كتاب "من ذكريات القطار" للكاتب والصحفي العراقي عبد الجبار العتابي صدر حديثا عن دار نايا
"القطار.. المدينة العائمة على سكك الحديد، فيه من الأسرار الشيء الكثير، وفيه من الأعاجيب ما لا يدركها إلا العارفون ببواطن الأمور، أسرار دقيقة جدا أبطالها المسافرون والعاملون على ظهر القطار، فإن كنت قد شاهدت فيلم (قطار شنغهاي) فأعلم أن ذلك جزء مما حدث، وإن كنت قرأت رواية (القطار السريع) فاعلم أن تلك جزء منه".
بهذه الكلمات استهل الكاتب والصحفي العراقي عبد الجبار العتابي كتابه "من ذكريات القطار" الصادر حديثا عن دار "نايا للفنون المرئية والطباعية" والذي جمع فيه الكثير من الأسرار والمشاهدات التي عاشها وعرفها وهو يعمل "فاحص بطاقات" في قطار لمدة 9 سنوات (1991- 1999)، وهي مرحلة الحصار الاقتصادي التي تعد من أصعب المراحل التي مر بها الشعب العراقي، وقد كشف فيها الكثير من التفاصيل للظواهر التي مر بها المجتمع.
الكتاب يقع في 264 صفحة من الحجم الكبير، قدم له وصممه الكاتب والإعلامي عاصم جهاد الذي تكفل بطباعة الكتاب على نفقته الخاصة، فيما كان الإهداء إلى الراحل شفيق مهدي الذي كان المشجع الوحيد على ضرورة كتابة المذكرات لأنها تنبض حكايات.
المؤلف العراقي عبد الجبار العتابي
حكايات نابضة بالحياة
يقول المؤلف عبد الجبار العتابي للجزيرة نت "كانت تلك المرحلة من أشد المراحل قسوة على الشعب العراقي، وكان القطار وسيلة التنقل الأفضل للعراقيين لرخص أسعاره وكونه الأكثر أمانا، وفيه تعرفت على الناس من مختلف المحافظات العراقية، واكتشفت الكثير من طبائع البشر لكن المثير أنني تعرفت في القطار ومن خلاله على نماذج لم أكن أعرفها من قبل، كان القطار يكشف الغطاء عنها مثلما اكتشفت عوالم جديدة في الأمكنة التي يمر بها القطار، وهي مما لا يعرفه الكثيرون، عوالم بكر، كنت فيها شاهدا على وقائع مهمة".
وأضاف "الكتاب يضم 78 حكاية، وهي ما كنت جزءا منها فضلا عن المشاهدات التي جلت في أرجائها، ومنها ما يمكن أن يكون ضمن ما يسمى (أدب الرحلات) من خلال الاستطلاعات عن الكثير من الأمكنة وقد استفدت من أسرارها، وكشفت حقيقة ما يجري لها، هذه الأسرار التي من الصعب اكتشافها أو البوح بها سابقا، لأنها تكشف عن ما يعانيه المواطن العراقي في حقبة التسعينيات وعن الظواهر التي أفرزها الحصار".
كتب المقدمة للكتاب عاصم جهاد، وقد جاء في تقديمه "يصحبنا العتابي.. الكاتب والصحفي الذي ساقه القدر ليلعب دور (فاحص تذاكر) في عربات قطار تحتضنها سكك الحديد التي كانت تنطلق من المحطة العالمية ببغداد، صباح ومساء كل يوم، متجهة نحو شمال العاصمة أو جنوبها، رحلة تجرنا إلى 9 سنوات مضت من أعمارنا المغلفة بغبار الزمن وتداعياته ومحطاته المتغيرة في ظل ظروف اجتماعية صعبة وقاسية لسنوات الحرب والحصار والجوع والموت والظلم والقهر".
وأضاف في المقدمة "عشرات القصص والحكايات والمشاهد اليومية كان العتابي شاهدا عليها، كتم بعضها وأطلق بعضها الآخر متجاوزا الخطوط الحمر كعادته وهو يقلب أوراق ذكرياته المبعثرة موثقا جانبا من مواقف ومشاهدات وسلوك وتصرفات وتناقضات وأمزجة وأهواء شريحة واسعة من المجتمع".