ذكرى وفاة أجاثا كريستي.. ملكة الجريمة التي لم تجيد القراءة
الأربعاء 2023/1/11
وفاة أجاثا كريستي
تحل ذكرى وفاة أجاثا كريستي الكاتبة الأكثر مبيعا في التاريخ، نسرد مسيرتها مع الكتابة وروايات الجريمة والغموض التي عاشت لأكثر من 100 عام.
في قصص تبدأ من جريمة يحاول المحققون كشف ملابستها ثم ظهور الأسرار حتى الحل، استطاعت أجاثا كريستي أن تخلد مسيرتها الأدبية رغم مرور 47 عاما على وفاتها، فرواياتها التي تبدو شديدة الكلاسيكية كانت تتمتع بقدر عالٍ من الذكاء وقدرة على أسر القارئ وربطه بالأحداث من التفصيلة الأولى وحتى كلمة النهاية.
عاشت أجاثا كريستي حياة مميزة، جمعت بين الكتابة والسفر واكتشاف العالم، وكذلك تنقيب الآثار في بلاد الشرق الأوسط، وتركت إرث أدبي من الصعب منافسته، فأعمالها ما زالت تتحول إلى أفلام سينمائية أو مسلسلات درامية مشوقة، وتم ضمها لموسوعة جينيس باعتبارها الكاتبة صاحبة أكثر أعمال مترجمة، بعد أن تم ترجمة رواياتها 7236 مرة بأكثر من 100 لغة حول العالم.
أجاثا كريستي
كريستس هو لقب زوجها الثاني، بينما اسمها الأصلي هو أجاثا ماري كلاريسا ميلر، ولدت في 15 سبتمبر 1890 بمدينة توركواي في إنجلترا، حيث عاشت مع أسرتها وشقيقيها الأكبر في وضع ميسور الحال، والدتها بريطانية اسمها كلارا تمتلك شخصية ساحرة ومحبة للأدب، ووالدها أمريكي.
اعتادت أن تنصت إلى والدتها التي كانت تتقن رواية القصص، كما كانت أجاثا كريستي تحب قراءة قصص الأطفال لإديث نسبيت ولويزا إم ألكوت، كما كان والدها يُطلعها على الأفلام الأمريكية ويجعلها تقرأ القليل من الشعر، وكانت تتعلم الدروس في المنزل، وهي المرحلة التي كانت شديدة الصعوبة عليها.
أجاثا كريستي تواجه صعوبات التعلم
"كنت الأبطأ في العائلة" تروي أجاثا كريستي كيف كانت تواجه صعوبة في التعلم عند طفولتها، وهو الأمر الذي يبدو غريبا أو كأنه من مفارقات الأقدار، فالكاتبة الأشهر ومن بين الأكثر مبيعا في التاريخ، كانت تعاني من عدم القدرة على التهجئة والقراءة والكتابة أيضا، غير أن والدتها لم تكن تريد لها أن تتعلم باعتبار أنها فتاة مولودة في أسرة ميسورة الحال وليست بحاجة للتعليم.
حين كانت في الخامسة من عمرها، ولد لدى الطفلة أجاثا كريستي الفضول تجاه الحروف رغم الصعوبات التي تواججها في تعلمها، وكانت مربيتها تحرصها على تعليمها، واستطاعت مع بلوغ الثامنة من عمرها أن تتعلم الفرنسية رغم تهجئتها غير الصحيحة أحيانا.
أول قصة من الإنفلونزا
كانت كريستي تهوى قصص والدتها وتستمتع بطريقتها في السرد، ولكنها لم تكن تتخيل أن تكون صناعة القصة هي موهبتها وعملها الدائم، رغم امتلاكها لخيال واسع غير تقليدي وطفولة سعيدة تحتك فيها بالطبيعة دون قيود وحركة دائمة لا تتوقف، ومع إتمامها للحادية عشرة من عمرها مرضت بالإنفلونزا التي أبقتها في الفراش لأيام، فشعرت بالتعاسة.
حاولت والدتها أن تزيح عنها الشعور بالإحباط، فأوعزت له بفكرة استخدام خيالها الواسع في كتابة قصة قصيرة وبعض القصائد التي نشرتها الجرائد المحلية في لندن وقتها، ثم شعرت أنها في حاجة للكتابة عن أمر غير معتاد ولكنها يشغلها، وبدا وكأنها وجدت ضالتها، فعملت أجاثا كريستي على الأفكار والمعلومات التي تسمع بها أو الأحداث التي تقرأ عنها في الصحف لتقدم قصصا بوليسية محكمة.
مع انتقال أسرتها إلى فرنسا، في ظل مواجهة والدها لأوضاع مادية صعبة، تعلمت كريستي الموسيقى وعزف البيانو الذي يبدو أنها أتقنته بشدة، ولكن بعد وفاة أبيها عادت مع والدتها كلارا إلى لندن، وحاولت أن تراسل كثير من الصحف الأدبية والناشرين ولكنها قوبلت بالرفض، حتى تواصلت مع الكاتب إيدن فيلبوتس الذي نصحها أن تكون أكثر وضوحا وتعلم أن الكتابة عبارة عن زجاج يرى القراء المجتمع من خلاله.
زواج أجاثا كريستي
في ظل سعيها نحو تحقيق حلمها بالكتابة، تزوجت عام 1914 من الطيار آرشي كريستي، الذي ظلت تحمل لقبه على أعمالها الأدبية، ومع الزواج بدأت الحرب العالمية الأولى، فانضم هو لسلاح الطيران الملكي، وعملت أجاثا كممرضة متطوعة، ثم عملت مساعد صيدلي وأنهت خدمتها مع انتهاء الحرب في عام 1918، وعادت للعمل مساعد صيدلي مع بدء الحرب العالمية الثانية في مستشفى كلية الجامعة في لندن، حيث تعلمت الكثير عن السموم التي استخدمتها في قصصها بالفعل.
أنجبت أجاثا كريستي طفلتها روزاليند مارجريت عام 1919، ولكن زواجها من آرشي واجه مشكلات كبيرة بعد اعترافه لها بوقوعه في حب أخرى، فتطلقا عام 1928 بعد مرورها بحالة نفسية سيئة لفترات، ثم تزوجت مرة ثانية في 1930 من عالم الآثار ماكس مالوان، الذي سافرت معه حول العالم وغرقت في عمليات التنقيب عن الآثار في بلاد الشرق الأوسط، وذكرت تفاصيل منها في رواياتها.
أول رواية للكاتبة أجاثا كريستي
عكفت أجاثا كريستي على كتابة روايتها الأولى قضية ستايلز الغامضة The Mysterious Affair at Styles وأنهتها عام 1916، ولكنها ظلت تبحث لها عن ناشر حتى عام 1920، وكانت الرواية هي الظهور الأول للمحقق البلجيكي هيركيول بوارو، الذي ابتكرته كريستي، وكان غريب الأطوار وأناني ولا يمكن احتماله، واستمر ظهوره في 33 رواية لأجاثا كريستي ومسرحيتين، وما يقرب من 50 قصة قصيرة.
ومثله، ابتكرت أجاثا كريستي الآنسة المسنة جين ماربل، التي ظهرت للمرة الأولى في روايتها جريمة في القرية (أو جريمة في بيت الكاهن) عام 1930، بينما كان آخر ظهور لها في رواية الجريمة النائمة عام 1976.
روايات أجاثا كريستي
من كتاباتها، كان جليا أن أجاثا كريستي تمتلك أسلوبا خاصا، جعل أعمالها تحتل المرتبة الثالثة بين الكتابات الأكثر انتشارا في التاريخ بعد وليم شكسبير والإنجيل، كونها استطاعت أن تعبر عن الأفكار والمشاعر بلغة سلسة وقدرة على ضبط الحبكة الدرامية وجذب انتباه القرا، وقدمت ما يقرب من 66 رواية بوليسية و14 مجموعة قصصية تضم مئات القصص القصيرة، ويقال إنها كتبت 6 روايات رومانسية تحت اسم ماري ويستماكوت.
باعت روايات أجاثا كريستي أكثر من ملياري نسخة، وتعتبر مسرحيتها "مصيدة الفئران" هي الأطول في التاريخ، فما زالت تُعرض على المسرح في ويست إند في إنجلترا منذ عام 1952 وحتى الآن دون انقطاع، بينما نالت مسرحيتها "محاكمة الشاهد" على جائزة إدغار عام 1955، ومُنحت وسام الإمبراطورية الرومانية في 1956، ونالت لقب سيدة قائد عام 1971 من الملكة إليزابيث تقديرا لأعمالها الأدبية.
أما أشهر روايات أجاثا كريستي:
- جريمة في قطار الشرق السريع- 1934
- خطر في البيت الأخير- 1932
- جريمة في بلاد الرافدين- 1936
- لغز القطار الأزرق- 1928
- موت اللورد إدجوير- 1933
- في النهاية يأتي الموت- 1945
- إعلان عن جريمة- 1950.
- الرحلة المجهولة- 1954
- لغو الكاريبي- 1964
- في فندق بيرترام- 1965
- انتقام العدالة- 1971
من أجمل روايات أجاثا كريستي؟
بينما تعد روايتها "ثم لم يبق أحد" ضمن رواياتها الأكثر مبيعا على الإطلاق، بعد أن بيع منها 100 مليون نسخة، وحازت على لقب رواية كريستي المفضلة حول العالم، وتعتبر أفضل رواية غموض على الإطلاق، في حين اختار 600 كاتب في رابطة كُتاب الجريمة بالتصويت في عام 2013 روايتها "مقتل روجر أكرويد" باعتبارها أفضل رواية جريمة على الإطلاق.
ومن بين أجمل روايات أجاثا كريستي:
- موت على النيل- 1937.
- أبجديات القتل- 1936.
- الرجل ذو البدلة البنية- 1924.
- خمسة خنازير صغيرة- 1942.
- البيت الأعوج- 1949.
هل روايات أجاثا كريستي حقيقية؟
امتلكت أجاثا كريستي قدرة على تقديم تطور في الأحداث لا يتوقعه أحد، فمع استكشاف من هو المجرم تجد أنه في الغالب أول شخص قمت باستبعاده، ومع ذلك يشير كثيرون إلى أن روايات أجاثا كريستي يبدو أنها حقيقية، ولكن من مذكرات زوجها ماكس مالوان عن حياته معها، وجد أنها تذكر بعض من الحقيقة في رواياتها، سواء من خلال مواقف شخصية أو أماكن قاموا بزيارتها.
ومنحت الظروف أجاثا كريستي فرصة زيارة بلدان متعددة حول العالم، سواء في الرحلة البحرية مع زوجها الأول، حين زارت هاواي وكندا وأستراليا ونيوزيلندا وزيمبابوي وجنوب إفريقيا وبوتسوانا، كما أن عمل زوجها الثاني في التنقيب عن الآثار ومساعدتها له مكنتها من زيارة العراق ومصر وسوريا والأردن وفلسطين، الأمر الذي منح رواياتها تنوعا فريدا، وقدرة على مزج الحقيقة بالخيال.
روايات أجاثا كريستي التي تحولت إلى أفلام
تحولت أكثر من 30 رواية من بين أعمال أجاثا كريستي إلى أعمال سينمائية أو تلفزيونية، كما تم الاستلهام من أعمالها الأدبية في صناعة ألعاب الفيديو ورسوم الكوميكس، ومن أشهر الروايات التي تحولت إلى أفلام:
- شاهد على المحاكمة- 1957.
- جريمة في قطار الشرق السريع- 1974.
- موت على النيل- 1978.
- المرآة المتصدعة- 1980.
- شر تحت الشمس- 1982.
- 13 على العشاء- 1985.
- مبنى الرجل الميت- 1986.
- موعد مع الموت- 1988.
إلى جانب أعمالا درامية بالهندية والصينية والإيطالية والفرنسية مأخوذة من روايات أجاثا كريستي.
وفاة أجاثا كريستي
ظلت أجاثا كريستي تكتب حتى آخر سنوات عمرها، ورغم أن أعمالها الأخيرة لم تكن بنفس الدقة والجودة، لم تمتلك كاتبة الجريمة الأفضل على الإطلاق أن توقف نفسها عن الكتابة، ويرجح كثيرون أنه مع تقدمها في العمر تعرضت لأمراض الشيخوخة وألزهايمر، وتوفيت في منزلها في لندن في 12 يناير 1976، ثم دُفنت قرب كنيسة سانت ماري.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مِـيهہرَمــآهہ ♬❥
