لبنان.. مدائح وفوانيس وبينهما ما لذ وطاب
بعادات وتقاليد تشغل شوارعهم، ينتظر اللبنانيون ضيفاً كريماً يستبشرون بقدومه، مترافقاً واستحقاقات يعيشونها، ويعيدون معها حساباتهم التي ترجّح فيها كفّة ما لهم وما عليهم، لا زينة حقيقيّة ولا أضواء لافتة، فقط بضع لافتات ترحّب بـ «الضيف الكريم».
ومهما يكن من أمر الترحيب، فإنّ طقوس الصوم تحل على لبنان من دون أن تغيّره فعلاً، إذْ يفيق اللبنانيون بين يدي رمضان في أول أيامه بطقوسه ونفحاته. تختفي مواعيد الصبحيات ومعها يختفي فنجان القهوة اليومي، لتحل مكانها قواعد الشهر وطقوسه والتي تتجلى في الممارسات الدينيّة والأجواء التراثية والعادات والتقاليد الاجتماعية المتوارثة جيلاً بعد آخر.
ومع أنّ الضيف لم يتغيّر على مر الأزمنة في عطاءاته ولمساته، فإنّ طغيان العصرية الحديثة غيرت بعض طقوسه وبدّلت عادات طالما تمسك بها اللبنانيون، فيما تحاول قلة من الناس إحياءها حفاظاً لتراث ترسّخ في الوجدان.
وتبدو الصورة في بيروت واضحة عن هذا التجاذب الذي يحمل في طياته تبايناً بين رمضان الأمس واليوم، ومنها قصص الكبار عن المقاهي القديمة والتزاور وتلاوة القرآن الكريم، والحكواتي الذي لم يعد من مكان له سوى في ذكريات الماضي وأروقة التراث.
ويحتفظ أهل بيروت بتقليد راسخ وقديم يعرف باسم «سيبانة رمضان»، بأن تقصد العائلات شاطئ المدينة للنزهة وتناول المأكولات في آخر أيام شعبان. وتستقبل طرابلس الشهر الفضيل وتودعه بتقليد خالص، إذ يقوم الصوفيون بجولات في شوارع المدينة، مرددين الأناشيد والمدائح النبوية والأشعار. بدورها تضيئ صيدا الفوانيس لتزيين الشوارع ومداخل المساجد، كتقليد سنوي يحافظ عليه أهل المدينة.
وتجوب مواكب «مرحبا يا رمضان» مختلف مناطق لبنان، مبشّرة بحلول الشهر الفضيل، على وقع التواشيح الدينية وسط الساحات العامة المزينة بالأضواء والإعلانات، واللافتات التي تحمل رسائل الخير.
ويشارك لبنان الكثير من الدول العربية والإسلامية في تقليد مدفع رمضان، بإطلاق ثلاث قذائف عند ثبوت هلال الشهر الفضيل ومثلها عند ثبوت رؤية هلال شوال، فيما تطلق قذيفة واحدة قبيل حلول الفجر، ومثلها عند حلول الإفطار. كما يعتبر المسحراتي من أبرز العادات في لبنان، إذ يجوب الشوارع والطرقات ضارباً على طبله الصغير مردداً أناشيد لإيقاظ الصائمين لتناول السحور.