أشارت دراسة جديدة إلى أن الإخصاب الصناعي يمكن أن يكون مسؤولا عن الارتفاع في تشوهات الولادة على مدى السنوات الـ25 الماضية. وأوردت الدراسة التي نشرت الأسبوع الماضي في المجلة البريطانية لطب النساء والتوليد، نتيجتين هامتين في هذا الصدد.
تشير النتيجة الأولى إلى أنه كان هناك زيادة 50% في عدد الولادات المتعددة في 14 دولة بأنحاء أوروبا بين عامي 1984 و2007، نسب الباحثون معظمها إلى الزيادة في استخدام علاجات الخصوبة المتقدمة. وتشير النتيجة الثانية في نفس الفترة، إلى أن معدل تشوهات الولادة بين هؤلاء الأطفال تضاعفت تقريبا من 5.9 إلى 10.7% من الولادات.
وقالت معدة الدراسة الدكتورة بريدج بويل إن 'الأمر يحتاج إلى مزيد من البحث، لكننا نشك في أن الزيادة في تشوهات الولادة بين الولادات المتعددة يمكن أن تكون نتيجة تقنيات الإنجاب المساعدة'. وأضافت أن أنواع التشوهات التي وجد أنها زادت لم تكن تشوهات صبغية (مثل متلازمة داون)، لكنها تشوهات بدنية يمكن أن تنشأ أثناء الحمل، وبصورة ملحوظة العلل القلبية والاضطرابات الهضمية.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ينبغي على الأزواج الذين يفكرون في الإنجاب بهذه الطريقة أن يعيدوا التفكير؟ وردا على ذلك بادر متخصصون بالإشارة إلى أن خطر تشوهات الولادة المبين في الدراسة بين الولادات المتعددة كان ضئيلا جدا، حيث إن 10 حالات لكل 10 آلاف ولادة تعادل 0.1% من كل الولادات المتعددة.
ويقول المتخصصون أيضا إن العلاج بالإخصاب الصناعي يؤدي حاليا إلى ولادات متعددة أقل، وهي المرتبطة بالولادة المبكرة ووزن الولادة المنخفض والمشاكل الصحية الخطيرة، بما في ذلك الشلل الدماغي والصعوبات السلوكية.
يشار إلى أنه في عام 2009 شرعت هيئة التخصيب البشري وعلم الأجنة التي تنظم علاج الخصوبة بالمملكة المتحدة، في تقليل عدد الولادات المتعددة. وهذه الولادات تبلغ حاليا أقل من واحد من خمسة لكل حالات الحمل بالتخصيب الصناعي، ومعظمها حالات حمل في توائم فقط.
وقالت جانين إلسون نائبة المدير الطبي بمركز بريدج لعلاج الخصوبة في لندن، إن هذه الدراسة تقدم أسبابا إضافية لتقليل الولادات المتعددة واستخدام التحويلات الجنينية الفردية (حيث يوضع جنين واحد في الرحم) كلما أمكن.
ومن الجدير بالذكر أن دراسة أجريت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي على نحو 50 ألف وليد في أميركا، وجدت أن 9% من الأطفال الذين ولدوا بالتخصيب الصناعي كان بهم تشوهات ولادة مقارنة، بـ6.6% من أولئك الذين ولدوا بطريقة طبيعية.
ويقول الدكتور أستاذ طب التوليد السابق بمستشفى بارتس ورويال لندن جيديس غرودزينسكاس إن خطر تشوهات الولادة قد يكون بسبب التطويرات الأخيرة في تقنية العلاج بالتخصيب الصناعي، وخاصة تطوير تقنية تدعى حقن النطفة داخل الهيولي. وهذه التقنية تطورت عام 1992 لمساعدة الرجل العقيم ليصير أبا، وهي تستخدم حاليا في نحو نصف علاجات التخصيب الصناعي. وتقوم هذه التقنية على حقن نطفة رجل واحدة داخل بويضة، بدلا من وضع نطف كثيرة قريبا من البويضة كما في علاج التخصيب الصناعي القياسي.
ووجدت دراسة لـ300 ألف ولادة نشرت في مجلة نيو إنغلند للطب في مايو/أيار الماضي، أنه في نحو 10% من الولادات بطريقة حقن النطفة داخل الهيولي أصيب الوليد بتشوهات ولادة، مقارنة بأقل من 6% في الولادات الطبيعية. وفي المقابل وجدت الدراسة أن طريقة التخصيب الصناعي القياسية لم يكن لها خطر تشوهات ولادة أكبر من الجنين الطبيعي.
لكن الدكتور غرودزينسكاس يقول إن نوع التشوه الموجود في الأطفال المولودين بطريقة حقن النطفة داخل الهيولي 'غير خطير في مجمله، ويمكن تصحيحه بسهولة بالجراحة'.
ومع ذلك فالباحثون غير متأكدين مما إذا كانت عملية التخصيب الصناعي أو عامل آخر يدخل في زيادة التشوهات. ويقولون إن عاملا واحدا يمكن أن يكون سببه كبر سن النساء اللائي يلجأن إلى طريقة الإخصاب الصناعي (نحو ثلث النساء اللائي يستخدمن هذه الطريقة في بريطانيا فوق سن الـ35)، ومع ذلك تشير الدكتورة بويل إلى أن الأمهات الأكبر سنا عرضة لخطر أكبر لولادة أطفال مصابين بتشوهات صبغية وليس نوع العيوب البدنية المشاهدة في الدراسة.
الإخصاب الصناعي
يذكر أن الإخصاب الصناعي عملية تدمج فيها بويضات المرأة مع النطفة في المختبر، وإذا حدث التخصيب فإن جنينا أو أكثر يوضع في الرحم. وفي الإخصاب الصناعي القياسي توضع النطفة قرب البويضة، وفي الإخصاب بطريقة حقن النطفة داخل الهيولي تحقن نطفة واحدة داخل البويضة.
وتشير الأرقام الأخيرة إلى أن 47 ألف امرأة تعالج بالإخصاب الصناعي سنويا، ويولد أكثر من 14 ألف طفل من هذا الإجراء. ومعدلات النجاح تتفاوت بناء على سن المرأة، لكن المرأة دون سن الـ35 أمامها احتمال من ثلاثة لإنجاب طفل بعد الإخصاب الصناعي.
والولادات المتعددة قد تكون نتيجة أكثر من جنين واحد أعيد في الرحم، رغم أن الإخصاب الصناعي له فرصة أكبر أيضا لانقسام الجنين الواحد.
الجزيرة