بحث منشور في مجلة واسط للعلوم الاقتصادية والادارية
فاعلية الخصخصة في الاقتصاد العراقي وإمكانية الإصلاح المستقبلية
م.م محمد حسين ناصر مذبوب البدري
م.م أحمد حسين ناصر مذبوب البدري
الملخص
يعد التغير المذهل الذي اجتاح كثير من البلدان النامية نحو تطبيق عمليات نقل الملكية العامة للخاصة ، إذا بسبب النتائج السلبية لأداء القطاع العام في كثير من المجالات ، اتجه الكثير إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية وذلك عن طريق ما يسمى بالخصخصة . يهدف البحث إلى مناقشة اتجاهات وطرق الخصخصة في ضوء تحديد طبيعة التحول والياته بوصفها نتاجا للفكر الرأسمالي من خلال دراسة واقع الاقتصاد العراقي ، خاتمين البحث بعرض بعض الاستنتاجات والتوصيات التي يمكن الاستفادة منها في ضوء تطبيق الخصخصة.
المقدمة
شهد الاقتصاد العالمي ولاسيما في مجموعة بلدان التحول ومجموعة الدول النامية منذ بداية عقد الثمانينيات من القرن المنصرم وحتى الآن موجة عاتية اكتسبت في طريقها كل التوجهات الداعية إلى تبني فكرة التخطيط وتدخل الدولة في الشأن الاقتصادي ، ترافقت مع انهيار الأنظمة الاشتراكية من ناحية ونجاح وازدهار منظومة السوق من ناحية أخرى , حيث دفعت هذه الموجه العديد من الدول إلى أعادة التفكير في سياساتها الاقتصادية وتوجهاتها القديمة , إذا كان احد هذه السياسات اخذ ما يطلق علية ((برامج الخصخصة ))كونه يعد جزء من عملية تعديل هيكلي في النشاط الاقتصادي في أطار الهدف الأساسي المتمثل في تحقيق الكفاءة الاقتصادية , ولكونها تشتمل على إعادة تعريف دور الدولة في الاقتصاد.
والعراق هو واحد من الدول النامية يواجه تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية ، مترابطة تمس جوهر وجودة وتحدد مستقبله ولأجيال طويلة ، إذا يقف العراق اليوم على مفترق من طريق هام يتطلب من الجميع وفي مقدمتهم صانعي القرار السياسي والاقتصادي إلى مراجعة المنطلقات الفكرية والنظرية الاقتصادية التي ينطلقون منها في رسم السياسات وان تنسجم التطبيقات مع ما يدمج من مفاهيم تحديث وصداح وهذه اكبر التحديات الاقتصادية التي تواجهها اليوم.
أهمية البحث
تتجلى أهمية البحث في المشكلات التي يعالجها في ظل تزايد التحديات الداخلية والخارجية ، وبسبب السياسات الخاطئة تأتي أهمية البحث للتعريف عن الخصخصة ,كأداة من أدوات السياسة الاقتصادية لمالها من نتائج ايجابية تكمن في زيادة إيرادات الدولة ، وتحقيق المنافسة والكفاءة الاقتصادية والإسراع بالتحول إلى اقتصاد السوق .
مشكلة البحث
يعاني الاقتصاد العراقي من مشكلات هيكلية وتشوهات سعريه كبيرة ، وجاءت هذه نتيجة التخطيط الاقتصادي الواضح في مجال السياسات المالية والنقدية التي تشكل العمود الفقري لاقتصاد كل دولة ,وكان ما يميز الاقتصاد العراقي هو هيمنة نظام التخطيط المركزي على النظام الاقتصادي وبالتالي سيطرة القطاع العام على كافة المستويات ونتيجة إلى ذلك أدى إلى غياب النشاط الخاص في العراق .
هدف البحث
ينطلق هدف البحث من محاولة تحديد طبيعة التحول والياته بوصفه ناتجا للفكر الرأسمالي من خلال دراسة واقع الاقتصاد العراقي وإمكانية تطبيقها في العراق من عدمه.
فرضية البحث
ينطلق البحث من فرضية مفادها نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي حلت بالعراق والتي أدخلته في بيئة التخلف الاقتصادي ، بمثابة سبب أساسي لتبني نهج التحول سعيا لتغلب على المشكلات واللحاق بركب الاقتصاديات الناجحة .
هيكلية البحث
لقد تم تناول الموضوع من خلال المداخل الآتية :-
المحور الأول :- الخصخصة (المفهوم ، الطرائق ، الأهداف ، الضغوط ، تقييم أثارها )
المحور الثاني :- الاقتصاد العراقي الواقع والطموح
أولا:- واقع الاقتصاد العراقي
ثانيا :- خصخصة الاقتصاد العراقي رؤيا مستقبلية .
مفهوم الخصخصة
إذ أن من المعروف أن الخصخصة لا تمثل مدخلا أو نظرية اقتصادية قائمة بذاتها وإنما هي عبارة عن أداة أو وسيلة اقتصادية يتم استخدامها من قبل القائمين على السياسات الاقتصادية في البلد لغرض تحويل الاقتصاد مكن النظام المركزي المستند إلى سيطرة الحكومة على كافة النشاطات الاقتصادية إلى نظام السوق المستند إلى قوى العرض والطلب وعم التدخل المباشر من قبل الحكومة ، إي أنها الأساس لسياسات الإصلاح الاقتصادي المنطلق من فلسفة اقتصاد السوق التي تتضمن عجز الدولة عن تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد وتحقيق عدالة التوزيع وضرورة تولي القطاع الخاص النشاط الاقتصادي ، وتحتفض الدولة بحق التدخل في المجالات التي يحصل فيها أي خلل قد يؤدي إلى الأضرار الاقتصادي أو الاجتماعي وبذلك فأن مفهوم الخصخصة هو تحول ملكية المشاريع الاقتصادية لمملوكة للدولة إلى القطاع الخاص.
من هذا المنطلق يجب أن تواكب الخصخصة تغيرات جذرية لمفهوم أو فلسفة مسؤولية الدولة من إدارة الاقتصاد ودورها السياسي والاقتصادي اتجاه المزيد من المشاركة للقطاع الخاص .
وللخصخصة منظورين (1) اقتصادي وسياسي ، ففي المنظور الاقتصادي تهدف الخصخصة استغلال المصادر الطبيعية والبشرية وبكفاءة وإنتاجية أعلى ، وذلك بتحرير السوق وعدم تدخل الدولة ألا في الحالات الضرورية القصوى وعبر أدوات محددة لضمان استقرار السوق والحد من تقلباته .
أما المنظور السياسي ، يدعو إلى اختزال دور الدولة ليقتصر على مجالات أساسية مثل الدفاع والقضاء والأمن الداخلي والخدمات الاجتماعية ، لذا فان التخصيص يتجاوز مفهومه الضيق المقتصر على عملية بيع أصول نقل ملكية ليكون بمثابة نقاة اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيرة وفلسفة جديدة لدور الدولة .
طرائق الخصخصة
لاختيار الطريقة المناسبة لنجاح عملية الخصخصة تتفنن الدولة في ابتداع طرق جديدة أو مزج بين عدة طرق وهذا الاختيار يتوقف على جملة من الاعتبارات من أهمها ، وضوح النية والرغبة في التحول نحو القطاع الخاص دفعة واحده ام بالتدريج وهداف الخصخصة وحجم الشركات التي سيتم خصخصتها والتركيبة الاجتماعية والسياسة الاقتصادية للدولة من جهة وطبيعة النشاط الذي تمارسه المؤسسات التي يراد خصخصتها من جهة أخرى وهناك ثلاثة طرائق لتحول من الملكية العامة للدولة إلى المكية الخاصة وهي(2):-
- الإنهاء الكلي أو الجزئي لملكية الدول ( (full or partial divestment ضمن هذه الطريقة ترغب الدولة في إنهاء ملكيتها (كليا أو جزئيا ) للمشروعات أو الممتلكات العامة ، منها البيع على شكل آسهم عامة من خلال الأسواق المالية وهذا الأسلوب يتطلب أن تكون هناك أسواق مالية متطورة نسبيا من اجل نجاح ذلك الأسلوب ، أو يتم بيع ذلك المشروع الاقتصادي إلى إحدى الشركات الخاصة ، أو يوجد أسلوب أخر من خلال بيع المشروع إلى المدراء والتنفيذيين والعاملين به ، فظلا عن البيع لقاء قيام المشترين بأن يتحمل الديون الرأسمالية للشركة ، فيتم أعطائهم الشركة هبه أو هدية ليترك لهم إن ينتشلون من مشاكلها التسويقية أو الإنتاجية أو العمالية التي تصرف نظر المشترين عن شرائها .
- العقود الإدارية (management contracts)
من خلال هذه الطريقة تقوم الدولة بتوكيل (أو التفويض) القطاع الخاص في مجال المشروع الإداري للقيام بالنشاط نيابة عنها ، ويعني هذا عدم خروج القطاع العام أو الدولة من الصورة مازال دورها مستمرا لتحتفظ بملكيته الدولة لقاء عوائد متفق عليها ضمن عقد مبرم ، وذلك بهدف الاستفادة من الخبرات المحلية والأجنبية وتلافي الخسائر التي تتحقق من إدارة الدولة .
- أمتياز الإيجار أو الإلزام (leases or granting of concessions)
بموجب هذه الطريقة فأن الدولة تمنع المستثمر المحلي أو الأجنبي حق استغلال مورد اقتصادي محدود أو إنتاج سلعة أو خدمة معينة مقابل عوائد متفق عليها بعقد الامتياز، وهناك أنواع كثيرة جدا لهذا النوع من الموارد الطبيعية كالنفط والغاز وبقية الأنواع ، وكذلك قد يشمل تقديم خدمات الموانئ أو النقل بمختلف أنواعه.
أهداف وإستراتيجية الخصخصة
يعد الهدف الذي ينشره برنامج الخصخصة حجر الأساس لنجاح البرامج ، فوضح الهدف يجعل من السهل تحديد المشروعات الأولى بالخصخصة من غيرها وأي غموض في تحديد الهدف هو شهادة مسبقة الفشل البرامج ، فعلى الرغم من تشابه أهداف الخصخصة عبر الدول، إلا أن الأولويات تختلف بين الدول ، إذ تسعى كل منها إلى ترتيب أهداف الخصخصة لديها بما يتوقف مع الأوضاع الاقتصادية والسياسية والمالية والاجتماعية ، وفيما يلي أهم أهداف الخصخصة (3) :-
- تعزيز الكفاءة الاقتصادية من خلال الاعتماد على آليات السوق والمنافسة .
- إعادة تعريف دور الدولة بما يسمح لها بالتركيز على الوظائف المنوطه بها في الحكم .
- تحفيظ الأعباء المالية المخصصة للمشروعات العامة مما يؤدي إلى تقليل العجز المالي للحكومة.
- توجيه موارد الدولة نحو مجالات تحقيق أكثر نفعا للمجتمع مثل مجالات الصحة والتعليم على سبيل المثال.
- تخفيض حجم الدين العام .
- فتح المجال إمام القطاع الخاص (المحلي والأجنبي ) بشكل يسمح في جذب الاستثمار الأجنبي .
- تحرير التجارة وحرية رؤوس الأموال والأيدي العاملة.
- توسيع قاعدة الملكية.
لاسيما قد يحدث تعارض بين أهداف الخصخصة يعرضها إلى الفشل ومن اجل هذا التعارض لابد من إستراتيجية لعملية الخصخصة ، ومن هنا يجب على الدولة أن تميز بين مختلف القطاعات وإحجام الشركات إثناء إعداد عملية الخصخصة ونوع الشركات ، إذ لاتوجد هناك إستراتيجية واحدة متبعة في كل الظروف .
ومن أهم خطوات هذه الإستراتيجية ما يلي :-
- وضع معايير واضحة لاختيار الشركات المراد خصخصتها ومعايير تقيمها .
- اختيار التكتيك المناسب لبرنامج الخصخصة بما يتلاءم مع كل أهداف الخصخصة وخصائص المؤسسات المراد خصخصتها .
- وضع ضوابط وقوانين تأخذ بنظر الاعتبار مراعاة مخازن المستهلكين من خلال تنظيم الاحتكارات التي سيتم خصخصتها .
- وضع آليات المراقبة لتطوير عملية الخصخصة ونتاجها .
- تحديد دور المشاركة الأجنبية في العملية ولاسيما بالنسبة للشركات الإستراتيجية والحساسة للاقتصاد الوطني .
- تشجيع المشاركة الشعبية .
الضغوط الدافعة لعملية الخصخصة
أن استقرار الواقع يؤكد إن ثمة وجود العديد من الدوافع نحو اللجوء للخصخصة كأداة لإدارة المنشأة الاقتصادية ، وتمثل هذه الضغوط في :-(5)
- ضغوط دولية ولدت إلى تنامي تغيرات دولية في برامج متعلقة بالتكييف الاقتصاد بالتي أوردتها كل من صندوق النقد الدولي والبنك المركزي والتي ترتبط بخفض مركزية الإنتاج وقدراته في تخصيص والتوزيع تجعل المشروعات معرضه إلى قوة السوق والنظام والحوافز والربح والمنافسة الجديدة وترفع أسعار السلع الإنتاجية والوسيطة والنهاية إلى المستويات الاقتصادية وتقليل التشوهات في الأسعار النسبية وتعيد رسم العلاقات بين الأجور والمستوى العام للأسعار.
- ضغوط تجارية تهدف إلى توسيع مجالات العمل وزيادة كفاءة الإنتاج .
- ضغوط أيدلوجية نفظي بإطلاق القطاع الخاص في ممارسة النشاط الاقتصادي والحد من دور الدولة .
- ضغوط إدارية تهدف إلى إيجاد حكومات تعمل على وضع سياسات تستهدف رفع الكفاءة الاقتصادية ومعدلات النمو على المدى المتوسط والبعيد .
- ضغوط اقتصادية والتي تعرضت لها الدول النامية الناتجة عن أزمة المديونية والتي أدت إلى تشوهات داخلية وخارجية متمثلة في عجز الموازنة العامة وميزان المدفوعات .
في هذا الإطار ظهرت الخصخصة كجزء من الحل ا وسيلة لتثبيت اقتصاديات الدول النامية وتخفيض ديونها الخارجية , وإعادة توزيع مصادر وإيرادات الدولة بشكل أفضل .
متطلبات اختيار الطريقة الملائمة للخصخصة
ان الطريقة الملائمة لاختيار الخصخصة , مقيدة بمتغيرين هما :
أولا: الهدف من الخصخصة
إذ كان الهدف من الخصخصة هو توسيع قاعدة الملكية الخاصة وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين ، فقد يكون الإحلال للقطاع الخاص محل القطاع العام في إدارة النشاط هو احد الطرق الملائمة للخصخصة على ان يتم ذلك بشكل تدريجي اما إذا كان الهدف من الخصخصة هو الاستفادة من الخبرات التقنية والإدارية في الخارج فقد تكون عقود الإدارة طريقة مناسبة للخصخصة ، أما إذا كان الهدف هو تحسين الكفاءة الاقتصادية وكسب تعاون العاملين إلى جانب الإدارة فن بيع الشركة للعمال والإدارة قد تكون طريقة مناسبة.
ثانيا :خصائص المشروع
إن دراسة سوق والمتغيرات البقية المحيطة وتحليل نقاط القوة والضعف في ادائة والتنبوء بظروف المشروع مستقبلا يعد مفتاحا للوقوف على طريقة تأهله المناسبة إلى الخصخصة مع وجود جدولة زمنية للخطوات المحددة .
تقييم أثار الخصخصة
إن خيار الخصخصة من طريق الإصلاح الاقتصادي قد يترك اثأر مختلفة على متغيرات النشاط الاقتصادي من ناحية الأداء الكلي وعلى نتائج المدخلان والمخرجات الخاصة بالمؤسسة المراد خصخصتها من الناحية الجزئية (6)
- المستوى الكلي
يمكن تقييم اثر الخصخصة على المستوى الكلي باستخدام طرق مختلفة مثل توفير القدرة على المنافسة الاقتصادية الدولية من خلال رفع الكفاءة الاقتصادية والفنية في ظل نظام العولمة , زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد ، انخفاض معدل التضخم الذي مصدره الزيادة في الإنفاق الحكومي ، انخفاض عجز الموازنة العامة ، مساعدته على الأسواق المالية , الزيادة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة , تحسين الميزان التجاري .
- المستوى الجزئي
أما على مستوى الشركة , فإنها تعمل على تحقيق الكفاءة الاقتصادية والفنية من خلال تخفيض التكاليف والاستغناء عن العمالة الفائضة غير المنتجة وبتالي تحقيق الربح ، وتعمل على توفير رأس المال الخاص المحلي والأجنبي اللازم للاستثمار وبشكل خاص في الصناعات الكبيرة ، فضلا عن توفير التكنولوجيا الحديثة وتدريب العاملين عن الأساليب الحديثة .
الاقتصاد العراقي الواقع والطموح
رسم الواقع الاقتصادي في العراق طيلة أكثر من عقديين ملامح بارزه على تراجع قدرات الاقتصاد العراقي بكافة مؤشراته ، إذ من شأن هذا الواقع المرير إن تضع العراق في موجة تحديت اقتصادية واجتماعية قد تمتد لعقود طويلة من الزمن والتي من الممكن إن تجعل من إمكانية المحافظة على وحدة العراق واستقله السياسي والاقتصادي غاية في الصعوبة ، إذ إن استقراء التاريخ الاقتصادي في العراق يظهر انه لم يكن سلسة مترابطة الحلقات وإنما تاريخه يتصل وينفصل بحسب الظروف السياسية التي يمر بها البلد بشكل يكون المشترك بينهما ضعيفا ، على خلاف ما تطلبة الطبيعة الاقتصادية والاجتماعية من تماسك وتناغم بين أجزائه ، (7) وان الدولة الجديدة ورثت الاقتصاد السابق بجميع صفاته المتلفة والتي تتضمن قطاعات اقتصادية مهمشه ، فيما يلي نستعرض احوال الاقتصاد العراقي بعد 2003 بالنقاش والتحليل بالقدر الذي يتوفر فيه الارقام والمعلومات .
- هيمنة القطاع النفطي على الاقتصاد
على الرغم من تذبذب معدلات نمو القطاع النفطي والذي كان انتاجه محدودا بسبب ضعف القدرات الفنية لزيادة الانتاج ، الا ان قيمة الانتاج من النفط الخام اخذت تشكل نسبة كبيرة من اناتج المحلي الاجمالي ، في حين تراجعت معدلات مساهمة القطاع الزراعي من (83%) في عام 2003 إلى (36%) في عام 2008 ، وكذلك الحال بالنسبة القطاع الصناعي وبقية القطاعات الاقتصادية الاخرى ، والجدول (1) يبين مساهمة القطاعات الاقتصادية في بنية الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية .
جدول (1)
نسبة مساهمة القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية للمدة (2003-2008)
التفاصيل
السنواتالناتج المحلي الإجمالي مليون دينار نسبة مساهمة قطاع النفط % نسبة مساهمة قطاع الزراعة % نسبة مساهمة قطاع الصناعة % نسبة مساهمة القطاعات الاقتصادية الاخرى % المجموع % 2003 29894476,2 68,1 8,3 1,02 22,58 100 2004 48206524,5 63,4 7,3 1,6 27,7 100 2005 6422555,5 61,3 6,6 1,9 30,2 100 2006 9607160,6 55,2 5,8 1,5 27,5 100 2007 10840297,6 53,9 5 1,7 39,4 100 2008 156670098 55,4 3,6 1,5 39,5 100
المصدر/وزارة التخطيط والتعأون الانمائي ، الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات ، المجموعة الاحصائية لسنوات مختلفة .
- هيمنة الدولة على النشاط الاقتصادي
ان الاعتماد على القطاع النفطي من قبل الاقتصاد العراقي والذي كانت تمثلة الدولة كان سبب رئيسي لهيمنة الدولة على النشاط الاقتصادي , لكونها هي المتصرف الوحيد بعوائد النفط التي يراد منها تنمية بقية القطاعات الاخرى الا ان الاجراءات التي اعتمدت في تنمية القطاعات قد فشلت نتيجة للسياسات الشمولية المتبعة في عملية ادارة الموارد الاقتصادية ، واصبحت الدولة هي القطاع المهيمن والمتصرف بمعظم الفعاليات الاقتصادية ، في حين ان القطاع الخاص قد حجم دوره ولم يكن له تأثير إلا في الأنشطة الاقتصادية الصغيرة ، وهذا ماقد يوضحة الجدول (2).
جدول (2)
التفاصيل
السنواتالناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية مليون دينار نسبة القطاع العام (%) نسبة القطاع الخاص (%) المجموع (%) 2004 48206524,5 68,44 31,56 100 2005 6422555,5 63,12 36,88 100 2006 9607160,6 70،63 29,37 100 2007 10840297,6 69,45 30,55 100 2008 156670098 71,23 29,77 100
المصدر/ وزارة التخطيط والتعأون الانمائي ، الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات ، المجموعة الاحصائية لسنوات مختلفة .
- ارتفاع معدلات التضخم
نتيجة استحواذ بنود الانفاق الجاري على مجمل يرادات الموازنة ، ودائما ما كان العجز يمول من خلال الاقتراض من البنك المركزي الذي فقد استقلاليته في الفترة قبل 2003 ، واصبح ينفذ إذونات الخزينة العراقية دون ادنى اعتراض من خلال الاصدار النقدي الجديد بما يفوق كثيرا حجم المعاملات في الاقتصاد لينعكس في تدني كبير في قيمة العملة العراقية . (8)
وهذا ما ساعد على غياب سوق نقدي عالي المرونة تمثلت بعدم القدر للسياسة النقدية على احداث التاثيرات الايجابية في مستوى الائتمان بشكل ينشط من عملية الاستقرار الاقتصادي مما نتج عن ذلك عدم التوازن في الاقتصاد الكلي حيث العجز المستمر في بنية العرض السلعي نتيجة لتعطيل شبة التام للمؤسسات الانتاجية وتراجع القدرات الاستيرادية مما دفع السلطة المالية إلى تمويل الميزانية عن طريق الاصدار النقدي الجديد مما ترتب على ذلك تدهور سعر الصرف وارتفاع المستوى العام للاسعار والجدول (3) يوضح ذلك
جدول (3)
الرقم القياسي لاسعار المستهلك للسنوات (2003-2008)
السنوات الرقم القياسي لاسعار المستهلك التضخم السنوي % 2003 181301,7 32,5 2004 230184,1 27،9 2005 315259 26,95 2006 483074،4 53،2 2007 632029,8 30،8 2008 649094,6 2,7
المصدر / وزارة التخطيط والتعأون الانمائي ، الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات ، الارقام القياسية ، لسنوات متفرقة .
- ارتفاع معدلات البطالة
ارتفعت معدلات البطالة إلى مستويات عالية خاصة بين الذكور ، إذ بلغت نسبة البطالة لدى الفئة العمرية (15) سنة فما فوق عام 2003 نسبة مقدارها (28,10%) من اجمالي حجم القوى العاملة ، بينما سجل انخفاض في عام 2008 بمعدل (16،28%) ، ومن المهم الاشارة إلى ان هذه الارقام تتعلق فقط بالبطالة السافرة فهي لاتشمل الطالة المقنعة الانتاجية ولا البطالة الموسمية. (9)
جدول (4)
معدلات البطالة في العراق للسنوات (2003-2008)
السنوات 2003 2004 2005 2006 2007 2008 معدلات البطالة % 28،10 26،8 17،97 17،50 11،7 16،28
المصدر / تقرير نتائج مسح التشغيل والبطالة ، الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات ، وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي ، لسنوات متفرقة .
- تفاقم مشكلة المديونية الخارجية
أدت الحروب التي مر بها العراق والعقوبات الاقتصادية إلى تفاقم مشكلة المديونية الخارجية ، اذ كانت لتداعيات المرحلة ارتفاع الدين الخارجي حيث كانت حسب تقديرات صندوق النقد الدولي والتي قدرت بمبلغ (125) مليار دولار وفقا للدراسة الموسومة ستراتيجة التنمية الوطنية (2005-2007). (10)
والجدول (5) يبين طبيعة الديون العراقية وما زاد من تقيد العراق في تحقيق مسيرتها اتجاه عملية التنمية .
جدول (5)
ديون العراق حسب طبيعتها بمليارات الدولارات
ديون مصرفية ديون خارجية ديون خليجية مصرفية ديون خليجية كمبيعات نفط لصالح العراق متأخرات سداد مجموع الديون 14 29 27 14 40 124
المصدر / اديب قاسم شندي ، واقع الاقتصاد العراقي والاستثمار الاجنبي ، مجلة الكوت للعلوم الاقتصادية والادارية ،المجلد الأول ، العدد الأول ، 2009 ،ص22.
ثانيا :- خصخصة الاقتصاد العراقي رؤيا مستقبلية
إن الخصخصة لاتعني بالضرورة امتلاك القطاع الخاص بشكل كلي لجميع المشاريع الاقتصادية ، وإنما تأخذ الخصخصة صيغ متعددة تبعا للأهداف الاقتصادية للبلد ودرجة الوعي الاجتماعي ومدى ايمان القائمين بالخصخصة بذلك الأسلوب ، وعليه فقد تكون الخصخصة بشكل جزئي لبعض المشاريع أو كلي لأخرى أو عن طريق الاستعانة بالقطاع الخاص المحلي أو الأجنبي لإدارة بعض المشاريع أو تأجيرها لزمن محدود وشروط متفق عليها ، وتوضح الفقرات القادمة رؤيا مستقبلية توضح إمكانية خصخصة الاقتصاد العراقي بهدف الاقتصاد العراقي وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
- إستراتيجية التحولات المستهدفة لعملية الخصخصة في تطوير وتنمية المنشات الاقتصادية في العراق .
لابد من تبني ستراتيجة مرنة تتماشى مع واقع الاقتصاد العراقي ومعطيات صروفه ، وذلك بما يحقق القدرة على إمكانية التعبير بما يتفق وطبيعة المتغيرات المحلية والدولية وآفاقها المستقبلية ، وهذا يقتضي أن يتحدد في ظل الاتجاهات والأهداف الآتية :-
- الأهمية النسبية لمساهمة القطاع النفطي إلى أجمالي الناتج المحلي في الاقتصاد العراقي ، وان التحكم بأسعاره خاضع إلى حد كبير إلى متغيرات خارجية ، مما سبب إلى تقلبات في إيراداته بشكل واسع ينعكس بشكل أو بأخر على نحو الناتج المحلي الإجمالي ، ومن اجل أن يتسم واقع الاقتصاد العراقي بالتنوع السلعي في صادراته وتلافي الصدمات الخارجية أو التخفيف من أثارها ، فأن الأمر يقتضي السعي نحو تحرير ألتجاره ، من خلال إعطاء دور فعال (( لقوى السوق )) في عملية تخصيص الموارد في الاقتصاد الوطني ، من اجل أعطى فرصة لنمو الصادرات وتحفيز الفجوة الخارجية لأحدث معدلات للنمو الاقتصادي المستهدف ، عندما ينتاب القصور الفجوة الداخلية للمساهمة في إحداث النمو . (11)
- وضع برامج للإصلاحات الاقتصادية لتشمل هيكلية الاقتصاد العراقي بما في ذلك الإصلاح الإداري والمالي وإصلاح حالة البنوك ، والأسواق المالية والتجارة الخارجية وأسعار الصرف الأجنبي لتشمل مايلي :-
- إعادة الثقة بين المستثمر المحلي وبين الحكومة .
- وضع سياسة مالية ونقدية والموازنة وسياسة البنك المركزي ومناهج الاستيراد والتصدير وموازنة العملات الأجنبية بصوره مدروسة وصحيحة.
- وضع أسس وقواعد تنظيم الضرائب والرسوم بشكل شفاف وعادل .
- خلق حالة من التنسيق عند وضع الخيارات بما يجعلها منسجمة مع رغبة المستثمر ، عند وضع الحوافز والاستثمارات بحيث يكون توجه المستثمر طوعا .
- تفعيل الإجراءات الخاصة بتامين الحماية الاجتماعية للطبقات الأكثر فقرا في العراق مثل شبكة الرعاية الاجتماعية , وبرامج التامين الصحي وتشغيل العاطلين عن العمل وغيرها من الإجراءات الهادفة إلى الأحد من الآثار السلبية للخصخصة .
ج- وضع برامج للاستثمار العام هدفها تمويل المشاريع لإعادة وتأهيل لإقامة البنية الأساسية والاقتصادية والبيئية وخاصة في مجال الصناعة النفطية : وعلية تنفيذ تلك التوجهات يجب ان يتم على ضوء ما يأتي وبشكل متعاقب.
- وضع برامج لإعادة تقييم المشاريع العامة .
- إصلاح النظام المصرفي .
- إصلاح سوق الأسهم والسندات .
- تحرير التجارة الخارجية .
- تحرير تدفق رؤوس الأموال من وإلى الوطن .
د- إعادة النظر في دور الدولة والفلاسفة الجديدة لإدارة الحكومة العراقية لمسؤوليتها اتجاه الاقتصاد العراقي وتنظيم الهيكل الإداري للدولة في ظل الدور الجديد , وإزالة التدخل في الاختصاصات بين الجهات الحكومية لرفع الكفاءة والإنتاجية في القطاع الحكومي .
- التهيئة لخصخصة اقتصادية ناجحة
بعد تحديد الأهداف المطلوبة في عملية الخصخصة يتم يأتي(13) :-
- التثقيف والإعلام بعملية الخصخصة .
- إجراء مسح للسكان يتضمن البيانات الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة لاحداث تنمية اقتصادية مستدامة .
- إجراء مسح شامل وتفصيلي لمشاريع الدولة وتحديد المشاريع التي تتطلب المرحلة الاقتصادية خصخصتها .
- خلق الأطر المؤسسية والتي تتمثل في الأطر القانونية والقضائية والرقابية لعملية الخصخصة .
- إيجاد الأطر القطاعية في كل وزارة يتمن ذلك القوانين والضوابط والمواصفات التفصيلية داخل القطاع الاقتصادي .
الاستنتاجات والتوصيات
أولا:- الاستنتاجات
- تعد برامج الخصخصة جزء من عملية تعديل هيكلي في النشاط الاقتصادي من اجل تحقيق الكفاءة الاقتصادية .
- إن الخصخصة تؤدي إلى تخفيض حجم السيولة بسبب تقليص الإنفاق العام وبتالي تقليص حجم التضخم .
- الاعتماد الكبير من القطاع الخاص في العراق على الدعم الحكومي الأمر الذي يجعله ضعيف المنافسة اتجاه السلع المستوردة من الخارج .
ثانيا :- التوصيات
- توعية المواطن من خلال مختلف وسائل الإعلام بأهمية استخدام المنتجات والخدمات الوطنية التي ينتجها القطاع الخاص .
- وضع الضوابط اللازمة لتفادي تحويل الاحتكار العام إلى احتكار خاص والعمل على خلق التنافس بين المشروعات .
- محاولة إيجاد بيئة تنافسية يستطيع القاع الخاص العمل فيها بكفاءة الارتقاء بإنتاجيه عوامل الإنتاج , وإنتاج سلع وخدمات تستوفي شروط الأسواق الدولية .
المصادر
- ستيف هاتكي , تحويل الملكية العامة إلى القطاع الخاص , ترجمة محمد مصطفى عنيم , دار الشروق , القاهرة , 1990 , ص14.
- سفيان العيسة , تحديات الإصلاح الاقتصادي في العالم العربي :نحو اقتصاديات اكثر إنتاجية , مركز كارنيغي للشرق الأوسط , 2007، ص11.
www. Carnegie ennoiement .org /pubs
- سوسن كريم الجبوري ,الخصخصة وسيلة لتحقيق الإصلاح الاقتصادي في العراق ، مجلة القادسية للعلوم الإدارية والاقتصادية ، المجلد (11) , العدد (3) ,2009 , ص154-155 .
- حسان خضير , خصخصة البنية التحتية , سلسلة اصدارت جسر التنمية , العدد (18) ،2003 , ص5.
- نائل موسى , الخصخصة ، منشورات البنك الدولي ، 2007 ، ص7 .
- المصدر نفسه ،ص8.
- أديب قاسم شندي ، دور الاستثمار الأجنبي في تفعيل الاقتصاد العراقي , مجلة دراسات اقتصادية ، بيت الحكمة ،العدد (1) ،2009،ص29.
- عبد الحسين محمد العنبكي ، الإصلاح الاقتصادي في العراق / تنظير الجدوى الانتقال نحو اقتصاد السوق ، سلسلة كتب مركز العراق للدراسات ،دار الصنبور للطباعة ، بغداد ،2008،ص106.
- تقرير نتائج مسح التشغيل والبطالة ، الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات ، وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي ، لسنوات متفرقة .
- أديب قاسم شندي ، واقع الاقتصاد العراقي والاستثمار الأجنبي ، مجلة الكوت للعلوم الاقتصادية والإدارية ،المجلد (1) ،العدد (1) ، 2009، ص40.
- محمد حسين ناصر البدري ، سياسات الإصلاح الاقتصادي في الصين وإمكانية الاستفادة منها في العراق ، رسالة ماجستير ، كلية الإدارة والاقتصاد ، جامعة واسط، واسط ، ص150.
- وفاء المهداوي ،القاعدة الاقتصادية لستراتيجية التحول إلى اقتصاد السوق ، المجلة العراقية للعلوم الاقتصادية ،دار الكتب والوثائق ، العدد (8) ،2005، ص29.
- المصدر نفسه ،ص31.