عندما كان العلماء يدرسون تشكّل النجم الأولي "في 883 أوريونيس" وجدوا في القرص المحيط به مياها في صورة غازية (ألما)

توصل فريق من علماء "المرصد الوطني لعلم الفلك الراديوي" (National Radio Astronomy Observatory) الأميركي إلى اكتشاف "الحلقة المفقودة" في البحث عن مصدر الماء في نظامنا الشمسي، وذلك من خلال رصد ودراسة نشوء نجم داخل سحابة مغبرة تقع على بعد 1300 سنة ضوئية من الأرض.
وكما جاء في نتائج الدراسة المنشورة في دورية "نيتشر" (Nature) في الثامن من مارس/آذار الجاري، فإن مياه النظام الشمسي، بما في ذلك المياه الموجودة الآن على الأرض، كانت موجودة في المهد الغازي الذي وُلدت منه الشمس، إذ إن مياه النظام الشمسي لم تنشأ فقط قبل الأرض، ولكن قبل الشمس أيضا.
بحثا عن الحلقة المفقودة
وحسب البيان الصحفي الصادر عن المرصد الوطني لعلم الفلك الراديوي، فإنه عندما كان العلماء يدرسون تشكّل النجم الأولي "في 883 أوريونيس" (V883 Orionis)، وجدوا في القرص المحيط به مياها غازية ذات تركيبة كيميائية قريبة من تلك الموجودة في المذنبات الدائرة حول الأرض، وهو ما يدل على أن المياه التي نقلتها المذنبات إلى الأرض القديمة جاءت من سحب غازية أقدم من الشمس.

يقول جون توبين -المؤلف الرئيسي للدراسة وعالم الفلك في المرصد- إنه "يمكننا الآن تتبع أصول الماء في نظامنا الشمسي إلى ما قبل تشكل الشمس". وحسب البيان، فإنه على الرغم من أن الأبحاث السابقة قد بينت أن الماء في مذنبات النظام الشمسي يشبه الماء الموجود على الأرض، فإن حلقة كانت مفقودة، وتم العثور عليها في أثناء دراسة ورصد نشوء النجم الأولي.
كيف يتشكل الماء في النجوم والمذنبات؟
تقول ميريل فانت هوف -عالمة الفلك في جامعة ميشيغان المشاركة في تأليف الورقة البحثية- "لقد علمنا بالفعل أن هناك كثيرا من جليد الماء في الوسط البين نجمي، حيث تظهر نتائجنا أن هذه المياه قد اندمجت مباشرة في النظام الشمسي في أثناء تشكله، وهذا أمر مثير لأنه يشير إلى أن أنظمة الكواكب الأخرى كان يجب أن تتلقى كميات كبيرة من الماء أيضًا".
وتضيف هوف أن "توضيح دور الماء في تطوير المذنبات والكواكب الصغيرة أمر بالغ الأهمية لبناء فهم لكيفية تطور نظامنا الشمسي، وعلى الرغم من الاعتقاد أن الشمس قد تشكلت في مجموعة كثيفة من النجوم وأن النجم (في 883 أوريونيس) معزول نسبيًا مع عدم وجود نجوم قريبة منه، فإن الاثنين يشتركان في شيء واحد مهم، وهو أن كليهما تشكل في سحب جزيئية عملاقة".



بالنظر إلى الماء في قرص النجم "في 883 أوريونيس"، فإننا نرى كيف بدأ نظامنا الشمسي عندما كان أصغر (ألما)

وفي هذا الصدد، يقول المؤلف الرئيسي للدراسة جون توبين "من المعروف أن الجزء الأكبر من الماء في الوسط بين النجمي يتشكل كجليد على أسطح حبيبات الغبار الصغيرة في السحب، وعندما تنهار هذه الغيوم تحت تأثير جاذبيتها وتشكل نجومًا فتية، ينتهي الماء في الأقراص حولها في نهاية المطاف، إذ تتطور الأقراص وتتخثر حبيبات الغبار الجليدية لتشكل نظاما شمسيا جديدا به كواكب ومذنبات".
تقول مارغوت ليمكر -عالمة الفلك بجامعة لايدن، والمؤلفة المشاركة في البحث- "لقد أظهرنا أن المياه التي يتم إنتاجها في السحب تتبع هذا المسار من دون تغيير تقريبا. لذلك، بالنظر إلى الماء في قرص النجم (في 883 أوريونيس)، فإننا ننظر إلى الوراء في الوقت المناسب، ونرى كيف بدأ نظامنا الشمسي عندما كان أصغر من ذلك بكثير".