الثقافة القانونية وأهميتها للانسان
*المحامي: حيدر عبد الرضا الظالمي
من الحقائق المسلم بها أن الانسان هو كائن أجتماعي لايعيش بمفرده بل تدفعه غريزته الى العيش مع غيره من أبناء جنسه لأنه عاجز بمفرده عن الوفاء بحاجاته، واذا كان الاجتماع الانساني ضروري للإنسان على الصعيد المادي فهو في نفس الوقت ضرورة معنوية.
ان المجتمع الانساني يُوجد بطيبعة الحال سلسلة من العلاقات المختلفة و الارتباطات المتعددة لابد من تنظيمها ووضع منهج يحدد هذه العلاقات لكي تسير الحياة طبيعية دون مصادرة أيّ حق من حقوق الناس وهذا المنهج او التنظيم سُمي بـ(القانون).
في الحقيقة أن الشخصية السوية هي التي تكون على احاطة بمختلف جوانب المعرفة والتي تستطيع الوقوف على الابواب الرئيسة بحيث اذا ما دُفعت بها الظروف يوماً الى ميدان غير الذي يشكل بؤرة تركيزها، لا تصبح كالانسان الذي لا يعرف السباحة وتلقيه في اليم.
الثقافة القانونية تعد أحد الروافد المهمة التي تقوي الشخصية وتجعل فيه اداة قادرة على مواجهة الحياة بغير جهل بها؛ فالقانون مرتبط بجميع نواحي الحياة الاقتصادية منها والاجتماعية والسياسية والادارية، وان نشر الثقافة القانونية له أثره في تكوين شخصية الفرد وتجعل منه مواطناً صالحاً يحترم القانون، لكن بشرط أن يكون هذا القانون في موقف الدفاع عن هذا المواطن الصالح، ويضمن حقوقه أمام من يحاول مصادرتها من أي جهة أو شخصية كانت، لذا لا غرابة ان نجد المواطن في الدول المتقدمة عندما يتكلم أو يفعل شيئاً تجده يسير على المنطق القانوني العقلاني الذي يدرك في الامور وذلك نتيجة انتشار ثقافة العلم بالقانون وثقافة احترامه بين أفراد المجتمع.
ومن الواضح ان للثقافة القانونية شقان متلازمان هما: ثقافة العلم بالقانون وثقافة أحترام القانون، فأما ثقافة العلم بالقانون، تعني أننا عندما ندعو لضرورة المام المواطن بالثقافة القانونية ليس بالضرورة ان يتحول كل فرد الى رجل قانون يضم بين جنباته جميع فروع القانون، إنما المقصود هو الإلمام بالثقافة القانونية، كما يسعى البعض للحصول على ثقافة ادبية مثلاً فيحفظ ابيات من الشعر ويطالع القصص وغيرها من صفوف الادب، وكذلك الحال بالنسبة للثقافة الصحية، فيطالع ما يتعلق بتفاصيل جسم الانسان، وهكذا ما يجب ان يكون عليه السعي تجاه الثقافة القانونية ايضاً لأنه بقدر ما يثقف الفرد نفسه بهذه الثقافة بقدر ما يساعده ذلك على حل المشكلات التي يواجهها في حياته بحيث تكون الكلمة الاولى للقانون وليس للحناجر العالية.
أضيف الى ذلك انه يفترض في كليات القانون ان يتخرج الطالب منها وقد خلقت لديه عقلية قانونية يستطيع فهم ما هو قائم من القوانين عند الرجوع اليها وما قد يستجد منها بحيث يستطيع ان يتعامل معها ويوظفها في خدمة افراد المجتمع وحل مشاكله لا أن يتخرج الطالب وهو يحفظ عن ظهر القلب القوانين كافة.
أما الشق الثاني وهو المهم؛ احترام القانون حيث ان نشر الثقافة القانونية بدون نشر ثقافة احترام القانون تجعل من هذه الثقافة ثقافة كلام ونظريات وليس ثقافة عملية وهو المطوب منه بأن تكون لكي تحقق اهدافها المرجوة.
ان مسألة نشر ثقافة احترام القانون تقع على عاتق الجميع ليس فقط على رجال القانون او اي شخص محسوب على القانون وانما تقع هذه المسألة على الجميع من ابسط انسان الى اعلى مرتبه في المجتمع فتقع الى عاتق من بيدهم السلطة وكذلك على المؤسسات التربوية والتعليمية ولا يجب ان ننسى دور الابوين في هذا المجال فهو كبير جداً في تعميق احترام القانون لدى الابناء.
ان تعميق ثقافة القانون لدى المجتمع يعد من العوامل الاساس في عملية التطور والتنمية التي يطمح اليها كل مواطن حر وشريف بل هو شرط لكل معادلة اصلاح في جميع المؤسسات الاقتصادية منها والاجتماعية والثقافية.