تدور احداث هذه القصة منذ زمن بعيد في احدى البلدان الاوروبية التي كانت تقع على شاطئ البحر، كانت هذه المدينة مميزة جدا وما يميزها هو نظام الحكم ، فليس هناك حاكم محدد لهذه المدينة وانما هناك ساحة شاسعة تتسع لسكان المدينة وفي حالة حدوث اي شيء يتم دق الجرس الموجود في هذه الساحة ليحضر الجميع ويتم بدأ المناقشة حول الموضوع المهم الذي استدعى اجتماع اهل المدينة لذلك ، كانت المدينة معروفة بالتجارة وكانت مليئة بالتجار الاثرياء جدا ، كان من بين هؤلاء التجار رجل يسمى ماكسيم.

كان ماكسيم تاجر ثري جدا كما انه كان يمتلك 6 قوارب كبيرة كانت تجوب البحار جيئة و ذهابا ، كما انه يمتلك العديد من المتاجر التي تبيع مختلف المنتجات ، وكان ثرائه فاحش جدا لدرجة انه هو وعائلته كانوا يتناولون الطعام في اواني من الذهب وكانوا يرتدون اغلى انواع الثياب ، كان ماكسيم يمتلك حظيرة كبيرة يرعى فيها انواع عديدة من الخيول باهضة الثمن والتي كان يحبها بدرجة كبيرة ، كان من بين الخيول خيل اطلق عليه ماكسيم اسم ( بساط الريح ) من شدة سرعته ، فقد كان هذا الحصان سريع جدا وكان ماكسيم يميزه عن باقي الخيول.

كان لا يسمح لاي احد وحتى من افراد اسرته ان يمتطي هذا الحصان ، كان ماكسيم فقط هو الذي يتجول بهذا الحصان وفي بعض الاحيان كان يسافر به بسبب سرعته ، وفي نفس الوقت كان يهتم به لدرجة كبيرة فقد كان يقدم له اجود و افضل انواع الشوفان التي تأتي من الخارج خصيصا له ، ظل الحال على ما هو عليه حتى اتى اليوم الذي اطلق عليه ماكسيم اليوم المشؤوم بسبب ما حل به في هذا اليوم ، كان ماكسيم في احدى رحلاته عائدا وسط الغابة ، فجأة ظهر له من بين الاشجار 5 لصوص بينهم اثنين على احصنة و الباقي على ارجلهم.

كان باديا على بساط الريح تعبه فقد سار لمسافة كبيرة جدا ، ولكن في هذه اللحظة استجمع بساط الريح قوته وانطلق كالرياح متجاوزا اللصوص ، حاول اللصوص باحصنتهم اللحاق به ولكن سرعان ماختفى بساط الريح من امام اعينهم ، وصل بساط الريح و معه ماكسيم الى المنزل بأمان ، فلولا بساط الريح لما تمكن ماكسيم من النجاة من اللصوص ، اخذ ماكسيم بساط الريح الى الحظيرة وطلب من الرجل الذي يرعى الخيول ان يطعم بساط الريح ما مقداره 3 مكاييل من اجود انواع الشوفان ، ولم يكن ماكسيم يعلم ان هذه الرحلة ستكون الاخيرة له برفقة بساط الريح.

تعهد ماكسيم ان يرعى بساط الريح حتى عندما يكبر و انه لن يبيعه ابدا ولن يفرط به مهما حدث ، وقد انتشر هذا الوعد بين سكان المدينة جميعهم ، بعدما انصرف ماكسيم ليستريح من عناء السفر اخذ الرجل المسؤول عن تربية الخيول بساط الريح الى الحظيرة ولكنه اخطأ خطأ كبير فقد اعطى بساط الريح المياه لكي يشرب على الرغم من ان بساط الريح لم يكن قد التقط انفاسه بالكامل بعد ، ومازاد الطين بلة هو ان الرجل نسي ان يقدم الطعام لبساط الريح ، وفي صباح اليوم التالي وجد ماكسيم حصانه المحبب مريضا لا يقوى على السير.

في البداية ظن ماكسيم ان حصانه مرهق فقط مما حدث له البارحة فقد كان مرهقا اثناء السير واكمل باقي رحلته ركضا بسرعة البرق هربا من اللصوص ، ظل الحال على ما هو عليه لعدة ايام ولا يوجد اي تحسن في حالة الحصان بساط الريح بل ان حالته كانت تسوء حتى فقد بصره ، بمرور الوقت طلب ماكسيم من العامل في الحظيرة ان يخفف مقدار الطعام الذي يقدمه لبساط الريح ليصبح مكيالين فقط بدلا من ثلاثة ، ولم يقف الامر عند هذا الحد فعندما رأى ماكسيم انه يرعى حصانا اعمى لا يقوى حتى على السير طويلا قرر تخفيض مقدار الطعام الى مكيال واحد.

ادرك حينها ماكسيم انه في حاجة الى حصان جديد يمتاز بالقوة و السرعة ليعوضه عن بساط الريح ، سافر ماكسيم الى بلاد مجاورة معروف عنها بيع الخيول واشترى من هناك خيلا جديدا بسعر مرتفع للغاية ، في النهاية قرر ماكسيم عدم استكمال وعده و قام بالقاء بساط الريح الاعمى امام منزله ، ظل بساط الريح يحاول الدخول الى المنزل وكان العامل في كل مرة يقوم بضربه وتوجيهه خارج حدود المنزل و الحظيرة ، على الرغم من ذلك لم يتحرك بساط الريح من مكانه وظل كما هو حتى بدأت الثلوج تتساقط من السماء.

شعر بساط الريح ان نهايته اقتربت واقتنع اخيرا بان من كان يحبه و يرعاه هو الآن لا يريده فقد اشترى البديل المناسب له ، انصرف بساط الريح من امام المنزل واخذ يبحث عن اي اعشاب يتناولها فقد كان يتضور جوعا ، كان بساط الريح اعمى ولذلك كان في كثير من الاحيان يصطدم بالاشجار او الاحجار في الطريق ، وبعد سير استمر لفترة كبيرة اكتشف بساط الريح انه في ساحة المدينة ، قرر ان يحاول انقاذ نفسه من خلال دق الجرس فيجتمع سكان المدينة ليرو حالته ، بالفعل اخذ بساط الريح يبحث عن الحبل الذي يمكنه من دق الجرس.

اخيرا تمكن بساط الريح من العثور على الحبل وقام باستجماع قوته و شد الحبل حتى دقت الاجراس ، على الفور اجتمع سكان المدينة ليروا امامهم بساط الريح وهو يتجمد من شدة البرد ويبدو عليه الضعف و التعب و الارهاق ، هنا قام سكان المدينة باستدعاء ماكسيم وعلى الرغم من محاولات ماكسيم توضيح ان بساط الريح اصبح حصانا عاجزا لا يفيده في شيء وانه يستهلك جزءا من حظيرته فضلا عن انه يستهلك الكثير من الطعام فقد كان ماكسيم وعد بساط الريح بان يطعمه ثلاثة مكاييل من اجود انواع الشوفان.

في النهاية اتفق سكان المدينة وحكموا على ماكسيم ان يعود ببساط الريح الى الحظيرة و ان يرعاه و يقدم له ما تم وعده به من طعام ، و بذلك شعر بساط الريح ان العدل قد تحقق ، و بالفعل لم يكن بامكان ماكسيم بالرغم من ثرائه ان يرفض اي امر اجتمع عليه سكان المدينة فقد كان ذلك اشبه بامر من الملك ، ولم يكن امام ماكسيم سوى اصطحاب بساط الريح واخذه معه الى الحظيرة واطعامه 3 مكاييل من اجود انواع الشوفان كما كان متفق ، و بذلك عاد ماكسيم مرة اخرى ليكمل الوعد الذي قطعه لبساط الريح بعد ان انقذه من اللصوص في تلك الرحلة.


في النهاية اعزائي المتابعين نجد ان هناك الكثير من الاشخاص من امثال ماكسيم موجودون بيننا و على الرغم من كل ما قدمه بساط الريح لماكسيم وكيف ان له الفضل في ابقاء ماكسيم على قيد الحياة الا ان ماكسيم انكر هذا الجميل وقام برمي بساط الريح خارج اسوار المنزل ، و لكن العدل هو الذي انتصر في النهاية ليعلن ان الظلم وان طالت فترته فان نهايته ستأتي لا شك في ذلك.