بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة/
نرى ان المعرفة وطبيعتها والعمليات العقلية والنشاط الذهني وانشطة التفكير قد لفت اليه اهتمام البشرية من قبل الفي عام . حيث ظهر ذلك في اسهامات الفلاسفه الاوائل ولا غرابه في ذلك..
كما ان الاهتمام بالمعرفة لا يقتصر على علم النفس المعرفي فقط .. بل تشارك فيه علم النفس العصبي والفسيولوجي والطب والبيولوجي وعلوم الاتصالات والحاسوب ولا تستغرب ذلك...
لماذا؟؟؟
لانها جميعا تتناول الاجهزة التى تتعامل مع المعلومات .وكل العلوم المذكورة سابقا تحاول الاجابه
عن الاسئلة التعلقة ببنية المعرفة ومكوناتها وعملياتها وتضميناتها وتطبيقاتها .
ملاحظه/
ويجب الاشارة الى ان هناك فرق ما بين علم النفس المعرفي وعلم المرفة ؟؟؟؟
علم المعرفة /
هو العلم الذي يهتم بدراسة بنية العمليات العقلية الذكية وانشطة التفكير والمعالجة
المطلوبة فيها واجراء العمليات المعرفية وتنفيذها...
علم النفس المعرفي /
هو العلم الذي يهتم بدراسة جميع العمليات التى يتم من خلالها نقل المدخلات الحسية
وتحويلها واختصارها وتوضيحها وتخزينها واستعادةها واستعمالها .....
اي يشكل المصطلح جميع العمليات العقلية التى يمارسها الفرد سواء العليا او غيرها !!!
ولقد اشار ريد 1982م ان علم النفس المعرفي يعرف في كثير من الاحيان بانه علم معالجة المعلومات
مواضيع علم النفس المعرفي /
لكل علم محتويات ومكونات يستقيم عليها المرتكز اللبي له . واهم ما يحتويه هذا الحقل العلمي من مواضيع فهي كالاتى/
1/الادراك
اي عمليات الكشف عن المثيرات الحسية وتفسيرها . اى الكيفية التى تتم فيها تفسير الاشارات الحسية . والتى تنظم المدخلات بالطريقه التى تساعد الفرد في تكيفه الاستجابي وفهم المدخلات .
2/علوم الدماغ
ان علماء علم النفس المعرفي يستعينون بالتفسيرات العصبية للنتائج التى يتوصلون اليها علماء الاعصاب ,في اللحظه التى يعتمد علماء الاعصاب على علماء النفس المعرفي في توضيح ملاحظاتهم .
كيف ذلك؟؟؟؟
لان جميع العمليات المعرفية يمكن تفسيرها بناء على العمليات الكهروكيميائيةالدماغية وكذلك التى تحدث في الجهازالعصبي
3/التعرف على النمط
لا يدرك المثير على انه حدث منفصل الا نادرا . ولكن يدرك على انه جزء لا يتجزء من نمط كلي وهذا ما اشار الية الجشطالتيون , وما يبهرنا هو عندما نتخيل التفاعل المعقد بين الخلايا والممرات العصبية وبين العمليات المعرفية .
4/الانتباه
هو اللحظة الاولى للادراك , والانسان في الظروف الطبيعية انتقائي جدا في كمية ونوعية المعلومات التى ينتبه لها , اي ان الالية التى يستخدمها الانسان من اجل تعرضه لمشكلات العبء الزائد هي الانتباه , اذا هو يركز في هذه العمليه على كميه محدوده ومعينه وينته لها .
5/الذاكرة
اي العمليات العقلية التى يتم من خلالها اكتساب المعلومات والاحتفاظ بها لغايات الاستعمال المستقبلي . وهناك ثلاثة انواع من الذاكرة وهي الذاكرة طويلة المدى والذاكرة قصيرة المدى والذاكرة الحسية .
6/تمثيل المعرفة
اي عملية استخلاص المعلومات من الخبرات الحسية وترميزها وتنظيمها وضمها الى ما هو مخزون في الذاكرة.
7/التخيل او التصور الذهني
اي تكوين الفرد صور ذهنية وخرائط معرفية التى يصادفها من المباني وشوارع واحداث ومن خلالها يستطيع ان يستدعي معالم هامه ويضعها متسلسله في ترتيب له معنى ويحولها الى كلمات ومعلومات .
8/اللغة
وتتكون من الاسماء والافعال والحروف ومقاطع واصوات وقواعد تنظيميه ويتم اكتساب كل ذلك بما فيه الاتصال من خلال العملية النمائية التطورية المعرفية يتخللها التعلم
9/النمط المعرفي
اي التغيرات النمائية التى تطرا على البناء المعرفي و العمليات المعرفية للفرد.
10/الذكاء الانساني
اي القدرة على التفكير المجرد والتعلم والاستفادة من الخبرات وهو القدرة على التكيف وحل المشكلات , ويعد توصيف وتفسير طبيعة الذكاء والعوامل المؤثرة فيه واثاره و توزيعها احد مكونات علو النفس المعرفي ومواضيعه .
11/الذكاء الاصطناعي
هو تخصص علوم الكمبيوتر ويتعلق بتصميم البرامج الحاسوبية التى تشبه طبيعة عملها كيفية عمل العقل الانساني ولكي يتسنى ذلك لابد من فهم العقل وكيفية عمله . وهذا ضمن تخصص علم النفس المعرفي واحد مكوناته
3/ الجذور الفلسفيه لعلم النفس المعرفي
ان كتابات اليونانيون امثالارسطو وافلاطون وسقراط هي الاسس الاولى الفلسفيه لعلم النفس المعرفي كما كانهناك دورا بارزا لعلماء العصور الوسطى والحديثه فلنتطرق الى اهمهم وما قدموه لنا في هذا المجال/
1/ارسطو...
يرى ان الملاحظه واستخدام الحواس هي السبيل للوصول الى المعرفه ويركز ارسطو على دور البيئه واهمية الخبرة في تطور العقل وزيادة محتوياته كما تشكل الملاحظة الحسيه في نظرة الاداة التى تستخدم في اكتساب المعرفه الصادقة وتطويرها ....
2/ افلاطون...
\له رايه الخاص فهو يرى ان المعفة فطريه وهي موجودة في العقل وليست مكتسبه و دور التعلم يكون في تسهيل ظهور هذة المعرفه والكشف عنها فقط والتفاعل مع البيئه يساعد العقل في توليد المعرفه الموجوده لديه .
ولقد قدم افلاطون نظريه في الذاكرة وسماها نظريه النسخ او النظريه الشمعيه ومضمونها هو ان العقل يكون انطباعات من المدركات التى يصافها من خلال عمل نماذج او نسخ لها
وخلال القرن السابع والثامن والتاسع عشر زادت حدة الجدل بين الفلاسفه البيئيين والوراثيين.
الوراثيون او العقلانيون /
امثال ( ديكارت _كانت) يرون ان الاطفال يولدون ولديهم الكثير من المعرفه الفطريه.
اما البيئيون /
امثال (لوك _هيوم_مل) يرون ان المعرفه تتشكل من خلال الخبرة اي البيئه .
3/ جون لوك...
يرى ان الخبرة اساس المعرفه والعقل صفحه بيضاء عندالولاده والخبره تتكون من افكار منها المعقد ومنها البسيط وتكون الافكار البسيطه بمثابة اساس المعرفه من هنا يمكن القول ان افكار لوك وغيره مثل هوبز وهيوم الاتجاه الامبريقي لبذى يركز على دور الملاحظه والخبره ....
4/الفيلسوف ديكارت...
قسم الافكار الى 1/فطريه 2/مكتسبه عن طريق الخبره وقال ان الخبره تنشط عمل ما هو فطري لدى الانسان وذكر ان بالامكان فهم عمل العقل والجسم من خلال التحليل الميكا نيكي وهذا ما مهد لظهور الابحاث في علم الحاسوب لاحقا.....
5/كانت...
يرى ان خصائص العقل البشري هي مفتاح الاستفاده من الخبره المتكونه من خلال عمل العقل وافترض كانت ان طاقات الفرد المتعلقه بادراك الوحدة والمكان والزمن والسببيه امور غير ناتجة عن الخبرة انما هى فطريه ويرىان محتويات العقل الفطريه والمكتسبه تؤثر في سلوك الفرد وتوجهه.
نموذج معالجة المعلومات /
لا يمكن باي حال من الاحوال الحديث عن علم النفس المعرفي دون التعرض الى (نموذج معالجة المعلومات )فهو احد النظريات المعرفية الحديثة .
ويرلى هذا النموذج / ان السلوك ليس مجرد مجموعة استجابات ترتبط على نحو الي بمثيرات ,انما هو نتاج لسلسلة من العمليات المعرفية التى تتوسط بين المثير وانتاج الاستجابه المناسبه له .
الافتراضات الرئيسيه لنموذج معالجة المعلومات /
1/ ان الانسان كائن نشط وفعال اثناء عملية التعام فهو يسعى الى البحث عن المعلومات ويعمل على معالجتها واستخلاص المناسب منها بعد اجراء العديد من المعالجات المعرفية .
2/التاكيد على العمليات المعرفية اكثر من الاستجابه بحد ذاتها .والاستجابه تعتبر نتاج لسلسلة العمليات و المعالجات المعرفية تتم عبر مراحل متسلسلة من المعالجة .
3/ تشتمل العمليات المعرفية على عدد من عمليات التحويل للمثيرات او المعلومات والتى تتم وفق مراحل متسلسلة في كل منها يتم تحويل هذه المعلومات من شكل الى اخر من اجل تحقيق هدف معين .
4/ تتالف العمليات المعرفية العليا مثل (المحاكمة العقلية _فهم وانتاج اللغة_حل المشكلات)من عدد من العمليات المعرفية الفرعية البسيطة .
5/ يمتاز نظام معالجة المعلومات لدى الانسان بسعته المحدودة على معالجة وتخزين المعلومات خلال مراحل المعالجه .
6/ تعتمد عمليات المعالجة التى تحدث على المعلومات عبر المراحل المتعددة على طبيعة وخصائص انظمة الذاكرة الثلاث (الذاكرة الحسية_الذاكرة قصيرة المدى _الذاكرة طويلة المدى)
مما مضى نفهم ان فهم السلوك الانساني وكيفية حدوثه يتطلب تحديد طبيعة العمليات التى تحدث على المعلومات والمثيرات اثناء مراخل معالجتها.
وضائف نظام معاجة المعلومات /
يرى اصحاب هذا النموذج ان دورة معلجة المعلومات المرتبطة بالمثيرات تمر في ثلاث مراحل . كما ان المعالجات خلال هذه المراحل تتطلب تنفيذ عدد من العمليات المعرفية بعضها يتم على نحو لا شعوري والبعض الاخر يتم على نحو شعوري .وتحديدا فان نظام معالجة المعلومات يضطلع بالوظائف التالية /
1/ مرحلة الاستقبال و الترميز/
اي استقبال المعلومات الخارجية او المدخلات الحسية من العالم الخارجي عبر المستقبلات الحسية والعمل على تحويلها الى تمثيلات معرفية معينة .
2/ مرحلة التخزين /
اي التخاذ بعض القرارات حول مدى اهمية بعض المعلومات ومدى الحاجة اليها بحيث يتم الاحتفاظ بالبعض منها بعد ان يتم معالجتها وتحويلها الى تمثيلات عقلية معينة يتم تخزينها في الذاكرة .
4/ مرحلة الاسترجاع /
اي التعرف على التمثيلات المعرفية واسترجاعها عند الحاجة اليها لااستفادة منها في التعامل مع المواقف والمثيرات المختلفة .
مكونات نموذج معالجة المعلومات /
يتالف نظام معالجة المعلومات من (الذاكرة الحسية_الذاكرة قصرة المدى_الذاكرة طويلة المدى)
وهذا لايعنى وجود ثلاثة انظمة منفصلة ومستقلة عن بعضها البعض.حيث يمكن النظر على انها ثلاثة انواع من التنشيط لنفس الموقع .لانها مكونات افتراضية وليست مادية موقعية محددة مفصلة .اي الذاكرة البشرية مخزن كبير يضم ثلاثة انواع من المستودعات اعتمادا على نوعية واستمرارية التنشيط المطلوب. وتقع اشكال التنشيط في الانواع الاتية /
1/التنشيط طويل المدى _ويشير الى التغيير المستمر والدائم في الجهاز العصبي وهذا ما يحدث في الذاكرة طويلة المدى .
2/التنشيط المؤقت السريع _وهو الذي يدوم اقل من ثانية ويحدث في الذاكرة الحسية ويركز على الخصائص الفيزيائية للمثيرات .
3/التنشيط المؤقت القصير_وهو الذي يدوم لبضع ثوان ويحدث في الذاكرة العاملة ويركز على التمثيلات المعرفية وعمليات الترميز للمثيرات .
وفيما يتعلق بعمليات التحكم فيمكن النظر اليها على انها استراتيجيات تنفيذية معرفية تكون عادة مخزنة في الذاكرة وتتحول الى انشطة عندما تقتضى الحاجة اليها في معالجة المعلومات .
اما مكونات نموذج معلجة المعلومات فهي كالاتى /
اولا /الذاكرة الحسية (sensory memory)
تمثل المستقبل الاول للمدخلات الحسية من العالم الخارجي ومن خلالها يتم استقبال مقدار كبير من الملومات عن خصائص المثيرات التى تتفاعل معها وذلك عبر المستقبلات الحسية المختلفة(البصرية_السمعية_ا شمية_الذوقية_اللمسية)وتتمي ز هذه المستقبلات الحسية بالاتى/
1_سرعتها الفائقة على نقل صورة العالم الخارجي وتكوين الصور النهائية لمثيراتة .
2_القدرة الكبيرة على استقبال كميات هائلة من المدخلات الحسية في اي لحظة من اللحظات ورغم ذللك فسرعان ما تتلاشى منها لان قدرتها محددة في الاحتفاظ .
اما اسباب صعوبة تفسير جميع المدخلات الحسية واستخلاص اية معان منها هي /
1_عدم القدرة على الانتباه لجميع المدخلات الحسية معا نظرا لكثرتها وزمن بقائها في هذه الذاكرة .
2_قد يبدو ان الكثير من المدخلات الحسية غير مهم بالنسبة للفرد مما يدفع بالفرد الى تجاهلها وعدم الانتباه والاهتمام بها .
3_الغموض وعدم الوضوح لبعض المدخلات الحسية بالنسبة للفرد .
4_تعد هذه الذاكرة بمثابة محطة يتم فيها الاحتفاظ ببعض الانطباعات والمدخلات من خلال تركيز الانتباه عليها ريثما يتسنى ترميزها ومعالجتها في انظمة الذاكرة الاخرى .
ويحدث النسيان في الذاكرة هذه بسسب عوامل الاضمحلال التلقائي والتداخل والاحلال .
ثانيا/الذاكرة قصيرة المدى (short _term memory)
وهي المحطة الثانية التى تستقر فيها بعض المعلومات التى يتم استقبالها من الذاكرة الحسية فهي تشكل مستودع مؤقت للتخزين ويتم فيها الاحتفاظ بالمعلومات لفترة تتراوح بين(5_30)ثانية .ويطلق على هذه الذاكرة (الذاكرة العاملة_والرئيسية_والفورية _والابتدائية)كونها تستقبل المعلومات التى يتم الانتباه اليها من الذاكرة الحسية وتقوم بترميزها ومعالجتها على نحو اولى وتعمل على اتخاذ بعض القرارات اتجاهها.
مميزات الذاكرة قصيرة المدى /
1_تستقبل المعلومات التى يتم الانتباه لها فقط .
2_قدرتها على الاستيعابيه محدودة جدا حيث لا تستطيع الاحتفاظ بكم هائل من المعلومات وتتراوح سعتها ما بين (5_9)وحدات معرفية اي بمتوسط 7 وحدات .
3_تمثل الجانب الشعوري من النظام المعرفي .
4_تستطيع الاحتفاظ بالمعلومات لفترة زمنية وجيزة لا تتجاوز (30 ثانية )وتتفاوت مدة الاحتفاظ تبعا لطبيعة المعلومة ومستوى التنشيط للعمليات المعرفية المطلوبة .
5_تشكل حلقة الوصل بين الذاكرة الحسية وطويلة المدى من حيث انها تستقبل الانطباعات الحسية من الذاكرة الحسية وتعمل على استرجاع الخبرات المرتبطة بها في الذاكرة طويلة المدى لتعمل على ترميزها واستخلاص المعاني منها .
6_يتم ترميز المثيرات فيها على نحو مختلف عما هو علية في الواقع الخارجي فالمثيرات يمكن ان تاخذ اشكالا متعددة من التمثيلات في هذه الذاكرة اعتمادا على الغرض من معالجتها وطبيعة عمليات التحكم المعرفية .
ويحدث النسيان في هذه الذاكرة بسبب الاهمال وعدم ممارسة المعلومات والخبرات وكذلك بسبب عملية التداخل اوالاحلال . ويمكن تعزيز قدرة هذه الذاكرة على الاحتفاظ بالمعلومات وزيادة سعتها على المعالجة من خلال استخدام بعض الاستراتيجيات مثل (التسميع_التجميع والتحزيم).
وهذه الذاكرة لها ثلاث مكونات رئيسية تشترك معا لابقاء المعلومات والعمليات العقلية نشطة ريثما يتم تنفيذ المهمة المطلوبة وهي /
1_ذاكرة التنشيط اللفظي/وهي احدى ادوات الحديث الداخلي ويعتمد مستوى التنشيط فيها على طبيعة المعلومات اللفظية وحجمها .
2_ذاكرة التنشيط البصري/وهي المسؤولة عن ممارسة الانطباعات الحسية البصرية بحيث تعمل على الاحتفاظ بها ريثما يتم استخلاص المعاني منها .
3_الذاكرة التنفيذيه المركزية/هي بمثابة مهارة او عملية تتمثل في اتخاذ القرارات حول اي شكل من اشكال الذاكرة التى يجب تفعيله من اجل انجاز مهمة ما . فهي التى تقرر متى يجب ان تنشط مجموعة معينة من العمليات المعرفية اوالتى يجب ان تتوقف سواء كلها او البعض منها .
ثالثا/الذاكرة طويلة المدى(long_term memory)
وهي المستودع الثالث في نظام معالجة المعلومات التى تستقر فيه الذكريات والخبرات بصورتها النهائية حيث يتم فيها تخزين المعلومات على شكل تمثيلات عقلية بصورة دائمة وذلك بعد ترميزها ومعالجتها في الذاكرة العاملة ومميزات هذه الذاكرة ترتكز في سعتها الهائلة على التخزين .
اشكال التمثيل المعرفي في الذاكرة طويلة المدى/
هناك جدلا لا زال دائرا لدى المهتمين بعلم النفس المعرفي حول الكيفية التى يتم من خلالها تمثيل المعلومات وتخزينها في الذاكرة طويلة المدى وتمخض عن هذا الجدل بروز عددا من وجهات النظر في ذلك واهمها وجهة النظر التوفيقية والتى حاولت ان تجمع بين وجهات النظر الاخرى حيث تنظر الى الذاكرة طويلة المدى على انها بنيه ثلاثية الابعاد هي /
1_ذاكرة االمعاني /ويخزن بها شبكات من المعاني التى ترتبط بالافكار والحقائق والمفاهيم وتشمل (الافتراضات_الصور الذهنية_المخططات العقلية) .
2_ذاكرة الاحداث/وتسمى بالذاكرة التسلسلية لان الخبرات فيها يتم تخزينها وفق ترتيب متسلسل يشبه الرواية او الفيلم السينمائي .
3_الذاكرة الاجرائية/وهي تشمل على الخبرات و المعلومات المرتبطة بكيفية تنفيذ الاجراءات او القيام بالاشياء المهنية كالسباحة وهندسة السيارات وغير ذلك.
العمليات الاساسية لنظام معالجة المعلومات /
1_الاستقبال/اي عمليات تسلم المنبهات الحسية المرتبطة بالعالم الخارجي من خلال الحواس المختلفة وهذه العملية تشكل الحلقة الاولى من معالجة المعلومات .
وتعتبر على غاية من الاهمية نظرا لانها تزود النظام المعرفي بالمدخلات التى تشكل الوقود لهذا النظام .
2_الترميز/اي عمليات تكوين آثار ذات مدلول معين للمدخلات الحسية في الذاكرة على نحو يساعد في الاحتفاظ بها ويسهل عملية معالجتها لاحقا اي هي بمثابة تغيير المدخلات الحسية وتحويلها من شكلها الطبيعي الى اشكال اخرى من التمثيل المعرفي على نحو صوري او رمزي او سمعي .
وتشير الادلة العلمية الى ان المعلومات الحسية يتم تشفيرها الى انواع مختلفة من الاثار الذاكرية . ويمكن التمييز بين الانواع التالية من عمليات الترميز وهي ....
1/الترميز البصري
وفيه يتم تشكيل آثار ذات مدلول معين لخصائص المدخلات الحسية البصرية كاللون والشكل والحجم والموقع والى غير ذلك .
2/الترميز السمعي
وفيه يتم تمثيل المعلومات على نحو سمعي من خلال تشكيل آثار للاصوات المسموعه وفقا لخصائص الصوت كالايقاع والشدة ودرجة التردد.
3/الترميز اللمسي
وفيه يتم تمثيل المعلومات من خلال اللمس حيث يتم تشكيل آثار لملامس الاشياء كالنعومة والخشونه والصلابه ودرجة حرارتها .
4/الترميز الدلالي
وفيه يتم تمثيل المعلومات من خلال المعنى الذى يدل عليها وغالبا ما يرتبط هذا النوع من التمثيل بالترميز البصري والسمعي .
5/الترميز الحركي
وفيه يتم تمثيل للافعال الحركية من حيث نتائجها وكيفية تنفيذها ويرتبط هذا النوع من التمثيل ايضا بالترميز البصري واللفظي .
وتجدر الاشارة هنا ان ليس جميع المدخلات الحسية يتم نرميزها حيث ان حجم المدخلات قد تفوق سعة الذاكرة العاملة وقد يرجع عدم القدرة على الترميز العديد من المدخلات الحسية من الفشل في الانتباه .
الانتباه الانتقائي
عملية اختيلر بعض المثيرات او خصائص معينة منها لتركيز عمليات المعالجة لها .و ورد ان نظام معالجة المعلومات لا يستطيع تناول جميع المدخلات الحسية وهذا يمكن عزوه الى /
1_ان حجم المدخلات الحسية التى نستقبلها عبر الاجهزة الحسية قد تكون كبيره جدا من حيث لا يتوفر للنظام المعرفي آليات تمكن من ابقائها لفترة طويله ريثما يتم معالجتها .وهذا بسبب زوالها بسرعه فائقة.
2_ان سعة الذاكرة العاملة التى يتم فيها ترميز المعلومات ومعالجتها محددة جدا .فالنظام المعرفي يعمل على نحو انتقائي في اختيار بعض المثيرات او خصائص معينه منها لتوجيه الانتباه اليها وهو ما يعرف بآلية الانتباه الانتقائي .
وتشير الدراسات الى ان الفرد لا يستطيع توجية الانتباه الى اكثر من مهمة في الوقت نفسه ونظرا لقدرة النظام المعرفي في تحويل المثيرات يبدو وكاننا نتعامل مع اكثر من مثير في نفس الوقت.
ان مسالة السعة المحددة للنظام المعرفي وما يتمخض عنها ادى الى ظهور عدد من النظريات في هذا الشان (نظريات المرشح _نظرية التوزيع المرن لطاقة الانتباه _نظريات القنوات المتعددة) وغيرها .
ولقد تمخض عن هذه النظريات وجهتا نظر حول استراتيجيات المعالجة للمعلومات وهي
اولا/ استراتيجيات المعالجة المتسلسله_ وفيها يتم معالجة المثيرات واحد تلو الاخر حيث يتم توجية سعة الانتباه الى هذا المثير بحيث اغفال المثيرات الاخرى . ويتم الانتقال الى المثيرات الاخرى على نحو متسلسل وذلك حسب اهميتها .
ثانيا/استراتيجيات المعالجة المتوازية_وفيها يتم معالجة مجموعة مثيرات في وقت متزامن على نحو مستقل عن بعضها بعضا . اي ان مجموعة عمليات عقلية يتم تنفيذها على هذه المثيرات بمعزل عن بعضها بعضا .
4/التخزين _ويشير الى عملية الاحتفاظ بالمعلومات في الذاكرة ويختلف هذا المفهوم باختلاف خصائص الذاكرة ومستوى التنشيط الذى يحدث فيها بالاضافة الى طبيعة العمليات التى تحدث على المعلومات فيها .
ففي الذاكرة الحسية يتم الاحتفاظ بالمعاومات لفترة قصيرة جدا لا يتجاوز الثانية في حين يتم في الذاكرة العاملة الاحتفاظ بالمعلومات لفترة تتراوح بين (20_30)ثانية في حين في الذاكرة طويلة المدى يتم تخزين المعلومات على نحو دائم اعتمادا على طبيعة المعالجات والهدف من هذه المعالجات .حيث يتم تصنيفها وتنظيمها لتخزن في ذاكرة الاحداث او الذاكرة الدلالية او الذاكرة الاجرائية .
5/الاسترجاع _اي عملية تحديد مواقع المعلومات المراد استدعائها وتنظيمها في آداء -التذكر ,اي القدرة على استدعاء الخبرات التى سبق للفرد ان تعلمها او عايشها .وتتوقف هذه العملية على عدة عوامل منها 1/قوة آثار الذاكرة
2/مستوى التنشيط للمعلومات فيها
3/توفرالمنبهات المناسبه
ويسهل تذكر واسترجاع بعض المعلومات من الذاكرة طويلة المدى ويعود ذلك الى
1/مستوى التنشيط العالى لها
2/توفر المنبهات المناسبة
3/الفة الفرد وممارسته لها باستمرار .
ان عملية استرجاع المعلومات تمر بثلاث مراحل/
1_مرحلة البحث عن المعلومات/
اول مراحل التذكر حيث يتم فحص سريع لمحتويات الذاكرة لاصدار حكم او اتخاذ قرار حول توفر المعلومات او عدم توفرها .
فاذا كانت موجوده فهل هي بالمتناول ام تتطلب جهدا عقليا .وقد تكون الاستجابه سريعه في حالة عدم وجود اية معلومات عند الفرد عن الخبرة المطلوبه مثلا عند السؤال حول عدد الكائنات الحية في المحيط الهادي . وقد تكون استجابه الفرد سريعه عندما تكون مالوفه مثلا طرح سؤال عن تاريخ ميلاده .
واخيرا تتفاوت مدة البحث عن المعلومات اعتمادا على مستوى التنشيط لها ونوعية المعلومات المطلوبه.
2_مرحلة تجميع وتنظيم المعلومات/
ان مجرد اصدار الاحكام حول وجود المعلومات في الذاكرة يعد غير كافي لحدوث عملية الاسترجاع لانه يتطلب بالتالى مجهود عقلي من قبل الفرد يتضمن البحث عن اجزاء المعلومات المطلوبه وربطها معا لتنظيم الاستجابه المطلوبه.ووجد ان هناك مبدا يؤثر في ذلك وهو مبدا الانتشار لاثر التنشيط وهو احد الاستراتيجيات المعرفيه التى تساعد على عملية التذكر .مثلا ان التفكير في مفهوم معين يؤدى ذلك بدوره الى تنشيط الشبكات المعرفيه الاخرى ذات العلاقة بهذا المفهوم لاختيار الاجابة الصحيحة او المطلوبه فمثلا كلمة كلب قد تثير جميع الشبكات الاخرى ذات العلاقة القريبه او البعيدة منها والتى تشتمل على معلومات عن المفاهيم مثل (اللحم_العظم_القطة_المطارده _الحراسة_داء الكلب_اللصوص).
3_مرحلة الاداء الذاكري/
اخر مراحل عملية التذكر وتتمثل في تنفيذ الاستجابة المطلوبه .وقد تاخذ هذه الاستجابه شكلا ضمنيا كالتفكيرالداخلي بالاشياء او ياخذ شكلا ظاهريا كاداء الحركات والاقوال .وقد تكون معقدا تتالف من مجوعه استجابات جزئيه مثل الحديث عن موضوع معين
النسيان \
ظاهرة نفسية انسانية لها حسناتها وسيئاتها . والنسيان هو العملية العكسية لعملية التذكر والاستدعاء اي الفقدان الكلي او الجزئي الدائم او المؤقت لبعض الخبرات ويعتبر بمثابة وسيلة دفاعية لسلامة الراحة النفسية والصحة النفسية عند الانسان لانه يساعد على تجاوز الخبرات المؤلمة والاحباطات .
ويرى العديد من الباحثين ان الخبرات التى يمر بها الانسان اثناء تفاعلاته المستمرة تبقى اثارها موجودة في الذاكرة ولكن صعوبة تذكرها يعود الى
1\سوء الاثارة لعدم وجود المنبه المناسب الذي يساعد على تذكرها .
2\عدم وجود الدافعية للتذكر .
3\عوامل التداخل والازاحه الذي تحدث لبعض المعلومات .
4\اسباب ترتبط باعادة تنظيم محتوى الذاكرة .
5\اسباب ترجع الى العوامل التى ترتبط بظروف عمليات الاكتساب والتركيز.
نظريات النسيان
وهي النظريات التى تفسر طبيعة النسيان واسبابه
1\ نظرية التلف او الاضمحلال
تعتبر من اقدم النظريات او المحاولات التى تفسر النسيان واصلها يعود الى ارسطو الذي قال ان النسيان عبارة عن فقدان الارتباطات بسبب العامل الزمني اي الارتباطات التى تتشكل بين الاحساسات والاستجابات والتى تشكل افكار العقل عن طريق مبدا (التجاور والتشابه والتنافر )
واشار ثورندايك مفسرا النسيان وفقا لهذه النظرية من خلال مبدا الاستعمال والاهمال للعادة المكتسبة
اي اذا استخدمت الخبرة او المعلومة لا تنسى واذا اهملتها ولم تستخدمها تنسى .
2\نظرية الاحلال والتداخل
اي ان بعض المعلومات تتلاشى من الذاكرة وفقا لحلول معلومات لتحل محل معلومات اخرى وغالبا ما تحدث في الذاكرة العاملة اي قصيرة المدى هذا معنى الاحلال
اما التداخل فمعناه ان النسيان يحدث وفقا لعملية التداخل التى تحدث بين محتويات الذاكرة مما يعيق بعضها بعضا من الاسترجاع
والتداخل وجهان
1\التداخل البعدي \ويسمى بالكف البعدي اي عندما تعيق الخبرات الجديدة تذكر الخبرات المتعلمة السابقة .
2\التداخل القبلي \ويسمى بالكف القبلي اي عندما تعيق الخبرات المتعلمة سابقا تذكر الخبرات المتعلمة حديثا .
ولقد ايدت عملية التداخل لتفسير النسيان كلا من (النظرية البنائية _النظرية لحفظ السجلات _وكثير من وجهات النظر الاخرى)
3\نظرية الفشل في الاسترجاع
اي ان النسيان هو عبارة عن صعوبة تحديد مواقع المعلومات المراد تذكرها في الذاكرة طويلة المدى ( المخزن )بسبب غياب المنبهات المناسبه لتنشيط الخبرة المراد تذكرها او سوء الترميز والتخزين للخبرة .
واثبتت ذلك تجارب مثل (الشعور بالمعرفة _حافة اللسان _الخبرة المنبه بمثير وغير المنبهه _الاثارة الكهربائية لخلايا الدماغ )
4\نظرية تغير الاثر
وهي من صياغة مدرسة الجشطالت وهي تفسر النسيان بانه يحدث في حالة حدوث عملية اعادة تنظيم محتوى الخبرات في حالة تفاعلات الفرد المستمرة حيث ان بعض المعلومات او الخبرات ربما تتغير او تفقد بعضا منها او انها تندمج مع خبرات اخرى .وهم يفسرون ذلك حسب قولهم المفاد (ان الذاكرة تمتاز بالطبيعة الديناميكية بحيث تعمل على اعادة تنظيم محتوى الخبرات لتحقيق ما يسمى بالكل الجيد المتميز بالاتساق والتكامل .
5\وجهات نظر اخرى
نظرية التحليل النفسي تعتبر النسيان مدفوع بدافع لا شعوري يسمى الكبت وهناك نظرية تقول ان غياب الدافعية لتذكر خبرة ما يؤدي الى ظاهرة النسيان وغير ذلك
منقول