توفيت البارحة قطة الجار ، كان ثملًا لينسى - كما في كل ليلةٍ - زوجته التي انتحرت لأسباب يجهلها عابرو سبيل حياتهما من أهلهما خصوصًا أمها التي بدت في عزائها كأنها تحضر عزاء قطة، أنا حزين على القطة أيضًا !! فزوجها لا يراها إلا في موسم التزاوج، تجذبه رائحة السرير حين تبلل شواربه أمطار الربيع، و ها هو الصيف بليله القصير يطل على جارنا الوحيد، أشفق عليه من ليل لا يشفي غل سكره الطويل، سأتجسس عليه من المطبخ و هو يغني بصوته الرخيم و أسكب الشاي لروح زوجته، ربما تطمئن روحها لأني أواصل التدخل في حياتهما من خلف كواليس (الجورة) ، ستطمئن حين أخبرها مع أول رشفة بأني لن أفشي سر قرارها الرهيب ذات ليلةٍ مقابل أن تحتفظ هي بسر تجسسي ، القطة رحلت يا سيدتي لم يبق أحد يعلم بسركِ غيري، رحلت قبل أن يحل على جسدها زائر الموسم الذي تكرهه، رحلت و في فمها مواء طويل كذاك النواح الذي بقي بين صدركِ و حنجرتكِ ، رحلت و ما زالت تشبهكِ و كأنكما من رحم سيرة واحدة، و بقي الخمر و الشاي جدارًا بين بيتين.