محال بيع المرطبات في تونس- أرشيفية
تزينت المحلات التجارية في وسط العاصمة التونسية بمظاهر الزينة وشجيرات عيد الميلاد استعدادا للاحتفال برأس السنة أو "سهرة ريفيّون".
وشهدت أسواق المدينة العربية مثلما يلفظها التونسيون، إقبالا كثيفا وانتعشت التجارة انطلاقًا من حارة جامع الزيتونة ومرورًا بسوق الصناعات التقليدية ووصولا لسوق الصاغة (البركة).
ففي المدينة العتيقة والحارات المتفرعة منها، تعرض المحلات للبيع أشجار صنوبر، وزينة، وأضواء، وملابس "بابا نويل"،والأجراس وكل ما يضمن الاستعداد لسهرة مثاليّة في ليلة رأس السنة .
كما تشهد المدينة العتيقة حركة تجارية كبيرة قبل ثلاثة أيام من إنتهاء العام خاصة في محلات الحلويات حيث تدفق التونسيون على محلات بيع المرطبات؛ لشراء المرطبات والحلويات للاحتفال بسهرة رأس السنة.
احتفالات مميزة
دأب التونسيون على الاحتفال برأس السنة، فترى شقّا منهم يخرج للسهر بالمطاعم والنّزل ويتبادل الهدايا الفاخرة والورود، وثمّة من يسافر خارج تونس لتمضية ليلة رأس السنة في إحدى البلدان الأوروبية. ولكن أغلب التونسيين يفضلون الاحتفال برأس السنة في المنزل في سهرة عائلية تجمع الأقارب والأصدقاء، مع أقل تكلفة.
ورغم اختلاف طبقاتهم الاجتماعية وأوضاعهم المادية، إلا أن جميع التونسيين يحرصون على شراء الحلويات أو إعدادها في البيت، فضلا عن إقامة مآدب العشاء والسهر حتى منتصف الليل لاستقبال أولى لحظات العام الجديد.
ويتوافد كثير من التونسيين إلى محال بيع العطور والهدايا والشوكولاتة والحلوى التي تبدو مزدحمة على غير عادتها، وكذلك تنشط متاجر الأكسسوارات والملابس لإهداء بعضهم البعض.
كما كانت الحركة كثيفة خصوصاً في محال بيع الدجاج والسمك واللحوم، ويبقى الدجاج الأكثر رواجاً في تونس ويُعَدّ الطبق المفضل للكثيرين في نهاية السنة.
وتتفنن ربات البيوت في إعداد وصفات الدجاج المحمر، فيما يفضل البعض شراء دجاج محمر جاهز حيث تنشط تجارة الدجاج المصلي في المحال التجارية والمطاعم وتتصاعد أسعار الدجاج بشكل كبير مع الإقبال في مثل هذه المناسبات على اللحوم.
كما ينشط بيع الأسماك كبيرة الحجم لتزيين طاولة العشاء في رأس السنة .
مناسبة عائلية
وأمام محل لبيع الدجاج، تحدث حلمي بن محمود، موظف تونسي لـ "العين الاخبارية" عن طقوس احتفاله برأس السنة قائلا إنه على الرغم من غلاء الأسعار فإنه سيشتري لأسرته المكونة من زوجته وابنين اثنين كعكة رأس السنة ودجاجة محمرة ومشروبات غازية وما تيسر من غلال وفواكه جافة للاستمتاع بالسنة الجديدة.
وأكد أنّ هذه الليلة مميزة ويجب الاحتفال بها بالمرطبات والحلويات قائلا: "لا نستطيع السهر خارج المنزل بسبب الظروف المادية لكن في نفس الوقت يجب ألا نحرم أنفسنا من الاحتفال والفرح ".
وأكد أن هذه العادة تمثّل مناسبة لصلة الرحم وزيارة الأقارب والأحباب، موضحا أن جميع التونسيين من كل الطبقات يخصصون ميزانية لقضاء هذه المناسبة والاحتفال بها سواء في المنزل أو خارجه.
ارتفاع الأسعار
من جانبه أكد لطفي الرياحي رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك (مستقلة) ارتفاع أسعار جميع المواد الاستهلاكية؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار المرطبات.
وأوضح الرياحي في تصريحات لـ"العين الاخبارية " أن كلفة الاحتفال برأس السنة لعائلة بسيطة بالمنزل تقدّر كلفتها حوالي 120 دينار (40 دولار) على أقل تقدير.
وأشار إلى أن المواطن التونسي في جميع المواسم والأعياد يلجأ إلى الاقتراض؛ لأن التونسي في الأساس هو مواطن استهلاكي. ودعا الرياحي الحكومة التونسية إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات التي تخفّف من غلاء المواد الاستهلاكية.
ولا تخلو أجواء الاحتفال في هذه المناسبة من العروض الفنية والثقافية؛ حيث قامت العديد من الفنادق بتنظيم عروض خاصة بهذه المناسبة.
تاريخية الاحتفال
وعن احتفال التونسيين برأس السنة الميلادية الضارب في القدم، قال عبد القادر المسليني أستاذ التاريخ التونسي إنه منذ العهود السابقة كان التونسيون المسلمون يصومون يوم الميلاد.
وتابع المسليني في تصريحات لـ "العين الاخبارية" أن المرأة التونسية كان تضع في "جهاز زواجها" نخلة من النحاس أو الفضة وكانت تستعملها في العشر الأواخر من شهر ديسمبر/ كانون الأول؛ حيث توقد المرأة تحت جذع النخلة الفضية شمعة في استعادة لقصة مولد السيد المسيح كما وردت في القرآن الكريم والتي تقول إنه ولد تحت نخلة وليس تحت شجرة السرو.
وأكد أن العائلات التونسية كانت تطبخ "الملوخية" ليلة رأس السنة تفاؤلا بالسنة الجديدة ليعم الاخضرار على الحقول والمزارع مع إعداد البيض المسلوق في رمزية للخصوبة والحياة، لكن اختلفت في السنوات الماضية الاحتفالات بفعل تطور الزمن.
وأضاف أن تونس تعاقبت عليها جميع الحضارات وتلاقحت فيها جميع الأديان من اليهودية والمسيحية والإسلام بجميع مذاهبه ما جعل أهل تونس منفتحون على كل شيء