لم أهجرك يوما بل نفيت نفيا
قد خان المصير و ظل القلب وفيا
قد كنت في عز معانتي تقية
و في غمرة ضعفي أبية

فما أنا التي تخون
و لا التي تغيرها السنون
قد فطرت على قلب حنون
يستهويه الحب و تسكنه الشجون

غير أن الأقدار أقوى كثيرا من أن تنهار
و هذا القلب الشقي ما كان بيده أي خيار
ما علم أن للحياة مصائرا و أقدار
تسرق معها حلاوة و جمال الأعمار

فما أنا إلى هذا المكان أنتمي
إن فيه لوعتي و مأثمي
دوما في أطياف حضنك أرتمي
و بروحك الحبيبة سأظل أحتمي

أبعدتني الأيام أبعدتني
أشقاني البعد أشقاني
كنت في الحزن سيدة زماني
قد شهدت انهيار كل الأماني

منفية أطل على وطني كالأغراب
و أنا أبداً ما إخترت الإغتراب
أجول في شوارعك كالغريبة
و قد كنت دوما منك قريبة

دخيلة عن الحياة التي صرت أحياها
دون إذني تتخذ مجراها
فتظل روحي تائهة عن مرساها
تضيع عني فلا ألقاها

كبل جسدي في بعدك
و ظلت روحي تهيم في دربك
مغتربة بعيدا عن أرضك
أعيش على أطياف حبك


فأنا الآن بالبعد أكتوي
و من القرب لم أرتوي
كل أحزان وحيدة أحتوي
و أرض أحلامي لم تستوي

فمتى يا حبيبي سيعقد الوصال
متى و قد أعياني و أنهكاني القتال
و أتعستني سوء الأحوال
قد ذقت من المرار كل الأهوال
و ما رأيت بريقا للجمال


أعيش في غربة أنا و الحنين
أعيش و مالي في بعدك معين
أتجرع شقاء السنين
و قلبي في حبه صادق آمين

أحتمي بدفئ ذكريات الماضي
أحتمي و قد أنهك فؤادي
غريبة عن هذا المكان و سأظل عنه غريبة
و بعيدة عنك و روحك دوما قريبة
فبين قربك و بعدك يكمن شقائي

فببعدك تهيج أشوقي
و بقربك البعيد تبعثر أعماقي

قد أتقلتني الكدمات
و أرهقتني العترات
فصرت أجول بين القطارات
علي أعود إليك يا مسكن المسارات
اطمر فيك وجعي و أقتل الآهات
فهل تراك تذكرني بعد كل ما فات؟!
أم أنك نسيتني و بعثرت الذكريات...؟؟