يعد اختطاف زعيم الحزب الديمقراطي المسيحي الإيطالي ألدو مورو في مارس عام 1978 وإعدامه لاحقا من قبل تنظيم "الألوية الحمراء"، الجريمة الأكثر شهرة في القرن العشرين بإيطاليا.
ألدو مورو، شخصية سياسية إيطالية رفيعة، وكان تولى رئاسة الوزراء في بلاده لفترتين متصلتين، الأولى بين عامي 1963 – 1968، والثانية من عام 1974 إلى 1976.
اللافت أن عملية اختطاف "الألوية الحمراء" لزعيم الحزب الديمقراطي المسيحي الإيطالي، جرت في وضح النهار وفي وسط العاصمة روما.
هذه العملية الكبرى جرت على الشكل التالي. صبيحة يوم الأحد 16 مارس 1978، كان ألدو مورو، في طريق عودته من الكنيسة إلى منزله في سيارة رسمية من طراز فيات 128.
فجأة، كما في أفلام هوليود، اعترضت سيارة تحمل لوحة دبلوماسية سيارة مورو ، وأجبرتها على الانحراف والتوقف على الرصيف.
بالتزامن مع ذلك، توقفت سيارتان أخريان بسرعة في مكان قريب، وقفز منها خمسة رجال وامرأة.
فتح المهاجمون نيران أسلحتهم النارية، وقتلوا على الفور سائق مورو وحارسا كان يرافقه علاوة على ثلاثة رجال أمن آخرين.
سارع الجناة إلى إخراج ألدو مورو من السيارة وقاموا بدفعه إلى إحدى سياراتهم ولاذوا بالفرار. كل تلك العملية لم تستغرق أكثر من ثلاث دقائق.
بعد ظهر ذلك اليوم، اتصل خاطفو ألدو مورو بمكاتب تحرير أكبر الصحف الإيطالية وعرفوا بأنفسهم على أنهم وحدة من "الألوية الحمراء".
"الألوية الحمراء"، منظمة إرهابية كانت ارتكبت العديد من الهجمات العنيفة والدموية في إيطاليا وفرنسا وألمانيا .
وُضعت الشرطة الإيطالية بأكملها على قدم وساق، وشاركت وحدات عسكرية ومجموعات مكافحة الإرهاب الخاصة من إنجلترا وألمانيا في عملية البحث عن مرتكبي الجريمة.
استمرت جهود البحث لعدة أسابيع، إلا أن الجناة كانوا بعيدي المنال. وزعت الألوية الحمراء سلسلة من المنشورات تحدد شروط إطلاق سراح ألدو مورو، مرفقة إياها بتهديدات صريحة.
الحكومة الإيطالية في ذلك الوقت أعلنت منذ البداية أنها لن تتفاوض مع الإرهابيين، وحظي هذا الموقف بدعم كبير في إيطاليا.
بمرور الوقت اشتدت التهديدات في رسائل "الألوية الحمراء"، ونشرت في 16 أبريل بيانا قالوا فيه إن السياسي المختطف أدين وحكم عليه بالإعدام من قبل "محكمة الشعب".
بعد ثلاثة أيام، وزعت "الألوية الحمراء" رسالة قالت فيها إن "المجرم" انتحر، وأن جثته يمكن العثور عليها في بحيرة بالقرب من روما، إلا أن عمليات البحث لم تؤد إلى شيء.
عقب ذلك، قال الجناة في رسالة تالية إن ألدو مورو لا يزال على قيد الحياة، لكن حكم الإعدام سينفذ به في غضون ثمان وأربعين ساعة إذا لم يتم في هذه الفترة إطلاق سراح العديد من أعضاء "الالوية الحمراء" من السجون.
في تلك الأثناء، كانت الشرطة الإيطالية تقتفي آثار المتورطين في عملية الاختطاف، وتم في 18 أبريل، اكتشاف منزل للألوية الحمراء في ضواحي روما يستعمله أفرادها كمخبأ آمن، وعثر به على أسلحة وذخيرة وأزياء رسيمة لطيارين مدنيين ولوحات سيارات دبلوماسية ووثائق مزورة.
الشرطة الإيطالية كانت على ثقة من أن ذلك المنزل هو المكان الذي أخفى فيه منفذوا العملية ألدو مورو بعد اختطافه.
أعضاء "الألوية الحمراء" على ما يبدو، يئسوا من إمكانية فرض شروطهم على الحكومة الإيطالية التي تمسكت بموقفها الرافض للتفاوض مع الإرهابيين، فبعثوا برسالتهم الأخيرة في 5 مايو.
كتبوا في الرسالة إن المعركة التي بدأت في 16 مارس باختطاف ألدو مورو انتهت! وأن أتباع الإمبريالية لا يفهمون إلا لغة السلاح!
في نفس اليوم، تلقت زوجة مورو رسالة وداع منه، كتب فيها عبارة مأساوية تقول: "سيقتلونني في المستقبل القريب جدا".
رن الهاتف يوم 9 مايو في أحد مكاتب شرطة روما. كان المتصل من الطرف الآخر ممثل عن "الألوية الحمراء"، أبلغ عن سيارة محملة بالمتفجرات أمام مقر الحزب الديمقراطي المسيحي.
أرسلت الشرطة فريقا خاصا لإزالة الألغام إلى ذلك المكان، إلا أنه بدلا من المتفجرات، تم العثور على جثة ألدو مورو في السيارة. القيادي السياسي الإيطالي الرفيع قتل في صباح 9 مايو بإحدى عشرة رصاصة أطلقت على رأسه.
الشرطة داهمت في 17 مايو المكان الذي طبعت فيها "الألوية الحمراء " منشوراتها، وجرى القبض على أربعة رجال وامرأة يشتبه في تورطهم في جريمة اختطاف وقتل الدو مورو.
عقب ذللك جرت عدد اعتقالات أخرى. واعلن في المحاكمة التي التامت أخيرا في عام 1982، عن ثلاثة وستين شخصا متورطين في هذه الجريمة الدموية.