يعتقد العلماء أن كويكب أروكوث تشكل من جسمين يدوران ببطء حول بعضهما البعض حتى تصادما والتصقا (ناسا)
تتعدد أشكال وأحجام الأجرام السماوية في نظامنا الشمسي وفي الفضاء، وهي تتراوح بين جزيئات صغيرة من الغبار إلى كواكب متوسطة الحجم ونجوم ضخمة.
ورغم أن أغلبية الأجسام التي نعرفها مستديرة مثل الكواكب والنجوم وبعض الأقمار فإن الأجسام الأصغر في الفضاء مثل الكويكبات والمذنبات لها أشكال هندسية غير منتظمة.
لكن، لماذا تمتلك هذه الأجسام أشكالا غريبة في حين تأخذ أغلب الأجسام الأخرى شكلا كرويا معتادا؟
تأخذ الكواكب والنجوم شكلها الكروي المعتاد بسبب تأثير الجاذبية الموجود في الكون بأسره (ناسا)
الجاذبية تهيمن على الشكل
تأخذ الكواكب والنجوم شكلها الكروي بسبب تأثير الجاذبية الموجود في الكون بأسره، حيث تقوم الجاذبية بتوجيه المادة إلى مركز كتلتها، فإذا كانت مادة ما لها كتلة كبيرة فإن قوة الجاذبية لديها تكون كبيرة كذلك، وعادة ما تكون الكواكب ضخمة بما يكفي لضغطها في شكل كروي بفعل جاذبيتها.
تقول أليسوندرا سبرينغمان الباحثة التي تدرس الكويكبات في مختبر القمر والكواكب بجامعة أريزونا لموقع "لايف ساينس" (Live Science) العلمي إن الأمر كله يتعلق بالكتلة والجاذبية، حيث تشكل الجاذبية الأجسام الكبيرة مثل الكواكب وبعض الأقمار، وتضيف "إذا كانت لديك كتلة كافية فإن الجاذبية ستهيمن على شكلك".
وبمجرد أن يصبح الهيكل كبيرا بدرجة كافية تسحب الجاذبية كل شيء بالتساوي نحو مركز كتلة الجسم وتخلق قوة الجاذبية هذه شكلا كرويا، وبشكل عام يعد الشكل الكروي هو التكوين الأكثر استقرارا لكتلة كبيرة.
ما الذي يشكل الكويكبات والمذنبات؟
في مقابل الأجسام الضخمة في الفضاء هناك الكويكبات والمذنبات والأجسام الصغيرة الأخرى، والتي لا تتشكل بفعل الجاذبية لأن كتلتها صغيرة وجاذبيتها ضعيفة لا تؤثر على شكل مادتها.
ويذكر موقع "ساينس تايمز" (Science Times) أنه على الرغم مما تبدو عليه الجاذبية من قوة فإنها ضعيفة، لأنه في الفيزياء يجب أن يصل الجسم إلى حجم معين لتفعيل جهد قوة الجاذبية للسحب والقدرة على تجاوز قوة مادته.
إن الأجسام الصلبة ذات الأحجام الصغيرة لها قوة جاذبية ضعيفة لا تكفي لتشكيل نفسها في شكل كروي، أما عندما يصل جسم ما إلى شكل كروي فهنا يمكن القول إنه في حالة التوازن الهيدروستاتيكي.
الكويكبات على سبيل المثال هي تجمعات من الوحدات الأصغر التي انجرفت والتصقت معا بمرور الوقت، لذا فقد احتفظت ببساطة بالكتل والنتوءات في شكلها الخارجي.
وفي نظامنا الشمسي توجد بعض الأجسام في حزام كايبر "كيه بي أو إس" (KBOs) تدور حول الشمس من بعد كوكب نبتون، وهي تتكون من بقايا تكوين النظام الشمسي بعدما استهلكت الكواكب المتكونة معظم المواد الأصلية في النظام الشمسي، وبالتالي فإن هذه الأجسام أصغر من أن تؤثر الجاذبية على شكلها.
يتكون كويكب "بينو" من شكل شبه ماسي وليس دائريا بسبب صغر حجمه (ناسا)
عوامل أخرى
ومع عدم وجود تشكيل من قوى الجاذبية تلعب عوامل أخرى دورا في إعطاء الشكل النهائي لهذه الأجسام في الفضاء، نذكر بعضا منها:
- أولا: بعض الكويكبات تكون أكثر تكتلا وأقل دائرية لأنها اصطدمت ببعضها البعض، مثل كويكب "أروكوث" (KBO Arrokoth)، فهو يشبه فطيرتين أو حجرين ملتصقين معا، ولهذا يطلق عليه أحيانا رجل الثلج، ويعتقد العلماء أن أروكوث تشكل من جسمين يدوران ببطء حول بعضهما البعض حتى تصادما والتصقا.
- ثانيا: كويكبا "بينو" (Bennu) و"ريوغو" (Ryugu)، ويتكونان من أشكال شبه ماسية وليست دائرية الشكل، ويرجع شكلهما إلى تركيبتهما الجيولوجية، فهما مجرد أكوام من الحصى، وهما مساميان للغاية كذلك، ويتم ربطهما ببعضهما البعض بواسطة قوى أخرى بخلاف الجاذبية أو الاحتكاك، مثل قوة "فان دير فال" (Van Der Waals Force) الضعيفة التي تعمل على الجسيمات نفسها وتجذب الجسيمات الفردية معا.
- ثالثا: هناك كذلك المذنب المعروف باسم "67 بي/ تشوريوموف-غيراسيمنكو" (67P/Churyumov-Gerasimenko)، والذي اشتهر بظهوره على شكل "بطة مطاطية"، وتقول سبرينغمان إن المذنبات تأتي في أشكال غريبة، ليس فقط بسبب حجمها ولكن أيضا لأنها مصنوعة في الأغلب من الجليد، سواء كان جليد الماء أو أي أنواع أخرى من الجليد، وبالتالي عندما تقترب هذه المذنبات من الشمس فإن الجليد يتبخر ويصبح غازا، ويتخطى المرحلة السائلة ويُقذف في الفضاء، وتؤدي كل هذه العمليات الجيولوجية السطحية النشطة إلى بعض الأشكال الغريبة للسطح.
أحد المذنبات الذي يظهر على شكل "بطة مطاطية" (وكالة الفضاء الأوروبية)
القوام
ووفقا لصحيفة "غارديان" (The Guardian) البريطانية فإن القوام الصلب أو السائل أو الغازي للكواكب يؤثر مع الجاذبية على إمكانية التشكل في شكل كروي من عدمه.
على سبيل المثال، فإن الكواكب لديها الكثير من الجاذبية وهي سائلة أو غازية إلى حد كبير، حتى كوكب الأرض ليس سوى قشرة رقيقة من الصخور الصلبة فوق قلب شبه سائل، وبالتالي فهي تشكل كرة متساوية حول مركز جاذبيتها.
وتستخدم الكواكب كلا من السائل والهيكل الصلب إلى حد ما لإنشاء نوى صلبة، وتساعد البيئة السائلة للكوكب على تكون الشكل الكروي بسبب دورانها والظواهر الفيزيائية الأخرى.
أما بالنسبة للكويكبات فهي تميل إلى أن تكون كتلا من المادة الصلبة ولا تحتوي على أشياء داخلية سائلة مع جاذبية ضئيلة خاصة بها، وبالتالي لا يمكن أن تتحول إلى شكل كروي، ولكن تأتي في جميع أنواع الأشكال الفردية الأخرى.