نص كلمة رئيس إقليم كوردستان في المؤتمر الدولي حول تعريف الإبادة الجماعية للكورد
FRI, 15 MAR 2013 02:04 | KRG.org






بسم الله الرحمن الرحيمأيها الضيوف الكرامبإسم شعب كوردستان وبإسمي أرحب بكم أجمل ترحيب وأشكركم على تحملكم العناء للمجيء كي تشاركون شعب كوردستان في إحياء الذكرى 25 لفاجعة الأنفال، ان مشاركتكم أيها الأعزاء يمد شعب كوردستان بالأمل ويشعره بأن له أصدقاء، وإن إحياء ذكرى الأنفال في هذه السنة ليس كما في السنوات السابقة، لأن عدداً كبيراً من الشخصيات العالمية المعروفة والأصدقاء حضروا الى كوردستان هذا العام، حيث نسعى من أجل تعريف الإبادة الجماعية للكورد على المستوى الدولي، وهذا مبعث إرتياح وأمل لشعب كوردستان، وهنا أرى بأنه من الضروري أن أتقدم بجزيل الشكر الى أولئك الشخصيات التي قدمت العون لنا وساندتنا قدر إستطاعتها آنذاك، وكذلك الدول التي ساعدتنا وفتحت أبوابها بوجه أبناء شعب كوردستان الناجين من حملات الإبادة.
أيها الحضور الكريم
ان فاجعة الأنفال كارثة كبيرة جداً، وان الجراح عميقة جداً، ان عمليات الأنفال لم تبدأ في سنة 1988 بالرغم من بدء أشد حملات الأنفال ضراوة في تلك السنة، وإلاّ فإن الأنفال قد بدأ في سنة 1975ضد شعب كوردستان، بدءاً بالترحيل وتعريب كافة المناطق وهدم 4500 قرية، ونفي وإقتياد 12000 من الكورد الفيليين و8000 من البارزانيين الى مصير مجهول، وفي حملات الأنفال سنة 1988 تعرض 182000 ألف إنسان الى المصير نفسه. وللأسف لم نتمكن الى الآن من العثور سوى على نحو 3000 من رفاة الضحايا حيث أرجعناهم الى ديار آبائهم وأجدادهم في كوردستان، وسنبقى نبحث عن الباقين ما دمنا أحياء، وهذه مسؤولية تقع على عاتق حكومة الإقليم وكل مناصري القيم الإنسانية النبيلة كي يساعدوننا من أجل العثور على رفاة الضحايا الباقين في صحارى جنوب العراق.

ان الحملات تُظهر بأن الأنفال كانت جريمة منظمة ونُفذت وفق برنامج معد سلفاً للقضاء على أمة برمتها، أنها لم تكن كرد فعل لعملية عسكرية، بل كانت برنامجاً موضوعاً لإبادة الكورد وكوردستان. لكن شعب كوردستان لم يلجأ الى الإنتقام حينما إنتصر في إنتفاضة ربيع عام 1991، وكل الجنود الذين كانوا في كوردستان وقاموا بأنفلتنا وهدموا قرانا قام أبناء كوردستان بإستضافتهم وإيوائهم واُعيدوا الى المكان الذي إختاروه بمحض إرادتهم معززين مكرمين. قلت سابقاً وأقوله الآن أيضاً انني كنت أفتخر دوماً بإنتمائي كفرد لشعب كوردستان، ولكن بعد ذلك اليوم تعاظم لدي هذا الشعور بإنتمائي الى شعب كوردستان الذي يحمل هذه الأخلاق السامية.


أيها الحضور الكريم.. نحن نعلم ان حكومة العراق الحالية ليست هي المسؤولة عما تعرض له الكورد من جريمة الإبادة الجماعية، لأن النظام الدكتاتوري المباد هو الذي من إقترف تلك الجريمة، ولكن الحكومة العراقية تتحمل مسؤولية قانونية بهذا الشأن وأعباء هذه المسؤولية تقع عليها بشكل دائم، لأن الحكومة يجب أن تقوم بمهامها ومسؤولياتها وتلتزم بالقرار الذي أصدره مجلس النواب العراقي بخصوص تعريف ما تعرض له الكورد بإبادةٍ جماعية، فهذه الكارثة مفجعة جداً وتترك آثارها النفسية حتى على الأجيال القادمة، وهذا الأمر يستوجب القيام بأداء المهام وكذلك تعويض أبناء شعب كوردستان. ولهذه الكارثة مسؤولية دولية أيضاً، لأن كثيراً من الدول قدمت العون والمساعدة الى النظام الدكتاتوري وكثيراً من شركات تلك الدول ساعدت النظام الدكتاتوري لصنع السلاح الكيماوي، ذلك السلاح الذي إستشهد من جراء إستخدامه 5000 آلاف من نساء وأطفال حلبجة في لحظات، فهذه مسؤولية جسيمة، وحملات الإبادة كانت كارثة كبيرة تم تتويجها في حلبجة، المدينة التي إستشهد فيها 5000 إنسان بغاز الخردل وأنواع أخرى من الغازات السامة. صحيح، إنها كانت جريمة كبرى وخسارة كبيرة أيضاً، ولكنها في الوقت نفسه أصبحت مبعث أمل للكورد كي يخرجوا من محنتهم وتفتح الدنيا أعينها ولايُقال ثانية ان ما يحدث هو شأن داخلي لا دخل لنا به، أدت الفاجعة الى رسم بداية عهد جديد لوضع حدّ لدكتاتور العراق وكثير من الأنظمة الدكتاتورية في أماكن أخرى من العالم، نأمل مواصلة هذه السياسية كي لا يكون بمقدور الدكتاتوريين في أي بقعة من العالم من إبادة شعوبهم بعد الآن وعلى مرأى من عالم يقول؛ ان ما يحث لهو شأن داخلي لا يخصنا أبداً!.


إننا نتقدم بشكرنا الى حكومة إقليم كوردستان وكل المؤسسات والإخوة القائمين على عقد هذا المؤتمر، وندعوهم الى بذل أقصى الجهود والسعي مع اصدقائنا في الخارج وإتخاذ الخطوات اللازمة من أجل تعريف الإبادة الجماعية للكورد بالعالم من الناحية القانونية، لأن هذا الأمر يحتاج الى خطوات قانونية حتى يتم تعريفها كإبادة جماعية على المستوى العالمي أيضاً، وكذلك أن نستفيد من إمكانات ودعم أصدقائنا في الخارج، ومن ثم قيام حكومة الإقليم بما عليها من مهام وتبدي ما لديها من جهد وطاقات.

كما أشكر جهود كل الأصدقاء على ما بذلوه في سبيل تعريف الكارثة كإبادة جماعية، وتم إحراز تقدم كبير الى الآن بهذا الصدد، ولكن يبدو مازال هناك الكثير يجب إنجازه لتعريف الكارثة كإبادة جماعية.

ورسالتي الى شعب كوردستان هي وجوب عدم نسيان الماضي، ولكن لا أن يتحول الى حقد وضغينة وتنامي نوازع الثأر، بل يجب أن نستمر على ثقافتنا الرصينة، ثقافة التسامح والتعايش، وثقافة تقبل الآخر، وضحايانا كانوا من أجل قضية شعب وليس لأغراض شخصية، ولكنني أقول و اؤكد لقد ولى اليوم الذي يتعرض فيه شعب كوردستان مرة أخرى الى حملات الأنفال، لقد ولى ذلك اليوم يتجرأ فيه شخص على أن يغدر الكورد ثانية، وبعد كل هذه التضحيات ايت قدمناها، هل من أحد ياترى يتوقع أن نقبل بأن لا يكون قرارنا بأيدينا مرة أخرى؟، أو نرضى بأن لا نعيش أحراراً في هذا البلد؟، لذا أقوله وبكل صراحة، نحن قدمنا كل هذه التضحيات كي نعيش بحرية في وطننا، ويجب أن نعيش بحرية.


إنني متفائل وينتظرنا مستقبل مشرق، ولن نتراجع خطوة واحدة الى الوراء، بل نتقدم الى الأمام، وإن شاء الله ستكون كوردستان مبعث إنتصار وخير و رفاهية العراق والمنطقة عموماً.


وبالنسبة الى الوضع في العراق، للأسف ان الوضع في العراق يمر بأزمة جدية وشاملة، لا تقتصر الأزمة على الخلافات بين بغداد والإقليم، بل إنهاء أزمة عمت كافة أرجاء العراق، ولا أريد هنا أن آخذ من وقتكم والمناسبة لا تتيح لنا بأن نخوض في التفاصيل، لكن الذي يجب قوله هو ان الكورد كان لهم دوراً رئيسياً في بناء العراق الجديد وقدموا التضحيات من أجل ذلك، وكان القاعدة الرئيسية هي اننا وكل العراقيون من دون إختلاف، كلنا شركاء لبناء عراق جديد. و وضعنا دستوراً صوتت له غالبية الشعب العراقي، وكان دستوراً نموذجياً بالرغم من أية نواقص، وهذا الدستور حدد حقوق و واجبات كل الأطراف، والسبب الرئيسي من نشوء الأزمة الراهنة التي تشهدها العراق هو عدم الإلتزام بهذا الدستور، وان تنفيذ إتفاق أربيل والإتفاقات الأخرى هو السبيل الوحيد لتخطي هذه الأزمة، وبمثابة خارطة طريق للخروج من الأزمة.


وبالنسبة الى شعب كوردستان، أريد أن قول صراحة، وسؤالنا هذا الى إخوتنا في العراق؛ هل إننا شركاء ومتحالفون معاً أم لا؟، إذا كنا شركاء، فإن الذي يحصل الى الآن ليس بشراكة، وإذا كانت تبعية، فإننا لن نقبل التبعية و الوصاية من أحد. لذا أننا كشعب كوردستان نريد جواباً على هذا السؤال؛ هل اننا شركاء ومتحالفون؟، إذا كان الجواب بنعم، فإننا لن نقبل عهوداً من غير عمل، نحن نريد عملاً، لأننا تعبنا وسئمنا من سماع وعودٍ دون عمل. وإلاّ فكلٌ بعد ذلك يدرك مالطريق الذي يسلكه.


نحن نريد أن نحتكم جميعاً الى الدستور واللجوء الى التعايش وتقبل الآخر، وأن نبني العراق الذي قدمنا من أجله الدماء والتضحيات، ونتشارك جميعاً في بناء هذا العراق الديمقراطي الفيدرالي وينجو الشعب العراقي من كل هذه المحن. ولا أريد أن أدخل في التفاصيل، فقط أنني أريد أن أرحب بكم مرة أخرى، فأهلاً وسهلاً بكم ونتمنى لكم قضاء أوقات سعيدة في كوردستان، وإن مجيئكم مبعث أمل كبير لنا، وأشكركم مرة أخرى وأهلاً بكم.