تمنح تقنية التصنيع الجديدة المواد خصائص مضادة للميكروبات، مع مجال لتحسين سلامة الغرسات، بما في ذلك صمامات القلب والدعامات.
تمكن خاصية الكهرباء الحديدية المواد من توليد شحنة كهربائية سطحية تقضي على البكتيريا (جامعة بيركلي)
كشف فريق من الباحثين عن طريقة جديدة لاستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لإنشاء مواد مكافحة للعدوى الميكروبية يمكن استخدامها لتكون غرسات طبية في المستقبل. ونشر الباحثون تفاصيل هذا الابتكار في ورقة بحثية جديدة في دورية "أدفانسد ماتيريالز تكنولوجيز" (Advanced Materials Technologies) العلمية.
مواد مطبوعة تقضي على البكتيريا
وفي إنجاز غير مسبوق، نجح الفريق المكون من باحثين من جامعتي باث وأولستر في بريطانيا في إنشاء نوع جديد من المواد المركبة الحديدية الكهربية بخصائص مضادة للبكتيريا باستخدام عملية طباعة ثلاثية الأبعاد.
وحسب بيان نُشر على موقع جامعة باث بتاريخ السادس من أبريل/نيسان الجاري، فإن استخدام هذا النوع الجديد من المواد في تصنيع الغرسات الطيبة سيمنحها خصائص مكافِحة للبكتيريا، مما يجعلها مثالية للتطبيقات الطبية الحيوية؛ مثل صمامات القلب وزراعة العظام، ويقلل بالتالي خطر إصابة المرضى بالعدوى.
وأظهر الاختبار الذي أجراه الباحثون على المادة المطبوعة أنها تقضي تماما على خلايا البكتيريا من دون تدخل خارجي، مما يؤدي إلى قتل 70% منها في غضون 15 دقيقة فقط، كما أورد البيان، وذلك حتى عند تلوثها بتركيزات عالية من بكتيريا الإشريكية القولونية المعروفة بعدوانيتها ومقاومتها الشديدة.
تمكن المواد المبتكرة من القضاء على 70% من البكتيريا في أقل من 15 دقيقة (غيتي)
مم تتكون هذه المواد؟
يعود الفضل في هذا الابتكار إلى خاصية الكهرباء الحديدية أو "الفيروكهربائية "التي تتمتع بها بعض المواد وتجعلها ذات قطبين كهربائيين، ولأحدهما شحنة موجبة وللآخر شحنة سالبة. وتمكن هذه الخاصية المواد من توليد شحنة كهربائية سطحية عند تعرضها لضغط ميكانيكي أو إلى درجة حرارة عالية. وتؤدي هذه الشحنة الكهربائية في الأغشية والغرسات الكهربية المصنعة من هذه المواد إلى تكوين الجذور الحرة المعروفة باسم أنواع الأكسجين التفاعلية (ROS)، التي تقضي على البكتيريا بشكل انتقائي.
وقام الباحثون بتصنيع المادة المركبة المقاومة للبكتيريا عن طريق دمج جزيئات دقيقة من مادة تيتانات الكالسيوم الزركوني (BCZT) التي لها خواص فيروكهربائية في بوليمر قابل للتحلل الحيوي يستخدم على نطاق واسع في التطبيقات الطبية الحيوية، ويسمى "كابرولاكتون" (Polycaprolactone).
ثم استخدموا الخليط كحبر في طابعة بيولوجية ثلاثية الأبعاد لإنشاء شكل "سقالة" مصممة لتكون لها مساحة سطح عالية بهدف تعزيز تكوين الجذور الحرة للأكسجين التفاعلي.
أسنان مقاومة للبكتيريا
رغم أن هذه المرة هي الأولى التي يتوصل فيها الباحثون إلى تصنيع غرسات طبية مقاومة للبكتيريا باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد، فإن باحثين هولنديين توصلوا في السابق إلى تصنيع أسنان مضادة للبكتيريا باستخدام هذه التقنية.
باحثون هولنديون تمكنوا من تصنيع أسنان مطبوعة مقاومة للبكتيريا عام 2015 (غيتي)
وحسب الدراسة التي نشروها في دورية "نيو ساينتست" (New Scientist) عام 2015، فقد طور فريق البحث عملية لتصنيع أسنان وأقواس مطبوعة ثلاثية الأبعاد قادرة على تدمير البكتيريا باستخدام نوع خاص من الراتنج (مادة صمغية) مضاد للميكروبات.
ولإنشاء الراتنج، قام الباحثون بخلط أملاح الأمونيوم المضادة للبكتيريا مع راتنجات الأسنان العادية، حيث تمنح الشحنة الموجبة الموجودة على أملاح الأمونيوم الراتنج خاصية قتل البكتيريا، مما يؤدي إلى تعطيل الأغشية البكتيرية سالبة الشحنة وتسبب انفجارها وموتها.
ثم قام الفريق بتعريض الخليط الناتج للأشعة فوق البنفسجية واستخدامه كحبر داخل طابعة ثلاثية الأبعاد لطباعة عينات من الأسنان البديلة. وأظهرت نتائج الاختبار على عينات الأسنان البديلة أن المادة كانت فعالة في تدمير البكتيريا المسببة لتسوس الأسنان بنسبة تصل إلى 99%.
ويرى مؤلفو الدراسة الجديدة أن المواد الفيروكهربائية التي تم إنشاؤها ستكون لها إمكانات كبيرة كمواد وأسطح مضادة للميكروبات في المستقبل، لذلك سيعملون على تطويرها بشكل أكبر من خلال التعاون مع الباحثين الطبيين أو مقدمي الرعاية الصحية.