لبنان.. العقوبات الأمريكية تعترض طريق فرنجية الرئاسي



وسط الدوّامة التي تطبع أزمة الاستحقاق الرئاسي، وفيما لا إمكانات لاختراقها بعد لأيّ تحرّك خارجي معنيّ بالتعامل معها، شهدت الساعات الماضية دخول تطوّر على خطّ الاجتهادات الرئاسية، تمثّل بإعلان وزارة الخزانة الأمريكية، فرض عقوبات على الأخويْن ريمون وتيدي رحمة، وثيقي الصلة برئيس «تيار المردة»، الوزير السابق سليمان فرنجية، في ملفّات فساد الفيول والكهرباء.
وعليه، ذهبت الأوساط الداخلية، في معظمها، إلى ربط توقيت هذا الإجراء بتطورات ترشيح رئيس «المردة» لرئاسة الجمهورية، بما يشكل إيحاءات سلبية أمريكية محتملة حيال فرنجية، الذي سبق له، قبل سنتين، أن أعلن بوضوح، وثوق صداقته وعلاقته بالأخوين رحمة وعائلتهما إزاء نزاع قضائي في ملف «فيول فاسد» ( وقود مغشوش) استهدفهما آنذاك.
وأدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، التابع لوزارة الخزانة الأمريكية، الأخوين رحمة وشركاتهما الثلاثة، منها: الشركة المتعاونة مع وزارة الطاقة في استيراد النفط والمازوت في أوقات سابقة، على لوائح العقوبات، لـ«استخدامهما ثروتهما وسلطتهما ونفوذهما في ممارسات فاسدة، تسهم في انهيار سيادة القانون بلبنان، وبالتالي تقوض العمليات الديمقراطية على حساب الشعب اللبناني»، وفق بيان صادر عن الوزارة.
إلى ذلك، تردّدت معلومات مفادها أن هناك توجهاً لفرض عقوبات أمريكية إضافية على معرقلي الحلول في لبنان، لاسيما لجهة الاستحقاق الرئاسي وتلبية شروط صندوق النقد الدولي، تبدو قاسية هذه المرة، وأن تطوراً سوف يطرأ على هذه العقوبات، عبر تلقفها واستكمالها من قبل دول أوروبية، بينها فرنسا، وقد تشتمل على منع السفر والإعلان عنها بالأسماء أو الشركات، وليس كالمرات السابقة حيث ظلت بعض العقوبات الأوروبية طيّ الكتمان.
وذلك، ضمن مسار واحد. وما بين طيّات الوقائع، كلامٌ عن أن التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي خيّر الطبقة السياسية بين مشروعيْن: إما الذهاب فوراً إلى إصلاحات جوهرية تطال مؤسسات الدولة، أو البقاء في دائرة المراوحة، وما للخطوة الأخيرة من مفاعيل تمهّد لسقوط الدولة.. فهل ستغيّر هذه «الضربة» الأداء اللبناني، وتدفع باتجاه تنشيط العجلة الرئاسية والحكومية، المتوقفة عند صراع القيادات السياسية؟
مسار.. ورسائل
أما على المقلب المكمّل لهذه المعطيات، ارتفع منسوب الكلام أن المرحلة المقبلة ستكون تحت إدارة «جزرة» الدبلوماسيّة و«عصا» العقوبات، إلى حين بلوغ أزمات لبنان، وفي مقدّمها الشغور الرئاسي، شاطئ الحلول.. فهل اختارت واشنطن الدخول إلى الاستحقاق الرئاسي اللبناني من بوّابة العقوبات، وذلك وفق توقيتها ومن بوّابتها الخاصة؟
في معرض الإجابة عن هذا السؤال، ثمّة إجماع على أن الدخول الأمريكي على خطّ الاستحقاق الرئاسي، بعد تمسّك فرنسي بخيار فرنجية، وبعد زيارة الأخير لباريس، حمل في طيّاته رسالة واضحة للجميع، حلفاءً وخصوماً، بأنه لا يمكنهم الذهاب إلى حيث يريدون دون تنسيق معها.
فيما قرأت مصادر دبلوماسية في العقوبات الأمريكية بحقّ مموّل رئيس لمرشح المنظومة الحاكمة، لاسيما منها ثنائي «حركة أمل» - «حزب الله»، بأنها رسالة أمريكية حاسمة بعدم الموافقة على وصول فرنجية إلى سدّة الرئاسة، بعكس كل ما حاول الفريق الداعم لترشيحه ترويجه لجهة القول إن واشنطن لا تتوقف عند الاسم، وأنها سوف تتعامل مع أيّ رئيس يُنتخب.