عبد الرحمن الكيلاني من عاداته الغريبة هوسه الكبير بالنظافة وعدم المصافحة باليد (مواقع التواصل)
عبد الرحمن النقيب الجيلاني، ولد عام 1841، يعد من الشخصيات العراقية المهمة والمؤثرة خلال العهدين العثماني والملكي، له أدوار سياسية مهمة خاصة بين عامي 1920 و1922، وتوفي عام 1927.
أصبح النقيب خلال حكم العثمانيين الشخصية الثانية (بعد الوالي) باعتباره "نقيب أشراف بغداد" كما حافظ على موقعه الرفيع بعد عشرينيات القرن الماضي عندما أصبح الرجل الثاني بعد المندوب السامي البريطاني "برسي كوكس" إذ تسلم رئاسة الحكومة المؤقتة، وكان النقيب آنذاك أحد مرشحي تولي عرش العراق.
المولد والنشأة
ولد عبد الرحمن النقيب بن السيد علي أفندي الكيلاني عام 1841 في محلة باب الشيخ بمدينة بغداد، وكان من عائلة مشهورة في المدينة ولها مكانة كبيرة على مستوى العالم الإسلامي، حيث تولت رئاسة نقابة أشراف بغداد والعالم الإسلامي، لمدة ناهزت 4 قرون متصلة.
تزوج النقيب مرتين وأنجب 7 بنات و13 ولدا، وعرفت أسرته منذ القدم بأصولها العلمية العريقة، ومجالسها العامرة.
الدراسة والتكوين
تتلمذ النقيب على يد العديد من الأساتذة الملالي المشهورين في زمانه، أبرزهم الشيخ عبد القادر أفندي ابن الحلاوية البزاز، كما قرأ العلوم العالية (لاسيما العقلية) على يد الشيخ عبد السلام أفندي الشواف، وكذلك قرأ على يد العلامة عيسى صفاء الدين وآخرين.
تؤكد المصادر أن النقيب كان محبا للعلم، وأنتج مؤلفات ومخطوطات عديدة، كما عرف عنه أنه كان عالما فاضلا وكاتبا مؤرخا، وتبرع برواتبه لتشييد مدرسة ثانوية بالقرب من باب الشيخ في بغداد، وكان يملك واحدة من أكبر المكتبات الخاصة في بغداد ضمت أندر المخطوطات وأنفس الكتب، وكان مجلسه أشبه بمجمع علمي وندوة أدبية وملتقى سياسي يحضره رجالات الدولة وأقطاب السياسة.
ومن أبرز هوايات النقيب ميله إلى العمل في المزارع والبساتين والعناية بالمزروعات عناية بالغة، حتى اشتهر بين الناس بخبرته في هذا المجال وبقيت هذه هوايته في شيخوخته.
ومن عادات النقيب الغريبة هوسه الكبير بالنظافة، حيث دفعه ذلك إلى تجنب المصافحة باليد، وفي حال اضطراره أن يصافح أحدا يسرع لغسل يديه، كما خصص أحد العاملين معه لاستلام وفتح الرسائل التي ترد إليه، وكان لا يشرب من الماء إلا إذا تأكد من جلبه من منتصف النهر.
عبد الرحمن النقيب عرف بقربه ومناصرته للسلطان عبد الحميد الثاني (مواقع التواصل)
حكومة النقيب
بعد اندلاع ثورة العشرين في العراق ضد الاحتلال البريطاني، انعقد مؤتمر القاهرة عام 1920، وأمر المندوب السامي البريطاني بيرسي كوكس بتشكيل حكومة وطنية عراقية انتقالية برئاسة النقيب، وكذلك تشكيل المجلس التأسيسي الذي تولى عدة مهام من بينها انتخاب ملك على العراق، وتشكيل الوزارات ومؤسسات الحكومة، بالإضافة إلى اختيار الشخصيات العراقية لتولي المسؤوليات.
واحتفظت الحكومة البريطانية لنفسها بوضع مستشار إنجليزي بجانب كل وزير، وأعلنت عن رغبتها في إقامة ملكية عراقية، حيث رشح العراقيون من خلال مجلسهم التأسيسي الأمير فيصل بن الشريف حسين ملكا على العراق، في 23 أغسطس/آب 1921، وأجبرته لندن على توقيع معاهدة الانتداب البريطاني.
إنجازات النقيب
عملت حكومة النقيب منذ تشكيلها على وضع الأسس الأولى لنواة الدولة العراقية الحديثة، وإبراز معالمها من خلال إجراءات وقرارات عديدة.
ومن أهم أعمال حكومة النقيب، تقسيم مناطق البلاد إلى وحدات إدارية، وألوية وأقضية ونواحٍ لتسهيل إدارتها من قبل الدولة.
كما أطلقت الحكومة سراح الوطنيين المبعدين إلى الهند وإصدار عفو عام، واستدعاء الضباط العراقيين الذين عملوا بالحجاز وسوريا خلال الثورة العربية الكبرى عام 1916 تمهيدا لتأسيس الجيش الوطني.
وأنشأت حكومة النقيب العديد من الدواوين والوزارات والدوائر الرسمية في الدولة، ورُبط العراق بمنظومة حسن جوار للدول المجاورة قائمة على احترام العراق كبلد مستقل.
مواقفه السياسية
من أبرز المواقف السياسية، التي عرف بها النقيب، تمسكه بالحكم العثماني وقربه من السلطان عبد الحميد الثاني ومناصرته بشدة في موضوع فلسطين.
وعارض النقيب بقوة الوجود البريطاني بالعراق، حيث أصدر فتوى شرعية تؤكد ألا حق لبريطانيا في حكم العراق، ويروى عنه قوله "إن من حق العراقيين أن ينتفضوا ضد الاحتلال ويجب استخدام كل شيء في سبيل الحرية".
ووجه النقيب انتقادات كثيرة للحكومة البريطانية وطريقة إدارتها للعراق، مؤكدا ثقته بأهل العراق وقوة العراقيين وسعيهم إلى الاستقلال.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن النقيب كان لا يريد أن يحكم العراق أحد أبناء الشريف حسين، وكان يفضل أن يكون الملك من العراقيين، ولكن شاءت الظروف أن يحكم الملك فيصل نجل الشريف حسين، لكنه لم يمانع.