أصبَحت غريبة للغاية!! =تقصدونَ أمرها أم شخصها؟!
_لا ندري ولكن..
مرًة نجدها بينَ الناس تضحك وتُلقى النِكات وكأنها لم تعرف بؤسًا قط، ومرًة أخرى نبحث عنها نجدها مُنعزلة لا تُطيق أى
أحدٍ كان كأنها لم تفرح قط، أصبحت تتصرف بعُدوانية بالغة، وبعصبيَّة زائدة، تقضي يومها صامتة شاردة الذهن، تُفكِر في كل شئ ولكن بطريقة هزلية للغاية، الخوف يُلازمها، والقلق في صراعٍ دائم معها، والذكريات في حربٍ ضروس لم تجنح للهُدنة بعد، كانت في حالٍ، وأصبحت في حالٍ آخر تماما..!!
=وما الغريب في ذلك!!
فالناظرُ في أحوالها بعينِ اللِّينِ و الرحمة يفهم جيدًا كيف هي تغيرت! ولماذا تغيرت!.. فلا شك أنَّ الدوافع لذلك قد تكاثرت، و الضغوطات عليها قد تزايدت، والصبر في كأس أيامها ذابت حباله وانتهت.. لقد تغير كل الناس حولها وترجون لها الثبات! فقدت الثقة فيهم وتأملون لها الانسجام! تريدونها هادئة وفي داخلها ضجيج الدنيا مِن أثر الخذلان! تودُّونها حاضرة وهي إن حضرت غائبة! تسألون أين نُسختها القديمة وأنتم بأيديكم أضعتموها! أنَّى لكم تبحثونَ عن المفقود وتُهملونَ سر نفاده!!
تلكَ التي يُحيِّركم الآن أمرها، وتتعجبون في تغيُّر طباعها، و
وترمون اللوم على وحدتها وانعزالها؛ لم تكن بحاجة لأي شئ منكم غير أنها تطمئن، أن تشعر بقيمتها في عيونكم، أن ترى أنه مهما حدث أنها لن تهون عليكم أبدًا لكنها هانت.. ادعيتم حبكم لها، وفعلتم معها غيرَ الذي ادعيتم، والآن تقولون: لقد أصبحت غريبة!
ما تغيَّرت في يومٍ وليلة؛ فقط لما تأذَّت اعتزلت، وأصبحتم أنتم في عيونها الغُرباء.