نتيجة تقارب المسافة الشديد بين الثقبين، فقد كان من الصعب على الفريق البحثي التفريق بينهما من دون اللجوء إلى تحليل البيانات من 7 تلسكوبات مختلفة، من بينها تلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا.
زوج الثقوب السوداء تفصل بينهما مسافة 750 سنة ضوئية فقط (المرصد الأوروبي الجنوبي)

على بعد 500 مليون سنة ضوئية فقط من الأرض، في كوكبة السرطان، يعدّ زوج الثقوب السوداء المكتشف حديثا الذي يوشك على الاصطدام مرشحا مثاليا لدراسة المراحل النهائية من عملية اندماج المجرات التي تحدث على نحو متكرر في أطراف الكون، مما يجعل دراستها مهمة صعبة.
مسافة قصيرة بين الثقبين
في حين أن الثقبين الأسودين تفصل بينهما مسافة 750 سنة ضوئية فقط وهي مسافة قريبة بالنسبة للأجرام، فإن اصطدامهما لن يحدث قبل مرور مئات الملايين من السنين. وفي غضون ذلك، يوفر اكتشاف علماء الفلك تقديرا أفضل لعدد الثقوب السوداء الهائلة في الكون التي تقترب أيضا من الاصطدام.
وأُعلن الاكتشاف في اجتماع الجمعية الفلكية الأميركية في سياتل في 9 يناير/كانون الثاني الجاري، ونشرت الورقة البحثية في دورية "ذا أستروفيزيكال جورنال ليترز" (The Astrophysical Journal Letters).
ووفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "فيز دوت أورغ" (phys.org)، صرحت الباحثة المشاركة في الدراسة كيارا مينجاريللي والباحث المساعد في معهد فلاتيرون -مركز الفيزياء الفلكية الحاسوبية في نيويورك بالولايات المتحدة- أن "المسافة القصيرة بين الثقبين الأسودين المكتشفين حديثا قريبان إلى الحد الأقصى الذي يمكننا من اكتشافهما، وهنا تكمن أهمية هذا الاكتشاف".

أكثر شيوعا مما نعتقد
نتيجة تقارب المسافة الشديد بين الثقبين، فقد كان من الصعب على الفريق البحثي التفريق بينهما دون اللجوء إلى تحليل البيانات من 7 تلسكوبات مختلفة، من بينها تلسكوب هابل الفضائي التابع لناسا.
وعلى الرغم من أن الثقوب السوداء الفائقة الكتلة لا يمكن رصدها مباشرة من خلال التلسكوب البصري، فإنها محاطة بمجموعات من النجوم المتوهجة والغازات الدافئة التي تسحبها الجاذبية الهائلة للثقب نحوه.
وعثر علماء الفلك على هذا الزوج من الثقوب السوداء فور شروعهم في البحث، وذلك يعني أن الثقوب السوداء الفائقة الكتلة ربما تكون أكثر شيوعا في مجرتنا مما نعتقد.




وتوجد الثقوب السوداء العملاقة في قلب معظم المجرات، وتكتسب ثقلها وضخامتها عن طريق التهام الغاز والغبار والنجوم المحيطة وحتى الثقوب السوداء الأخرى الأقل جاذبية.
وزوج الثقوب السوداء الهائلة المتجاورة التي رصدت حديثا هما نتاج اندماج مجرتين اصطدمتا على بعد 480 مليون سنة ضوئية من الأرض، وهما ثقيلان للغاية، إذ يبلغ حجم أحدهما 200 مليون ضعف كتلة شمسنا بينما يبلغ الآخر 125 مليون ضعف كتلتها.
ويتوقع أن يبدأ زوج الثقوب السوداء في الدوران حول بعضهما بعضا، لكن في النهاية سينتج عن ذلك الدوران موجات ثقالية أقوى بكثير من أي موجات اكتشفت سابقا، قبل أن يصطدما ببعضهما لتشكيل ثقب أسود ضخم.

حجم أحد الثقبين يبلغ 200 مليون ضعف كتلة شمسنا بينما يبلغ الآخر 125 مليون ضعف كتلتها (مواقع إلكترونية)
للاكتشاف فوائد عدة
استخدم الفريق الملاحظات الجديدة لتقدير عدد الثقوب السوداء الهائلة المندمجة في سائر الكون، ويتوقع الفريق أن يكون العدد كبيرا بشكل مدهش. ومع وجود وفرة من أزواج الثقوب السوداء الفائقة الكتلة، قد تولد كمية هائلة من موجات الجاذبية الفائقة القوة.
ويمكن أن يكون للبحث الجديد تأثير عميق على فهمنا للاندماج الوشيك لمجرتنا درب التبانة مع مجرة أندروميدا القريبة؛ حيث لم يتمكن علماء الفلك حتى الآن إلا من دراسة المراحل الأولى من رحلة اندماج المجرات فقط.
ويوفر هذا الاكتشاف أيضا نظرة ثاقبة للعلاقة بين الثقوب السوداء التي تندمج وتتضخم وتنتج في النهاية موجات الجاذبية.




وإذا كانت أزواج الثقوب السوداء الثنائية المتجاورة شائعة بالفعل، كما افترض مؤلفو الدراسة، فقد تكون هناك آثار مهمة على الاكتشافات المستقبلية لموجات الجاذبية، إذ لا شك أن هذا الزخم من الثقوب السوداء المتجاورة سيؤدي إلى خلفية من موجات الجاذبية العالية التي يسهل بالطبع اكتشافها مما لو كان عدد تلك الثقوب أقل.
ويبدو أننا بصدد أول اكتشاف على الإطلاق لأصل موجات الجاذبية التي شكلت لغزا كبيرا حيّر علماء الفلك والفيزياء.