً ومساء، بحضور النساء والرجال.
فرحة
ويحكي المواطن ناصر أكرم أن النساء في الإمارات قديماً يبدأن الاستعداد لعيد الفطر، منذ شهر شعبان فيجهزن المير، وهو المؤونة أو الطعام لشهر رمضان، والمواد الغذائية التي تستخدم للعيد، ولا تكتمل فرحة العيد إلا بإعداد الأكلات الشعبية الخاصة بهذه المناسبة، وأهمها الهريس، الثريد، البلاليط، العصيد.
مناسبات فاضلة
ويرى المواطن فرج إسماعيل أن العيد من المناسبات الفاضلة والجميلة، التي حث الدين الإسلامي على التفاعل معها، لما لها من ترابط أسري واجتماعي يهدف إلى تصفية النفوس، واستعدادات تختلف من زمن لآخر.
وأضاف: إن استعدادات العيد اختلفت قبل الاتحاد وبعده من حيث المظهر، إلا أن طقوس العيد قديماً لا تختلف عن الحالي من حيث المبدأ، حيث تبدأ مراسم عيد الفطر بالانطلاق لصلاة العيد في المسجد، ثم السلام على من نجده بالطريق، والتجمع عند بيت أحد أعيان الفريج، وإحضار كل واحد منهم ما تجود به نفسه من أكل، ثم زيارات الأقارب والسلام عليهم.
سلة زهور
ويقول محمد الأصلي: إن الكثير من الناس اليوم استبدل زيارة العيد برسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما أضعف الروابط الاجتماعية، حتى أصبحنا في المجالس مجتمعين، ولسنا مجتمعين لانشغالنا بالهواتف.
وعن الاختلاف بين وجبات العيد في الماضي والحاضر يقول الأصلي: وجبات الأمس متنوعة متمثلة في الأكلات الشعبية المتعارف عليها مثل ذبائح على السفرة الرئيسية واللقيمات والبلاليط وخبز رقاق والعسل والتمر أو الرطب والقهوة والشاي مع الفواكه، التي تقدم بدون تكلف، أما الآن فالمائدة تغيرت وسلة الفواكه الآن أصبحت سلة زهور، ودخلت أكلات جديدة مثل البيتزا والفطائر والآيس كريم والحلويات المختلفة الأشكال والأنواع.