مَا هِبْتُ شَيْئًا قَطُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ !هذه الجملة قالها الصحابي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ رضي الله عنه .
وهو كان أحد قادة العمليات الخاصة للنبي ﷺ (جاسوس بـــ لغة عصرنا ).
كلفه النبي ﷺ بالتخلص من سُفيانَ بنَ خالِدِ بن نُبَيحٍ الهُذليَّ لأنه كان يعد جيشا جرارا لغزو النبي ﷺ في المدينة .
فقال بن أنيس للنبي ﷺ أنا لا أعرفه يا رسول الله فما علامته !
قال له النبي ﷺ علامته أنك ان رايته هبته اي خفت منه !
فقال له البطل العظيم عبد الله بن أنيس جملته الشهيرة ( مَا هِبْتُ شَيْئًا قَطُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ) .. أنا ما خفت من شيء في حياتي يا رسول الله !
فقال له ﷺ : اذا رأيته تَجِدَ له قُشَعْريرةً وتذكرت الشيطان فلما شاهده ابن أنيس وجد ما وصفه له النبي ﷺ تماما فقال صدقت يارسول الله .
ولم ينس ابن أنيس حين أدركته الصلاة وهو في طريقه إلى المهمة الخطيرة أن يصلي صلاة العصر وهو راكب على راحلته (بعضنا يترك الصلاة حتى داخل البيت وليس في المسجد فقط !!!) .
وكان ذلك في شهر محرم بعد 35 شهر من هجرة النبي ﷺ .
فلما وصل ابن أنيس عند بن نُبَيحٍ الهُذليَّ خدعه أنه أتى من أجل الإنضمام إلى جيشه من أجل محاربة المسلمين !
ومشى معه وحدثه حديثا أعجبه وصدقه بن نُبَيحٍ بتوفيق الله .
ليس هذا فحسب , بل حين انفض أصحاب بن نبيح من حوله طلب من ابن أنيس أن يجلس معه للتحدث والسمر !
ثم حين هدأت الحراسة حول خيمته قام إليه عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ فقضى عليه بسرعة شديدة دون صوت يسمعه الحرس !
ثم تسلل عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ وخرج من معسكر العدو وصعد جبل على مسافة ودخل غار يختبأ فيه حتى تهدأ العيون !
فتبعته فرقة فرسان من أصحاب بن نُبَيحٍ حتى وصل أحد الجنود إلى باب الغار الذي يكمن فيه ابن انيس فوضع الرجل قربة ماء وحذاء على الأرض ووقف يتبول على فم الغار ثم نادى على رفاقه أن الغار لا أحد فيه فأعماه الله عنه !
فهل يخرج ابن أنيس ويجري وهي فرصته ؟!
لا .. بالطبع ... لابد من وضع علامة أخرى على قفا عدوه !
فتسلل من فتحة في الغار لا يراه منها الرجل من عدوه ومد يده فسرق قربة الماء والحذاء فشرب ولبس الحذاء وكان عطشان جدا ويجري دون حذاء والقوم في اثره وهو خادعهم يكمن إذا اقتربوا منه ويتحرك إذا ابتعدوا قليلا !
حتى وصل الى النبي ﷺ فلما شاهد النبي ﷺ وجه ابن أنيس قال له "أفلَحَ الوَجهُ".
فقال له المؤدب الورع الناجح ابن أنيس : وأفلَحَ وَجهُكَ يا رسول اللَّه .
فأعطى ابن أنيس رجل العمليات الخاصة والجاسوس النبوي إلى النبي ﷺ التمام بتفاصيل المهمة والتنفيذ بكل دقة .
أما القول أن عبد الله أحضر معه راس ابن نبيح فهذا لم يثبت إطلاقا لأن من وصية النبي لكل الصحابة عدم التمثيل وتحريمه تحريما قاطعا لا يقبل التفاوض