تسألني: لِمَ لمْ تُعاتبهم هذه المرَّة كعادتِكَ؟
فأقولُ لكَ: كنتُ أعاتبهم لأني كنتُ أريدُ أن أبقى!
أما الآن فقد اكتفيتُ وأريدُ أن أغادر،
وأنا حين أُغادرُ أقفلُ الباب خلفي بهدوءٍ وأمضي،
يُصبحُ المرءُ بارداً لشدَّةِ ما احترقَ!

العِتابُ يا صاحبي هو تطهيرٌ للجرحِ،
فلا يصِحُّ أن تخيطَ جرحَكَ دون أن تُنظِّفه،
ولكنَّ الأمر مختلفٌ هذه المرَّة،
ليست كل الجروح قابلة للشفاء،
فأحيانًا يبترُ الأطباء العضو الذي أصابه التَّلفُ حفاظاً على ما تبقَّى،
وهذا بالضبط ما أفعله الآن، أُلملمُ ما تبقَّى مني، وأمضي!

لستُ ضدَّ مراعاة المشاعر، بشرط أن لا تُداس مشاعري في المقابل!
ولستُ ضدَّ جبر الخواطر، بشرط أن لا يكون كسر خاطري هو الثمن!
قلتُ لهم مرَّةً: إذا وضعتموني بمقارنة مع أحدٍ فلا تختاروني،
فهذه إساءة لي ولو تمَّ اختياري، فأنا لا أُقارِنُ ولا أقارَن!
ثم إنَّ هناك ما هو أسوأ من هذا يا صاحبي،
وهو أنهم اختاروا غيري،
فأي بقاءٍ بعده،
وأي عتابٍ يجدي،
المهزوم لا يُعاتبُ، ولقد هُزمتُ!

يا صاحبي،
عندي ثلاثمئةٍ وستين عظمة وقلب واحدٍ،
تركوا عظامي كلها،
وكسروا قلبي!
ليتهم كسروا لي عظمةً،
وتركوا لي قلبي لأحبهم به!

والسّلام لقلبكَ