في قائمة "نيتشر" أبحاث هي من مختلف جامعات العالم ومؤسساته العلمية، وتعد "نيتشر" هذه الأبحاث ضمن الدراسات القيمة التي تفيد المجتمع العلمي الدولي.
سجل الباحثون العرب حضورهم في تقرير "توب 100 إن كيمستري" الصادر عن دورية نيتشر للعام 2022 (شترستوك)
احتل الباحثون العرب مواقع بارزة في تقرير "أكثر 100 بحث تحميلا" في عام 2022 الصادر عن دورية "نيتشر" (Nature) في 12 مارس/آذار الجاري.
وأصدرت نيتشر هذا التقرير أول مرة عام 2018، وهو تقرير يستعرض الـ100 بحث الأكثر تحميلا خلال العام المنتهي في مجموعة من التخصصات، منها بحوث السرطان، والهندسة، والعلوم البيئية، والكيمياء.
وهذه الأبحاث هي من مختلف جامعات العالم ومؤسساته العلمية، وتعد "نيتشر" هذه الأبحاث ضمن الدراسات القيمة التي تفيد المجتمع العلمي الدولي.
جامعات عربية في القائمة
أجرى باحثو الجامعات العربية المختلفة دراسات متنوعة تعنى بحل المشكلات التي تواجهها دول المنطقة، وتسهم في توفير حلول مستدامة، وبلغ عدد الدراسات المشار إليها في المراكز الـ50 الأولى نحو 11 بحثا.
وتنوعت المؤسسات العلمية المشاركة بهذا القسم من القائمة، منها كلية العلوم في جامعة الأزهر، ومركز أبحاث العلوم الحاسوبية الحيوية في جامعة الملك فهد للعلوم والتكنولوجيا، وكلية الصيدلة في جامعة عين شمس، وكلية العلوم في جامعة الجلالة بالسويس، وجامعة العلوم والتكنولوجيا في مدينة زويل، وكليتي العلوم والزراعة في جامعة الإسكندرية، ومعهد التكنولوجيا المتقدمة وبحوث المواد الجديدة في مدينة البحث العلمي والتطبيقات التكنولوجية في برج العرب بالإسكندرية.
وأوضح التقرير أن اختيار تلك الدراسات نتاج التعاون بين مؤسسة "شبرنغر نيتشر" (Springer Nature) المعنية بنشر الدراسات العلمية، وشركة "ديجيتال ساينس" (Digital science) التكنولوجية، من خلال تطبيق "إس إن إنسايتس" (SN Insights) المختص بتحليل الدراسات العلمية المنشورة.
حاول الباحثون تصنيع مركبات هجينة قادرة على محاربة السرطان بفعالية دون التسبب في تسمم الخلايا (شترستوك)
محاربة السرطان وتطوير الأدوية هدفان رئيسان
واهتمت بعض تلك الدراسات بتطوير أدوية جديدة قد تسهم في علاج السرطانات المختلفة، حيث إن السرطان يعد المسبب الثاني للوفيات حول العالم.
وتمثلت إحدى وسائل التطوير تلك في محاولة تصنيع مركبات هجينة (من خلال دمج مركبات دوائية مختلفة) قادرة على محاربة السرطان بفعالية دون التسبب في تسميم الخلايا، خاصة سرطان الكبد و"السرطان القولوني المستقيمي" (Colorectal cancer).
بينما اتجه باحثون آخرون إلى دراسة تأثير المواد المستخلصة من بعض النباتات في محاربة السرطان والأمراض المختلفة، منها "تفاح كي" (Kei apple) الذي حلل الباحثون تأثير المواد المستخلصة منه كمضادات للسرطانات والفيروسات والميكروبات.
وفي نفس السياق درس باحثون تأثير مستخلص بذور العنب في منع تلف الحمض النووي والبروتينات، وحلل آخرون دور مستخلص نبات "روزماري" في محاربة علامات تقدم السن دون الإضرار بالصحة العامة.
ومن ناحية أخرى سعى باحثون إلى تطوير الأنظمة الحاسوبية المعنية بدراسة التفاعلات بين الأدوية وأهدافها داخل الجسم؛ حيث تؤدي الأدوية دورها عبر تفاعلها مع ما يحتويه الجسد من جزيئات، مثل البروتينات والإنزيمات، ويسعى الباحثون إلى تطوير أنظمة قادرة على تحليل تلك التفاعلات والتنبؤ بها بأعلى قدر من الدقة اعتمادا على الرسومات البيانية وتقنيات تعلم الآلة لتسهيل عملية تطوير الأدوية وجعلها أكثر سرعة وأمانا.
تعاني الدول صعوبة توفير مياه نظيفة صالحة للشرب، وتمثل القطاعات الصناعية إحدى أهم مصادر تلوثها (شترستوك)
مواجهة تحديات شح المياه وتنقية مياه الصرف
تمثل ضرورة توفير مياه نظيفة صالحة للشرب رغم ندرة مواردها تحديا خطيرا لدول عدة، منها مصر وبعض الدول العربية، وتمثل القطاعات الصناعية إحدى أهم مصادر تلوث المياه.
لذا لجأ بعض الباحثين إلى العمل على تطوير "ممتزات كربونية" (Carbonaceous adsorbents) فعالة من مركبات "الغرافين" (Graphene) النانوية بتكلفة منخفضة ذات مصادر طبيعية، والممتزات مواد تتراكم على سطحها الجزيئات المراد تنقية الماء منها.
بينما حاول البعض الآخر تصنيع مركبات الغرافين المؤكسد والبورفرين النانوية ودراسة تأثيرها في التخلص من الصبغات التي تسبب التلوث، كذلك التعرف على دور تلك المركبات كمضادات للبكتيريا والفطريات.
واتجه آخرون إلى استغلال أحد النباتات التي تنمو بمنطقة دلتا النيل في إنتاج "الفحم الحيوي" (Biochar)، وهي مادة شبيهة بالفحم تنشأ من مصادر طبيعية، من أجل استخدامه في صناعة مركبات الفضة والزنك النانوية التي قد تسهم في تحلل الملوثات العضوية والقضاء على بعض أنواع البكتيريا.
الفريق البحثي من جامعة زويل المصرية اعتمد على تقنيات إعادة توجيه الأدوية لتطوير علاجات فيروس كوفيد-19 (الجزيرة)
استغلال الأدوية المتوفرة حاليا في مكافحة كوفيد-19
يظل فيروس كوفيد-19 أحد التحديات المهمة التي واجهتها البشرية، فهو المرض الذي أصاب أكثر من 300 مليون شخص، وتسبب في وفاة أكثر من 5 ملايين مصاب، لذا عكف باحثو جامعة زويل المصرية على تطبيق تقنيات "إعادة توجيه الأدوية" (Drug repurposing)، وقد نشرت دراستهم في دورية "ساينتفيك ريبورتس" (Scientific Reports) في 13 يوليو/تموز 2022. الجزيرة نت تواصلت معهم للتعرف على تفاصيل هذه التقنية، ونتائج دراستهم.
توضح الدكتور إيمان بدر -وهي المؤلفة الرئيسة للدراسة والأستاذة المساعدة في قسم العلوم الطبية الحيوية- أن "إعادة توجيه الأدوية تسهم في اكتشاف استخدامات علاجية جديدة للأدوية المتوفرة بالأسواق حاليا، بما يوفر الوقت والتكلفة اللذين يستدعيهم إنتاج الأدوية الجديدة كليا، لذا تمثل هذه التقنية أهمية خاصة في محاولات التوصل إلى علاج يسهم في مكافحة جائحة كورونا".
وأشارت إلى أن الباحثين اعتمدوا على هذه التقنية منذ بدء الجائحة، الأمر الذي أسهم في استغلال بعض الأدوية التي أثبتت فعالية علاجية في بروتوكولات علاج أعراض الفيروس، مثل دواء "ريمديسيفير" (Remdesivir).
وتوضح الباحثة أسماء سامي أن فريقها اعتمد على تقييم تأثير مجموعة من الأدوية الموافق عليها من قبل "هيئة الدواء والغذاء الأميركية" (FDA) في مجموعة من الجينات، واستطاعوا تحديد 52 من الأدوية تؤثر في 10 جينات. هنا ينبغي ذكر أن الاختلاف الجيني بين الأفراد يؤثر في مدى استجابة أجسادهم للأدوية.
وتنهي الباحثة نهال عبد السلام المقابلة موضحة أن تلك الدراسة خطوة أولية من خطوات تحديد الأدوية التي تسهم في مكافحة كوفيد-19، فمن الضروري إجراء مزيد من الدراسات التي تدعم النتائج، ثم تختبر تلك الأدوية في الحيوانات والخلايا الرئوية المعملية، وبمجرد التأكد من فعاليتها وأمانها تخضع للاختبارات الإكلينيكية على المرضى.