سمح النموذج المقترح بدراسة التطور المستقبلي المحتمل للصفائح الجليدية في القطب الجنوبي وغرينلاند لتقدير مساهماتهم في ارتفاع مستوى سطح البحر بشكل أفضل.


الصفائح الجليدية بالقطبين تساهم بحوالي 60-70 سنتيمترا في رفع مستوى سطح البحر خلال 130 سنة القادمة (شترستوك)

من المتوقع أن تسهم الصفائح الجليدية في القارة القطبية الجنوبية وغرينلاند بنحو 1.4 متر في رفع مستويات سطح البحر العالمية بحلول عام 2150، في ظل سيناريو انبعاثات عالية في المستقبل، وفقا لمحاكاة نماذج المناخ الجديدة التي نشرت يوم 14 فبراير/شباط الجاري بدورية "نيتشر كوميونيكيشنز" (Nature Communications).
ومن المتوقع حدوث خسارة لا رجعة فيها في الغطاء الجليدي بالقارة القطبية الجنوبية وغرينلاند، وتسارع في ارتفاع مستوى سطح البحر إذا لم يكن تغير درجة الحرارة العالمية محدودا بأقل من 1.8 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
وقد توفر النتائج تقديرا أكثر دقة لارتفاع مستوى سطح البحر العالمي، مقارنة بالنماذج المناخية السابقة.
خفض الانبعاثات
يعتقد الباحثون أن التخطيط لإجراءات مضادة لمنع الفيضانات والأضرار الأخرى كان صعبا للغاية. ويرجع ذلك إلى أن أحدث توقعات نموذج المناخ المقدمة -في تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)- لا تتفق بشأن مدى سرعة استجابة الصفائح الجليدية الرئيسية للاحتباس الحراري.
وأشارت الدراسة إلى أن ذوبان الصفائح الجليدية يحتمل أن يكون أكبر مساهم في تغيير مستوى سطح البحر، ومن الصعب توقعه تاريخيا لأن الفيزياء التي تحكم سلوك الجليد معقدة بشكل ملحوظ.


الحد من الاحترار العالمي إلى درجتين مئويتين لن يكون كافيا لإبطاء معدل ارتفاع مستوى سطح البحر (شترستوك)

من جهته، أوضح المؤلف الرئيسي للدراسة جون يون بارك -طالب دكتوراه في معهد العلوم الأساسية (Institute for Basic Science) لفيزياء المناخ وجامعة بوسان الوطنية في كوريا الجنوبية- أن النماذج الحاسوبية التي تحاكي حالة الصفائح الجليدية في غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية غالبا لا تأخذ في الحسبان حقيقة أن ذوبان الغطاء الجليدي سيؤثر على العمليات الحيوية في المحيطات التي بدورها يمكن أن تتغذى مرة أخرى على الغطاء الجليدي من خلال عملية النحت.
وباستخدام نموذج حاسوبي جديد، يلتقط لأول مرة الاقتران بين الصفائح الجليدية والجبال الجليدية والمحيط والغلاف الجوي، ووجد الباحثون أنه لا يمكن منع تأثير الانفلات الجليدي وارتفاع مستوى سطح البحر إلا إذا وصل العالم إلى صافي انبعاثات الكربون الصفرية قبل عام 2060 وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (EurekAlert).
وأضاف يون بارك في تصريح للجزيرة نت "إذا أخطأنا هدف الوصول إلى صفر انبعاثات، فسوف تتفكك الصفائح الجليدية وتذوب بوتيرة متسارعة، وفقا لحساباتنا. وإذا لم نتخذ أي إجراء، فسوف يستمر تراجع الصفائح الجليدية وزيادة مستوى سطح البحر بما لا يقل عن 100 سنتيمتر خلال الـ 130 عاما المقبلة".




نمذجة الصفائح الجليدية
قال المؤلف الرئيسي للدراسة "إن قدرتنا على نمذجة الصفائح الجليدية المتغيرة لا تعد فقط مفتاحا لتقدير ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل" لكن أيضا لفهم المخاطر المتعلقة بأحداث الانقلاب الكارثية عبر نظامنا المناخي.
وأضاف الباحث "هذه الدراسة الجديدة مهمة لزيادة إدراكنا لكيفية تحرك الصفائح الجليدية وتفاعلاتها التي غالبا ما يتم تجاهلها مع بقية نظام الأرض في توقعاتنا" لتغير المناخ ومستوى سطح البحر.


لا يمكن منع ذوبان الجليد ورفع مستوى سطح البحر إلا إذا وصلنا إلى الانبعاثات الصفرية قبل عام 2060 (شترستوك)

ووفقا للباحث فإن "النماذج في هذه الدراسة ليست معقدة مثل النماذج التي تدرس حالة المناخ دون دمجها مع الجليد، والتي تستخدم غالبا للتنبؤات على نطاق زمني يصل إلى 100 عام، لذلك من المهم أن يتم إدخال تعديلات على تلك النماذج لتتضمن حالة الجليد في القطبين".
وسمح النموذج المقترح بدراسة التطور المستقبلي المحتمل للصفائح الجليدية في القطب الجنوبي وغرينلاند لتقدير مساهماتهم في ارتفاع مستوى سطح البحر بشكل أفضل. وفي ظل سيناريو الانبعاثات المرتفعة في المستقبل، من المتوقع أن تساهم كلتا الصفيحتين الجليديتين وحدهما بحوالي 60 إلى 70 سنتيمترا في المتوسط العالمي لارتفاع مستوى سطح البحر خلال الـ 130 سنة القادمة.
وإضافة إلى ذلك، وجد المؤلفون أن الحد من الاحترار العالمي إلى درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة لن يكون كافيا لإبطاء معدل ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي، ومنع خسارة لا رجعة فيها لمناطق كبيرة من الغطاء الجليدي غرب أنتاركتيكا.
وعلى الرغم من الحاجة إلى مزيد من العمل لتقليل حالة عدم اليقين في التوقعات المرتبطة بذوبان الجليد، تظهر هذه الدراسة بوضوح أهمية اتخاذ إجراءات سريعة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشرية المنشأ في أسرع وقت ممكن لتقليل المخاطر المرتبطة بالخسائر في الصفائح الجليدية الرئيسية.