القارئ المصري علي محمود
"سيد القراء وإمام المنشدين، أحد أسباب تعطيل حركة المرور في الفضاء؛ لأن الطير السارح في الفضاء كان يتوقف إذا استمع إلى صوته".
هكذا وصف شيخ الأزهر عبدالعزيز البشري صوت القارئ المصري علي محمود، الذي دانت له كل الأصوات والقراءات والمقامات والسلالم الموسيقية.
جمع القارئ علي محمود بين تلاوة القرآن والإنشاد، وذهب في الأولى إلى حد وصفه بـ"سيد القراء"، وتفرّد في المديح والإنشاد حتى صار "إمام المنشدين".
في حارة درب الحجازي بحي الحسين وسط القاهرة، جاء مولد القارئ والمنشد علي محمود عام 1878، وعلى يده تتلمذ عمالقة التلاوة وأبرزهم الشيخ محمد رفعت.
قارئ مسجد الحسين
حفظ الشيخ المصري القرآن في طفولته وسرعان ما تعلم قراءاته وعلومه، وذاع صيته حين قرأه في مسجد الحسين، وما لبث أن أصبح قارئه الأشهر والمفضل بين مصليه.
بعد ذلك، اتجه إلى الموسيقى، وعكف على دراسة اللحن والعزف وحفظ الموشحات، وكان يؤذن للجمعة كل أسبوع أذانًا على مقام موسيقي لا يعيد تكراره إلا بعد سنة أو أكثر.
في طفولته، تعرض القارئ والمنشد علي محمود لحادث أفقده بصره بالكامل، وكان شغفه بتعلم التلاوة والموسيقى وتجمع المصلين حوله في مسجد الحسين بديلًا عن نور عينيه.
علي محمود وعالم الإذاعة
وفي 3 يوليو/ حزيران 1939، أصبح قارئًا في برامج الإذاعة المصرية، وذكرت صحيفة "الأهرام" المصرية أن فقرة تلاوته بالإذاعة كانت تبدأ عند الساعة السابعة وخمس عشرة دقيقة.
وبلغت مدة التلاوة الأولى للقارئ علي محمود على أثير الإذاعة المصرية 40 دقيقة، واعتمدته الإذاعة قارئًا لمساء يوم الاثنين من كل أسبوع، لتبدأ رحلته مع الاحتفالات الدينية العامة والخاصة.
ومن المناسبات التي افتتحها بتلاوة القرآن حفل ذكرى زواج الملك فاروق والملكة فريدة بدار الأوبرا الملكية في القاهرة، وبدأه الشيخ بتلاوة بلغت 15 دقيقة، كما أنشد في عقد قران ولي عهد إيران وشقيقة الملك فاروق.
مدرسة في التلاوة
وعلى يدي الشيخ تتلمذ عمالقة التلاوة في مصر، وفي مقدمتهم القارئ النابغة محمد رفعت الذي استمع إليه الشيخ عام 1918 وبشّره بمستقبل باهر، واكتشف أيضًا الشيخ طه الفشني والموسيقار محمد عبدالوهاب.
وبعد مسيرة حافلة من العطاء في التلاوة والإنشاد والمديح، ورحل الشيخ علي محمود عن عالمنا في 21 ديسمبر/ كانون الأول 1946، تاركاً مكتبة زاخرة من التسجيلات الدينية والموسيقية والأناشيد والموشحات.
وقال عنه الناقد المصري الراحل محمد فهمي عبداللطيف: "الشّيخ علي محمود سيّدَ المنشدين كان يجمع في أوتار صوته كل آلات الطرب، فإذا شاء جرى به في نغمة العود أو الكمان، أو شدا به شدو الكروان"