تونس تندد بالمواقف المنتقدة لقرار توقيف الغنوشي وإصدار مذكرة إيداع بالسجن في حقه

نشرت في: 21/04/2023

نص:فرانس24تابِع

رفض الرئيس التونسي قيس سعيّد في فيديو بثته الرئاسة مساء الخميس بشدة الانتقادات التي صدرت عن "بعض العواصم والجهات إثر الإيقافات الأخيرة" في بلاده واعتبره تدخلا غير مقبول "في شؤوننا". وكانت أحزاب تونسية على رأسها حركة النهضة وجبهة الخلاص الوطني نددت بإصدار مذكرة إيداع بالسجن في حق راشد الغنوشي، فيما كانت أطراف دولية عدة بينها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة انتقدت توقيفه.


انتقدت الرئاسة التونسية انتقادات لقرار توقيف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي المعارض الرئيسي للرئيس قيس سعيّد في البلاد ولقرار القضاء الخميس إصدار مذكرة إيداع بالسجن في حقه.
وكان الغنوشي أوقف مساء الإثنين بعد أن حذر من "إعاقة فكرية وإيديولوجية في تونس تؤسس للحرب الأهلية" في حال القضاء على الأحزاب اليسارية أو تلك المنبثقة من التيار الإسلامي مثل النهضة. وانتقدت أطراف عدة توقيفه، بينها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ووفق المحامي مختار الجماعي، قرر قاضي تحقيق إصدار المذكرة بحق الغنوشي البالغ 81 عاما بعد استجواب استمر أكثر من تسع ساعات على خلفية تهمة التحريض على حرب أهلية.
وردا على القرار، قالت جبهة الخلاص الوطني في بيان على فيس بوك: "أصدر فجر اليوم قاضي التحقيق بالمكتب 33 لدى محكمة تونس الابتدائية بطاقة إيداع بالسجن في حق رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي بتهمة التآمر على أمن الدولة والعمل على تغيير هيئة الدولة بالقوة".

وأضافت "إن إحالة أهم شخصية سياسية، بحكم موقعها وحضورها في مقدمة المشهد السياسي التونسي لأكثر من أربعين سنة، بناء على رأي أدلى به بمناسبة ندوة فكرية حوارية نظمتها جبهة الخلاص الوطني، إنما يدل على انهيار حالة الحريات في البلاد والذي انتهى إلى تجريم حرية الرأي والتعبير والنشاط السياسي السلمي، كما يقوم دليلا قطعيا على فشل السلطة القائمة في إعداد ملف قضائي جدي في حق رئيس حركة النهضة وقياديها الأول".
وفي بيان أكد الحزب أن "مداخلة راشد الغنوشي محل التتبع العدلي ليست فيها أي دعوة للتحريض ولا تمس بالسلم الأهلي"، منددا بـ"قرار سياسي بامتياز". وأضاف البيان أن الحركة تعتبر أن الغنوشي "رمز وطني قضّى ردحا من عمره في مقاومة الدكتاتورية والنضال السلمي من أجل الحريات والديمقراطية".

والغنوشي أبرز معارض يتم توقيفه منذ انفراد سعيد بالسلطات في البلاد في يوليو/تموز2021. وبحسب وسائل الإعلام، أوقف خمسة من كبار مسؤولي النهضة.
استنكار وقلق دولي بعد توقيف الغنوشي
وكانت الولايات المتحدة استنكرت مساء الأربعاء "تصعيدا مقلقا" في تونس بعد سجن حوالي عشرين معارضا وشخصيات أخرى بينهم رجال أعمال ومدير محطة "راديو موزاييك" الإذاعية التي تحظى بأكبر عدد من المستمعين في البلاد، منذ مطلع فبراير/شباط. وأكدت الخارجية الأمريكية أن "عمليات التوقيف التي تنفذها الحكومة التونسية لمعارضين ومنتقدين تتعارض تماما مع المبادئ التي تبناها التونسيون في دستور يضمن حرية الرأي والفكر والتعبير".
بدوره، أعرب الاتحاد الأوروبي عن "قلقه" الكبير الثلاثاء بعد توقيف الغنوشي مذكرا بأهمية "المبدأ الأساسي للتعددية السياسية". كذلك، قالت فرنسا إن عملية التوقيف هذه "جزء من حملة توقيفات مقلقة" مؤكدة "تمسكها بحرية التعبير واحترام سيادة القانون".
من جانبها، حذرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الجمعة من تراجع تونس عن أسسها الديمقراطية، بعد إيقاف الغنوشي.
وقالت بيربوك للصحافيين إن برلين تشعر "بأكبر قدر من القلق" حيال توقيف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، مضيفة "يجب عدم خسارة الإنجازات الديمقراطية التي تحققت في تونس منذ 2011".
في المقابل، رفض سعيّد بشدة هذه الانتقادات في فيديو بثته الرئاسة مساء الخميس. وقال: "ما صدر عن بعض العواصم والجهات إثر الإيقافات الأخيرة غير مقبول"، مضيفا: "نحن دولة مستقلة وذات سيادة ولا نقبل بأن يتدخل أحد في شؤوننا".
ونقلت عنه وكالة الأنباء التونسية الرسمية تشديده على أن التوقيفات والتحقيقات أمام القضاء لعدد من الأشخاص والتي نددت بها عواصم وجهات "تتعلق بدعوة إلى حرب أهلية". وقال: "تم تطبيق القانون (على الموقوفين) من قبل قضاة شرفاء"، نافيا "اعتقال أي شخص من أجل رأي أبداه أو من أجل موقف اتخذه".
وكانت الخارجية التونسية أشارت في بيان الأربعاء إلى أن هذه الانتقادات "تشكل تدخلا مرفوضا في الشأن الداخلي لبلادنا من قبل جهات على دراية بحقائق الأوضاع في تونس". وشددت على أن تعليقات كهذه "من شأنها الانعكاس سلبا على جهود الدولة المكثفة لتصحيح الوضع الاقتصادي والمالي الواقع تحت الضغط نتيجة سوء الحوكمة والهواية التي اتّسم بهما العقد الماضي، وما انجر عنهما من تداعيات لا يزال التونسيون يتحملون تبعاتها".
النهضة: قرار ظالم وسياسي بامتياز
وفي بيانها، قالت حركة النهضة إنها "تندد بشدة بهذا القرار الظالم وتؤكد أن هذا القرار سياسي بامتياز، والغاية منه التغطية على الفشل الذريع لسلطة الانقلاب في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية للمواطنين والعجز عن معالجة الأزمة المالية الخانقة التي تقود البلاد نحو الإفلاس وسط موجة غير مسبوقة من ارتفاع الأسعار حتى خلال شهر رمضان".
وإضافة إلى الأزمة السياسية التي أثارها سعيّد في يوليو/تموز2021، تتدهور الاقتصادية للتونسيين بسبب تضخم متسارع بلغ أكثر من 10 بالمئة خلال عام. وكانت البلاد قد توصلت لاتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي في أكتوبر/تشرين الأول على حزمة إنقاذ بنحو ملياري دولار لدعم اقتصادها المتدهور، إلا أن الخطة تنتظر موافقة مجلس حكام الصندوق الذي يضغط لإجراء إصلاحات.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي تعهد سعيّد رفض "إملاءات" صندوق النقد، في وقت تقود إيطاليا جهودا للتوصل إلى اتفاق سريع خشية تدفق مزيد من المهاجرين على شواطئها في حال شهدت الأوضاع الاقتصادية في تونس تراجعا أكبر.

فرانس24/ أ ف ب