تنبأ لها إيليا أبو ماضي بمستقبل باهر وأنشد فيها شاكر السيّاب قصيدة.. من الشاعرة العراقية لميعة عباس؟
شاعرة عراقية، لعبت دورا رئيسيا في تطوير حركة الشعر في بلادها وفي العالم العربي، في عصر لمعت فيه أسماء كبيرة مثل نازك الملائكة وبدر شاكر السيّاب وبلند الحيدري، في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.
ولدت لميعة عباس عمارة في العام 1929 في بغداد، قادمة من مدينة العمارة الجنوبية. درست في دار المعلمين العالية، ودرست هناك مع شخصيات ستصبح شهيرة لاحقا أمثال شاكر السيّاب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وابن خالتها عبد الرزاق عبد الواحد، وتخرجت في العام 1955 حاملة الإجازة في اللغة العربية.
برز صوتها الشعري بوصفه صوتا مختلفا، وتميّز شعرها بجرأته ولغته القوية. ونشرت قصيدة لها وهي لمّا تتجاوز 15 من عمرها، وكان ذلك في العام 1944 وفي مجلّة تدعى "السمير"، وذلك بمساعدة الشاعر اللبناني المعروف إيليا أبو ماضي، الذي كان صديق عمّها وتنبأ لها بمستقبل شعري باهر، قائلا "إن كان في العراق مثل هؤلاء الأطفال، فعلى أيّ نهضة شعرية يقبل العراق".
وبحسب الكاتب العراقي عقيل عباس "عملت لميعة انقلابا هائلا في الشعر لأنّها ركزت على مفهوم الحرية وكانت صوتًا للمرأة". كما اتّسم شعرها بشيء من قوة الشكيمة والشخصية؛ فقالت في قصيدتها المعروفة "أنا عراقية" التي ارتجلتها عندما حاول أحد الشعراء مغازلتها في مهرجان المربد الشعري في ثمانينيات القرن الماضي في العراق: "أتدخنين؟ لا. أتشربين؟ لا. أترقصين؟ لا. ما أنت جمع من الـلا؟ فقالت أنا عراقية".
كما عملت الشاعرة العراقية في السلك الدبلوماسي، إذ شغلت منصب الممثّل الدائم للعراق في منظمة اليونسكو في باريس بين عامي 1973 و1975.
قصة لميعة والسيّاب
زاملت لميعة الشاعر العراقي الراحل شاكر السيّاب في دار المعلمين العالية، وهذا ما جعله يفتتن بها وينشد فيها قصيدة يقول فيها "ذكرتك يا لميعة والدجى ثلج وأمطار.."، كما ترك قصائد عديدةً تتحدّث عنها، حتى إنّ كثيرين يقولون إن قصيدة "المطر" الشهيرة كُتبت عنها.
وفي لقاء لها مع الروائية العراقية إنعام كجه جي، قالت لميعة "من الأكيد أنّني كنت أحبّه -أي السياّب- وقد كتبت له شعرا، وتأثرت كثيرا بصداقتنا التي لم تكن أكثر من علاقة بريئة ومحلّقة ومبدعة. وهي قد كانت فترة غنية جدا في حياة بدر، توقفتُ تقريبًا فيها عن كتابة الشعر، طيلة الفترة التي عرفته فيها، وكنتُ مكتفية بدور الملهم والمستمع والناقد والرفيق والصديق. كنتُ الأم والحبيبة، فكان إنتاجي قليلًا وإنتاجه غزيرا. وكنت سعيدة بصداقته وراضية". وتركت له قصائد تحاكيه فيها كقصيدة "شهرزاد"، التي كتبتها في مرحلة "دراستهما" معا.
أصدرت لميعة مجموعة من الدواوين الشعرية، منها "الزاوية الخالية" (1960)، و"عودة الربيع" (1963)، و"أغاني عشتار" (1969)، و"يسمونه الحب" (1972)، و"لو أنبأني العراف" (1980)، و"البعد الأخير" (1988). وكانت تلك الدواوين تتراوح بين قصيدة التفعيلة والشعر الحر.
وتوفيت عام 2021 عن عمر ناهز 92 عاما في سان دييغو على الساحل الغربي للولايات المتحدة، حيث عاشت بقية حياتها يعد أن غادرت العراق في سبعينيات القرن الماضي.