كفارة عدم صوم رمضان.. متى تجوز الفدية؟
الثلاثاء 2022/3/15
شخص يدخن في نهار رمضان
كفارة عدم صوم رمضان أحد الأسئلة التي يكثر البحث عنها عبر موقع "جوجل"، رغم أن الفطر في نهار الشهر المعظم لا يترتب عليه كفارة بل القضاء.
صيام رمضان واجبٌ على كل مسلمٍ مكلَّفٍ صحيحٍ مُقيم، لكن قد يفطر البعض سواء عن عمد أو عن غير عمد، ما يستوجب معه إما القضاء أو الفدية، لكن الكفارة تكون في حالة الجماع في نهار رمضان.
رمضان هو شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق والرحمة والغفران، شهر الصدقات والإحسان، شهر تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، شهر تجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات، ويجود الله فيه على عباده بأنواع الكرامات.
وصيام رمضان أحد أركان الإسلام الخمسة التي فرضها الله تعالى على جموع المسلمين، وأخبر الرسول محمد أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه.
الصيام شرعاً هو "الامتناع والإمساك بنيَّةٍ عن مُفسدات الصوم وعن جميع المُفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشّمس"، أي أنّ الصوم هو الإمساك عن تناول شيء حِسّي يدخل بطن الشخص في فترة مُعيّنة، وهو من طُلوع الشّمس إلى غروبها.
وتُعدّ النيّة شرطاً من شروط استحضار القلب والعزم على تمسّك الشّخص بنيّة الأجر و الثواب؛ ليتميّزالعبد بأفعاله بين العادة والعبادة، فيُعتَبر الصوم بذلك طاعةً وتقرُّباً لله تعالى.
ما هي كفارة عدم قضاء صوم رمضان؟
صيام رمضان واجبٌ على كل مسلمٍ مكلَّفٍ صحيحٍ مُقيم، والواجبات الشرعية منوطةٌ بالقدرة والاستطاعة، فإذا عجز المكلَّف عن الصوم أو لحقَتْه منه مشقة لا قدرة له على تحملها جاز له الإفطار شرعًا ثم القضاء أو الفدية.
ويستدل على ذلك بقوله تعالى: «لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا»، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»، متفقٌ عليه.
بخلاف ما سبق ذكره، قد يفطر البعض في نهار الشهر الفضيل عن عمد أو غير عمد، فما الحكم الشرعي؟ وهل يفرض على المخالف كفارة عدم صوم رمضان؟.
الكفارة هي عقوبة وضعت لمعالجة كل مخالفة غير مصرح بها أو غير مشروعة عن تفويت صيام يوم في رمضان أو ارتكاب محظور من محظورات الصيام.
وهناك فرق كبير بين القضاء والكفارة والفدية بالنسبة لمن أفطر فى رمضان، حسبما أوضح مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام.
وقال علام: "القضاء هو صيام الأيام التي أفطرها المكلف ذكرًا كان أو أنثى بعد انقضاء رمضان، وهو واجب في حق كل من أفطر في رمضان بعذر أو بغير عذر".
وأضاف: "يقضي أيامًا بعدد الأيام التي أفطرها، ويجوز أن يقضي يوم شتاء عن يوم صيف، ويجوز عكسه، بأن يقضي يوم صيف عن يوم شتاء، وعلى المكلف أن يسارع إلى قضاء ما فاته من أيام رمضان قبل دخول رمضان آخر".
أما الكفارة فهي واجبة مع القضاء على من اقترف إثمًا يكفر عنه، كأن يجامع زوجه متعمدًا في نهار رمضان، كما تجب الكفارة بالأكل والشرب عمدًا من غير عذر عند بعض العلماء، وفقا للمفتي.
وأوضح أن الفدية هي ما يجب على المسلم المكلف الذي شق عليه الصيام بأن مرض مرضا لا يُرجى شفاؤه فأفطر، وكذلك العجوز كبير السن الذي يعجز عن الصيام وعليه فدية طعام مسكين عن كل يوم من الأيام التي يفطرها من رمضان.
كما حددت دار الافتاء المصرية قيمة فدية الصيام لمن لا يستطيع الصوم بقية حياته بالحد الأدنى 10 جنيهات عن اليوم الواحد.
كفارة إفطار رمضان متعمدا
أما كفارة إفطار رمضان متعمدا فتختلف حسب اقترف الإثم، فمن جامع زوجه متعمدًا في نهار رمضان يحب على الزوجين "قضاء" يوم عن اليوم الذي حصل فيه الجماع، والزوج عليه كفارة وهى صيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا.
ويستدل على ذلك بقوله تعالى: "فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ".
كما ورد في حديث أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: "مَا لَكَ؟" قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟" قَالَ: لاَ، قَالَ: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَ: لاَ، فَقَالَ: "فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا". قَالَ: لاَ، قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالعَرَقُ المِكْتَلُ - قَالَ: "أَيْنَ السَّائِلُ؟" فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: "خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ" فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا - يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ - أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: "أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ"، متفق عليه.
وذهب بعض الفقهاء إلى أن من أخر قضاء الأيام التي أفطر فيها بعد انقضاء شهر رمضان إلى ما بعد حلول شهر رمضان القادم، بقي قضاء صيام الأيام التي أفطرها في ذمته، بالإضافة إلى وجوب دفع الكفارة.
وكفارة عدم قضاء صيام شهر رمضان هي إطعام مسكين عن كل يوم أفطر فيه الصائم، مع وجوب القضاء عليه.
والأصل فيه أن يتم إخراج الكفارة طعاماً، لكن بعض العلماء أجازوا أن تكون الكفارة قيمة الطعام نقوداً، والكفارة بشكل عام يجب دفعها إلى الفقراء وذوي الحاجة، أمّا في حال ذهابها إلى من هم ليسوا بحاجتها فيجب على المسلم أن يخرجها مرّةً أخرى.
كفارة عدم صوم رمضان للمريض
الإسلام دين رحمة ويسر وليس عسر، لذا رخص للمسلم المكلف المريض أن يفطر، ما هي كفارة عدم صيام رمضان للمريض؟.
إذا كان المسلم مريضا بمرض يرجى بروه (الشفاء منه)، فيمكنه الإفطارُ في رمضان، ثم عليها القضاءُ بعد زوال العذر والتمكن من الصيام.
أما إذا كان مريضًا مرضًا لا يُرجَى شفاؤه، ولا يَقْوَى معه على الصيام، فلا يجب عليه تبييتُ نية الصيام من الليل، ولا صيامَ عليه إن أصبح في نهار رمضان، وعليه الفدية.
ويستدل على ذلك بقول الله تعالى: «فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ» (البقرة: 184).
أما مقدار كفارة عدم صوم رمضان للمريض فهي إطعامُ مسكين عن كل يومٍ من الأيام التي يفطرها من رمضان.
وقدر هذه الفدية مُدٌّ من الطعام من غالب قوت البلد، والمد عند الحنفية يساوي (750 جراما)، وعند الجمهور (510 جرامات)، وهو ما عليه الفتوى.
ويجوز إخراج الفدية التي تمثل كفارة عدم صيام شهر رمضان للمريض بالقيمة، بل ذلك أولَى عند أهل التخصص، لأنه أنفع للمسكين وأكثر تحقيقًا لمصلحته.
كفارة عدم صوم رمضان للحامل
بالنسبة للحامل التي تفطر في نهار رمضان، فقال الفقهاء إنه يجب التفرقة بين إفطار الحامل خوفًا على جنينها، وبين إفطارها لمصلحتها خوفًا على مصلحتها.
ووفقا لدار الإفتاء المصرية، فإن إفطار الحامل إذا كان خوفًا على مصلحتها فلا يجب عليها الفدية (إطعام مسكين)، لكن يجب عليها القضاء فقط عن كل يوم يوم مثله، بينما يجب الفدية والقضاء إذا كان إفطارها خوفًا على جنينها.
وأشارت إلى أن بعض الفقهاء قد رأى أنه لا يجب عليها في كلا الحالتين (الإفطار لمصلحتها أو خوفًا على جنينها)، بل يجب عليها القضاء فقط؛ مادامت معذورة محتاجة إلى الإفطار.
وقال الدكتور محمد وسام، مدير إدارة الفتوى المكتوبة بدار الإفتاء المصرية، إن "الحامل التي أفطرت خوفًا على جنينها وأرادت إخراج الفدية؛ فلتخرجها بإطعام مسكين عن كل يوم بجانب قضاء اليوم، إذا كانت تريد الخروج من الخلاف الواقع بين العلماء".
وردا على سؤال "زوجتي حامل وحملها ضعيف وأمرها بالإفطار فهل لو أفطرت يكون عليها كفارة أم لا يجوز أن تفطر؟"، أجاب وسام: "طالما أن الطبيب أمرها بالإفطار فيجب عليها أن تفطر طالما أن هناك خطر على صحة الأم أو الجنين".
وأضاف: "طالما أن الحمل ضعيف وتخافين على الجنين أو كان الطبيب أمركِ بالإفطار لضعف الحمل فيجوز لكِ الإفطار ولا كفارة عليكِ وإنما عليكِ القضاء بعد ذلك إذا إستردتِ صحتكِ وعافيتكِ".