"الناس يموتون من العطش": آلاف السودانيين يُجبرون على النزوح

نشرت في: 21/04/2023

فرانس24

بالتزامن مع احتفال العالم الإسلامي بعيد الفطر يوم الجمعة 21 نيسان/أبريل، تستمر الاشتباكات في السودان على الرغم من دعوات لوقف إطلاق النار. في اليوم السابع من القتال بين الجيش النظامي والقوات شبه العسكرية، أجبر العديد من السكان الذين لم يعد لديهم طعام أو ماء، على مغادرة بيوتهم ومدنهم بحثا عن مأوى أكثر أمنا. بين النقص الحاد بمستلزمات العيش الأساسية والهروب اليائس إلى المناطق التي نجت من القتال، يروي مراقبونا فوضى الأيام الأخيرة.

تعود أسباب الاقتتال الذي اندلع السودان في 15 نيسان/أبريل إلى توتر العلاقة بين الجنراليَن منذ الانقلاب الذي قاداه كلاهما، في تشرين الأول/أكتوبر 2021 ضد التحول الديمقراطي في البلاد. عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة السودانية، ومحمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية، يتنافسان الآن على السلطة ولا يترددون في إغراق البلاد في حمام دم.
في العاصمة الخرطوم على وجه الخصوص، تعاني العديد من العائلات من نقص في الغذاء والمواد الطبية بينما تنقطع الكهرباء والمياه الجارية عن عدة أحياء...
"قوات الدعم السريع تحتل محطة مياه بحري"
مراقبتنا انتصار محمود، من سكان شمال غرب العاصمة، تصف الوضع غير المحتمل الذي تعاني منه مع أبناء المنطقة:
منذ السبت الماضي ١٥ نيسان/أبريل [ تاريخ بدء المعارك في السودان]، وليس لدينا لا مياه ولا كهرباء في منطقة الحلفايا بحري. من أجل الحصول على بعض مياه الشرب، يقوم أبناء الحي بالتوجه إلى مناطق أخرى قريبة لم تنقطع فيها المياه وينقلونها عبر غالونات كبيرة.
اتصلت بمحطة مياه "بحري" لإعلامهم بوضعنا وللاستفسار عن أسباب تأخر وصول المياه إلى منطقتنا إذ أكد لي أحد الموظفين أن قوات الدعم السريع، المتمركزة بداخل المحطة، تمنع فرق المهندسين من الوصول إلى المكان لإصلاح الخلل والقيام بأعمال الصيانة.
منطقتنا تعيش حاليا حالة هدوء إلا أن الأحياء المتاخمة لنا تشهد اشتباكات متقطعة بالأسلحة الخفيفة بين الحين والآخر، إلا أننا نعاني جدا جدا من تأخير إصلاح محطة المياه و تواصل انقطاع المياه.


أرسل لنا مراقبنا في منطقة حلفايا-بحري بالعاصمة السودانية الخرطوم ، مقطعاً مصوراً الجمعة 21 نيسان أبريل 2023، يُظهر معاناة سكان الحي وهم ينتظرون دورهم للحصول على بعض مياه الشرب. "أهل بحري يموتون من العطش"، يحذر مراقبنا في الفيديو.
كما أن القتال يمنع أفراد الخدمات الطبية من العمل. وقالت نقابة الأطباء السودانية إن ما يقدر بـ"70 من أصل 74 مستشفىً في الخرطوم والمناطق المتضررة من القتال قد خرجت عن الخدمة".
نقص العاملين في دار رعاية الطفل اليتيم
وأطلق عبد الله آدم، الذي يعمل ممرضا في دار رعاية الطفل اليتيم (المايقوما) في الخرطوم، نداءات يائسة على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف الحصول على المساعدة في ظل معاناة المنشأة من نقص شديد في أعداد المتطوعين.
يقطن المركز أطفال تترواح أعمارهم بين بضعة أيام فقط لـ5 سنوات. هؤلاء الأطفال هم مجهولي الأبوين ونسميهم فاقدي السند. في الوقت الحالي هناك أكثر من 350 طفل متواجدون في المركز في ظل نقص حاد بالكوادر والمعدات الطبية، وبأعداد الأمهات المُرضعات. التغذية والرضاعة لا تستغرق عادة أكثر من بضعة ساعات ولكن أعداد الأفراد الذين استطاعوا تقديم المساعدة قليلة للغاية.
وتقول الأمم المتحدة إن ما بين 10 و 20 ألف مدني هاجروا البلاد إلى جمهورية تشاد المجاورة. كما سلك العديد من السكان الطريق المؤدي إلى بلدة ود مدني (200 كيلومتر جنوب العاصمة) في محافظة الجزيرة التي لم تشهد اشتباكات بسبب عدم وجود منشآت عسكرية على مقربة.

ولجأ نازحون من العاصمة بين سكان بلدة الكاملين الصغيرة الواقعة على طريق ود مدني. كما تم تحويل سكن للطلاب إلى مركز استقبال.

يرحب سكان الكاملين، وهي بلدة صغيرة على الطريق المؤدي إلى ود مدني، بالسكان الذين فروا من القتال في الخرطوم يومي 20 و 21 نيسان أبريل.
"يصل الناس وبحوزتهم بضعة أشياء محملة على أكتافهم"


اندفع سكان العاصمة بأعداد كبيرة إلى الشوارع للفرار من القتال. ويظهر هذا الفيديو الذي صوره مراقبنا في ود مدني يوم الأربعاء 19 أبريل 2023 وصول حافلات وسيارات تقل نازحين من العاصمة. © فرانس 24 مراقبون
فاضل (اسم مستعار) ناشط في لجان المقاومة الشعبية في ود مدني، كان قد شارك في استقبال العائلات الوافدة من الخرطوم.
المتطوعون يتقبلون العائلات في محطة حافلات ود مدني، أغلبها جاءت من الخرطوم. يتم إيواؤهم في المدارس ومنازل المواطنين.
يتم نقل العائلات إلى أماكن إقامتهم، سواء في مدارس أو بيوت هيئها ناشطون. تعطى الأولوية للأطفال والنساء وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة. يصل الناس بدون أغراض وبدون نقود. وصلت أمس [الخميس 20 نيسان/أبريل] عائلة لم تكن تملك حتى حتى مبلغ تذكرة الحافلة. المتطوعون تكفلوا بذلك.
بفضل التبرعات، تمكنا من توفير الطعام للعائلات حتى الآن، لكن الوضع سيصبح أكثر تعقيدا مع مرور الوقت، لأن الأسعار آخذة في الارتفاع. وارتفع سعر كيس السكر 50 كيلوغراما من 30 ألف [حوالي 45 يورو] إلى 42 ألف جنيه سوداني [حوالي 63 يورو] في اليومين الماضيين. أما سعر كيس الدقيق ارتفع من 9500 [حوالي 14 يورو] إلى 17 ألف جنيه سوداني [حوالي 27 يورو].
العديد من العائلات لا تملك المال. والمواد الأساسية كالعدس والزيت والفوط الصحية.
واضطرت معظم منظمات الإغاثة الدولية إلى تعليق المساعدات بعد مقتل ثلاثة من موظفي برنامج الغذاء العالمي في بداية الاشتباكات.
وبلغ عدد القتلى 413 قتيلا و3551 جريحا، بحسب منظمة الصحة العالمية.