الزجاج الصديق للبيئة المقترح مصنوع من الأحماض الأمينية المشتقة بيولوجيا أو الببتيدات (شترستوك)
يتسبب الاستخدام الواسع النطاق للزجاج الدائم غير القابل للتحلل الحيوي -الذي لا يمكن التخلص منه بشكل طبيعي- في مخاطر بيئية طويلة المدى وأعباء اجتماعية.
ولحل هذه المشكلة، قامت مجموعة بحثية من معهد هندسة العمليات (IPE) التابع للأكاديمية الصينية للعلوم بتطوير نوع من الزجاج الصديق للبيئة من أصل بيولوجي مصنوع من الأحماض الأمينية المشتقة بيولوجيا أو الببتيدات.
ووفقا للدراسة التي نشرت يوم 17 مارس/آذار الجاري في دورية "ساينس أدفانسز" (Science Advances)، فإن الزجاج المقترح قابل للتحلل البيولوجي والتدوير الحيوي.
من خلال تعديل الأحماض الأمينية والببتيدات كيميائيا ابتكر الفريق نسخة جديدة من الزجاج الطبيعي (شترستوك)
زجاج حيوي
تمتلك الجزيئات الحيوية عادة مستوى ضعيفا من الثبات الحراري، لذلك تتحلل بسرعة في درجات الحرارة العالية المستخدمة في تصنيع الزجاج، وهو التحدي الذي نجح الباحثون في التغلب عليه باستخدام الأحماض الأمينية والببتيدات المعدلة.
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة خويهاي يان أستاذ هندسة العمليات في الأكاديمية الصينية للعلوم "يتميز التركيب الجزيئي الحيوي للمواد باستقرار حراري ضعيف، ويتكسر عند درجات الحرارة المرتفعة المطلوبة عادة أثناء إنتاج الزجاج. ومن خلال تعديل الأحماض الأمينية والببتيدات كيميائيا، ابتكر الفريق نسخة جديدة من الزجاج الطبيعي أكثر متانة من سابقاتها".
وأوضح المؤلف الرئيسي للدراسة -في تصريح للجزيرة نت- أن الزجاج الجزيئي الحيوي الجديد مستدام بشكل مثير للإعجاب وقابل لإعادة التدوير، بينما يتميز أيضا بالعديد من السمات المرغوبة لمنتجات الزجاج القياسية، بما في ذلك المرونة والمتانة.
وأضاف خويهاي يان أن الزجاج الجزيئي الحيوي سيكون أحد العناصر المهمة في المستقبل الأخضر المستدام الذي يسعى إليه العالم، إذ إنه يختلف تماما عن الزجاج المستخدم تجاريا في الوقت الحالي.
لكن الباحث يشير إلى أن هذا النوع المستدام من الزجاج لا يزال في مرحلة التجريب المعملي ولا يُتوقع طرحه للتسويق التجاري في المستقبل القريب.
يمكن أن يكون لهذا التطور تأثير كبير على صناعات تغليف المواد الغذائية والإلكترونيات والأجهزة الطبية (شترستوك)
خطوة نحو المستقبل الأخضر
قام الباحثون بتتبّع قدرة تشكيل الزجاج، والخصائص الحركية والحرارية المرتبطة بتكون الزجاج، بالإضافة إلى مستوى أداء الزجاج في المختبر.
وأظهر الزجاج الجزيئي الحيوي المعتمد على مشتقات الأحماض الأمينية مزيجا فريدا من الخصائص الوظيفية والميزات الصديقة للبيئة، بما في ذلك الخصائص البصرية الممتازة، والخصائص الميكانيكية الجيدة، وقابلية المعالجة المرنة، فضلا عن التحلل البيولوجي المطلوب وقابلية التدوير الحيوي، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (EurekAlert).
ويقول يان "على الرغم من المشكلات البيئية المتعددة التي يسببها الزجاج العادي، فإن العالم سيظل بحاجة إلى الزجاج، لذلك سيستمر الباحثون في محاولة إنتاج وتجريب أنواع أخرى من الزجاج الأخضر لإنجاح محاولات العالم نحو مستقبل مستدام. وحاليا تتطلب الألواح الشمسية، على سبيل المثال، كميات كبيرة من الزجاج لتصنيعها. وربما لا تزال الأنواع القابلة للتحلل البيولوجي بحاجة إلى ضبط دقيق، لكن الاختراق الأخير يظهر إمكاناتها".
ويتوقع الباحثون أن يكون لتطوير الزجاج القابل للتحلل الحيوي والقابل للتدوير الحيوي تأثير كبير في مختلف الصناعات، مثل صناعات تغليف المواد الغذائية والإلكترونيات والأجهزة الطبية، إذ يسعى المتخصصون إلى تقليل تأثيرها السلبي على البيئة.
ويعتقد المؤلف الرئيسي للدراسة أن التمكن من إنتاج زجاج مستدام جديد يمكن أن يوفر دفعة مطلوبة بشدة للباحثين الآخرين الذين يتطلعون إلى تحقيق أهداف بحثية مماثلة.