بريطانيا تشهد الإضراب "الأكبر منذ العام 2011" للمطالبة برفع الأجور وسط تدهور مستوى المعيشة

نشرت في: 01/02/2023



نص:فرانس24تابِع

شهدت بريطانيا الأربعاء إضرابا هو "الأكبر منذ العام 2011" حيث شارك في المظاهرات والاحتجاجات آلاف المعلمين وموظفي القطاع العام والسكك الحديدية للمطالبة برفع الأجور وسط تدهور مستوى المعيشة وارتفاع مستويات التضخم إلى 10,5 بالمئة، ما يقضم مداخيل ملايين البريطانيين ويدفع بهم نحو الفقر. وتحظى الحركة الاحتجاجية منذ حزيران/يونيو 2022 بدعم شعبي واسع ولا سيما للمعلمين والممرضين.

في يوم احتجاجي تخللته إضرابات هي الأوسع نطاقا منذ عشرة أعوام في بريطانيا، تظاهر آلاف المعلمين في لندن الأربعاء إلى جانب عمال في السكك الحديدية وموظفين في بلاد تهزها أزمة اقتصادية يغذيها التضخم.
ودُعي نحو نصف مليون شخص في بريطانيا إلى الإضراب الأربعاء، عشية مرور مئة يوم على تشكيل حكومة ريشي سوناك المحافظة وغداة مظاهرات جرت في فرنسا ضد إصلاح نظام التقاعد.
وتوقع مؤتمر اتحاد العمال أن الأربعاء سيكون "أكبر يوم إضرابات منذ العام 2011" يشارك فيه المعلمون للمرة الأولى منذ أشهر عدة على بدء الحركة الاجتماعية، فيما أغلقت آلاف المدارس.
وفي بلد تندر فيه الاحتجاجات، تجمع آلاف المعلمين في وسط لندن، بعد أن نفذوا اعتصامات في جميع أنحاء العاصمة. ورفعوا لافتات كتب عليها "رفع الأجور" و "المدرسة تريد فقط الحصول على المال" و"أنقذوا مدارسنا". وتوجه الحشد الكثيف إلى مقر البرلمان قبل أن يتوقف أمام مقر الحكومة.
وقالت فيونا غرينوود، وهي مدرّسة من لندن تبلغ 47 عاما، "أشعر أن الحكومة لا تقدر عملي ولا التعليم".
بدوره قال هوغ رين، وهو مدرس متقاعد يبلغ 68 عاما "إنه أمر بغاية الروعة أن أرى كل هؤلاء الأشخاص مجتمعين أمام البرلمان. الرسالة واضحة جدا: لقد سئمنا، ينبغي تخصيص المزيد من الأموال لمدارسنا والمزيد من الأموال في حساباتنا المصرفية".
دعم شعبي
ونشرت روابط عدة لذوي التلامذة بيانا مشتركا عبرت فيه عن "دعمها" للحركة الاجتماعية، لافتة إلى "نتائج سنوات من نقص التمويل" في المدارس.
وفي طريقهم إلى التجمع الأربعاء، تلقى المضربون عن العمل دعما كثيفا، وصفق لهم المارة وسائقو السيارات والحافلات الذين عبروا أمامهم. وقال داني مانيون (43 عاماً) الذي جاء مع طفليه لدعم المعلمين المحتجين "إنهم بحاجة إلى أجور جيدة وظروف عمل جيدة إذا أردنا أن يحصل أطفالنا على تعليم جيد".
وقالت وزيرة التربية جيليان كيغن إنها تشعر "بخيبة أمل" وإنها "قلقة جدا" من هذا التحرك. ودافع رئيس الوزراء ريشي سوناك، خلال جلسة الاستجواب الأسبوعية أمام البرلمان عن موقف حكومته بالقول "منحنا المعلمين أعلى زيادة في الرواتب منذ 30 عاما"، مشددا على أن "تعليم أطفالنا ثمين وهم يستحقون أن يكونوا في المدرسة اليوم".
وكان سوناك قال الإثنين خلال زيارة لعاملين في قطاع الصحة يخططون لمواصلة إضرابهم في الأيام المقبلة "لا أريد سوى... أن تكون لدي عصا سحرية لأدفع لكم جميعكم أكثر". غير أن رئيس الوزراء يعتبر أيضا أن رفع الأجور سيساهم في زيادة التضخم وتراجع المالية العامة التي تواجه صعوبات منذ بداية جائحة كوفيد-19 وأزمة الطاقة.
موجة من الإضرابات مع زيادة معدل التضخم إلى أكثر من عشرة بالمئة
وشهدت بريطانيا موجة من الإضرابات بداية من العاملين في قطاعي الصحة والنقل إلى العاملين في مستودعات أمازون وموظفي البريد الملكي مع زيادة معدل التضخم إلى أكثر 10,5% في المملكة المتحدة والذي يقضم المداخيل، ما يدفع بملايين البريطانيين نحو الفقر وذلك في أعلى مستوى منذ أربعة عقود. ويطالب المضربون بزيادات في الأجور أعلى من معدلات التضخم لتغطية تكاليف الغذاء والطاقة التي يقولون إنها تزيد الضغوط الحادة عليهم وتشعرهم بغياب التقدير إذ لا تكفي للوفاء باحتياجاتهم.
والحركة الاحتجاجية مستمرة منذ الربيع. ومنذ حزيران/يونيو 2022، سجل مكتب الإحصاء 1,6 مليون يوم عمل "ضائع". وتشير التوقعات الأخيرة لصندوق النقد الدولي إلى أن المملكة المتحدة ستكون هذا العام الاقتصاد الكبير الوحيد الذي سيعاني من ركود مع انكماش بنسبة 0,6% من إجمالي الناتج المحلي.

حزم... وانتقادات
ويشمل هذا التحدي كذلك ظروف العمل والمعاشات التقاعدية ورغبة الحكومة في تقييد الحق في الإضراب.
وقال بول نواك الأمين العام لمؤتمر نقابات العمال الذي يضم تحت مظلته عددا من النقابات: "بعد سنوات من انخفاض الأجور القاسي، شهد الممرضون والمعلمون والملايين من الموظفين الحكوميين الآخرين تدهورا في مستوياتهم المعيشية ويتأهبون ليعانوا من المزيد من البؤس بسبب الأجور".
وأضاف: "بدلا من التخطيط لطرق جديدة لمهاجمة الحق في الإضراب يجب على الوزراء رفع الرواتب على مستوى القطاعات الاقتصادية مع البدء بزيادة مناسبة لرواتب العاملين في القطاع العام".
في غضون ذلك، من المقرر تنظيم إضراب جديد في قطاع السكك الحديد اعتبارا من الجمعة فيما صوّت عناصر الإطفاء لصالح إضراب هو الأول من نوعه خلال عشرين عاما. كما سيضرب عن العمل مجددا قطاع التمريض والإسعاف في شباط/فبراير.
وبعد 100 يوم في السلطة، يجد سوناك نفسه في موقف صعب، فهو من جهة يبدي حزما لمواجهة الحركات الاجتماعية المدعومة من الرأي العام ويواجه انتقادات حول نزاهة أغلبيته بعد سلسلة من القضايا التي تذكر بفضائح عهد بوريس جونسون.
وفي البرلمان، استجوبه زعيم المعارضة العمالية كير ستارمر الأربعاء بشأن الخلافات الضريبية التي أدت إلى إقالة رئيس حزب المحافظين الأحد وحول تهمة التحرش الموجهة إلى وزير العدل.

فرانس24/ رويترز/ أ ف ب