أديب نوبل نجيب محفوظ (يسار) والمخرج المصري خيري بشارة (غيتي)
تخوض "سينما زاوية" في مصر تجربة فريدة على شاشتها بإعادة عرض الأفلام الكلاسيكية القديمة التي حققت جماهيرية كبيرة بين مختلف الأجيال.
وأقامت دار العرض المعروفة بتوجهاتها الثقافية أسابيع أفلام ومهرجانات سينمائية لعدد من صناع الأفلام، بينهم المخرج المصري خيري بشارة، ضمن برنامج خاص احتفاء بفنه.
وعرضت السينما عددا من الأفلام، من بينها "العوامة رقم 70" (1982)، "الطوق والأسورة" (1986)، "يوم حلو يوم مر" (1988)، "كابوريا" (1990)، "رغبة متوحشة" (1992)، "آيس كريم في جليم" (1992)، "أميركا شيكا بيكا" (1993)، "حرب الفراولة" (1994)، "إشارة مرور" (1995)، "ليلة القمر" (2008)، بالإضافة إلى 3 أفلام تسجيلية "صائد الدبابات" (1974)، "طائر النورس" (1975)، "طبيب الأرياف" (1975).
ملصق فيلم "يوم حلو يوم مر" (1988) (الجزيرة)
وتعيد "زاوية" حاليا عرض عدد من الأفلام التي تمحورت حول روايات الكاتب الكبير نجيب محفوظ في برنامج خاص بدأ يوم 11 فبراير/شباط الجاري، ويستمر حتى الثاني من مارس/آذار المقبل.
ويشمل برنامج الأديب الحائز على جائزة نوبل في الأدب 7 أفلام روائية من كلاسيكيات السينما المصرية، بعضها مأخوذ عن رواياته أو شارك في كتابة القصة أو السيناريو الخاص بها، وتُعرض هذه الأعمال بنسخ مرممة لأول مرة بعد مرور ما يزيد على نصف قرن منذ عرضها الأول.
ملصق فيلم "الطوق والأسورة" (1986) (الجزيرة)
ومن بين هذه الأفلام "ثرثرة فوق النيل" الذي أنتج عام 1971 عن رواية محفوظ الصادرة عام 1966، والفيلم من بطولة أحمد رمزي وعماد حمدي وماجدة الخطيب وميرفت أمين وعادل أدهم وسهير رمزي وأحمد مختار.
ويعرض ضمن البرنامج أيضا فيلما "أنا حرة" (1959) و"بداية ونهاية" (1960) للمخرج صلاح أبو سيف، و"بئر الحرمان" (1969) للمخرج كمال الشيخ، و"الاختيار" (1971) للمخرج يوسف شاهين، و"السكرية" للمخرج حسن الإمام، ويعرض في الختام فيلم "الكرنك" (1975) للمخرج علي بدرخان.
و"زاوية" هي إحدى الصالات المتخصصة في نشر الثقافة السينمائية في مصر، من خلال عرض الأفلام المستقلة البعيدة عن الأهداف التجارية.
وتُعد "زاوية" -منذ تأسيسها في منطقة وسط البلد بالقاهرة عام 2014- امتدادا لفكرة "السينما البديلة" التي ظهرت في ستينيات القرن العشرين.
تجربة عالمية
يقول الناقد السينمائي محمد سيد عبد الرحيم إن "عرض الأفلام القديمة والكلاسيكية تجربة عالمية، لكنها -للأسف- لم تكن موجودة في مصر، لأننا نعاني أزمة على مستوى السينما لها علاقة بالتواصل مع الماضي".
ويضيف -في حديث للجزيرة نت- أنه "لا يوجد اهتمام بترميم الأفلام أو تجميع الأرشيف الفني وعرض تراثنا السينمائي. وهي مشكلة كبرى بحاجة إلى وعي جماعي من المصريين عن أهمية التراث".
ويرى عبد الرحيم أن مشاهدة الأفلام على الشاشة الكبيرة مختلفة عن مشاهدتها على شاشة التلفزيون، تماما مثلما أن زيارة المتحف مختلفة عن مشاهدة صور المومياوات في أحد الكتب، معتبرا أن الأمر ذاته ينطبق على عروض السينما، لا سيما في ظل التطور التكنولوجي الذي يشهد طفرة أخيرا.
ملصق فيلم "آيس كريم في جليم" (1992) (الجزيرة)
ويشرح أن الفكرة تُنفَّذ عالميا بإبهار كبير، فقبل عرض الجزء الثاني من فيلم "أفاتار"، أجريت تعديلات على الجزء الأول، ليُعرض مجددا بصورة أكثر إبهارا.
والفكرة ذاتها طُبقت على فيلم "تيتانيك"، فبعد مرور 25 عاما على عرضه، جرى تعديل الفيلم بنسخة ثلاثية الأبعاد (3D)، فأصبح مزيجا من الدهشة والمشاعر، وهي إضافات تأسر المشاهد وتسعده بكل تأكيد، وهذا هو المطلوب من السينما، وفق المتحدث ذاته.
ويلفت الناقد السينمائي إلى أن كل ذلك يصب في مصلحة السينما وإعادة الجمهور وجذبه للنزول إلى دور العرض مجددا، "لأن السينما لا تعاني على مستوى مصر فقط، بل على مستوى العالم أيضا. فهناك مشكلات رهيبة شهدتها سوق السينما عام 2022".
واستدرك بأن فيلم "توب غن" (TOP GUN) لتوم كروز قد نجح في إعادة الجمهور إلى السينما مجددا، وهو ما فعله فيلم "أفاتار" (Avatar) من بعده كذلك. وفي مصر، حقق فيلم "كيرة والجن"، للمخرج مروان حامد، الفكرة ذاتها لوجود عنصر الإبهار.
فاتن حمامه ومحمد منير وعبلة كامل وسيمون وحنان يوسف في مشهد من فيلم يوم حلو يوم مر (مواقع التواصل)
نافذة للأجيال الجديدة
وعن احتفاء "سينما زاوية" الأخير بأفلام خيري بشارة ونجيب محفوظ بعد ترميمها، يقول عبد الرحيم إن التجربة أثبتت نجاحا كبيرا، سواء في العروض الأولى أو الثانية، وعزا الأمر إلى شعبية تلك الأفلام، وهو ما جعلها تحقق إيرادات كبيرة، لحرص الجمهور على مشاهدتها، رغم مرور أكثر من 28 عاما على إنتاجها.