( النقد الأدبي وثقافة الحيادية )
إن مهمة النقد الأدبي دراسة النص وتفسيره وتحليله بُغية الوقوف على خصائصه الموضوعية ، وسماته الفنية ، ثم الحكم عليه تبعًا لهذه الخصائص.
وهو بهذا علم لا يستطيعه أي أحد، بل يحتاج من الدراسة والذوق ، والخبرة والمراس قدرا كبيرا .
فالنقد هو الوجه الآخر للأدب ، وهو صنوه وقرينه ، فإذا كان النص أدبا إنشائيا يبدعه الأديب ، فإن النقد هو الأدب الوصفي الذي يعنى بالأول عناية الأخ الشقيق .
وإن من أشد الأمور خطرا على النقد أن يتصدى له من لا يملك أدواته ، ولا يتسلح بمقوماته، فنراه يبالغ في الإطراء ، ويكيل المدح والثناء لنصوص أدبية هزيلة ، من باب المجاملة لأصحابها .
إن هذا الصنيع من أكثر الأمور التي تطعن النقد الأدبي في مقتل ، وتهوي به إلى منحدر سحيق.
لابد للناقد الأدبي من ثقافة هائلة ، ولابد له من الحيادية والإنصاف ، لأن النقد الأدبي نوع من الشهادة التي لا تحتمل الزور ، ولا تقبل التحيز.
وإن دخول المجاملات والأهواء في ميدان النقد الأدبي لهو الخطر الأكثر ضررا ، والداء الأشد فتكا بجسد الأدب والنقد على حد سواء.
إن قدرا كبيرا من المسئولية يُلقى على عاتق هؤلاء المتخصصين في مجال النقد الأدبي، الحاملين لمقوماته ، الملتزمين بأخلاقياته، فعليهم ألا يتركوا الساحة لمثل هؤلاء المدعين المجاملين، وأن يتصدوا لمهاتراتهم النقدية ، وأحكامهم المجاملة ، فبهذا لا بغيره ينصلح حال النقد الأدبي، وتعود له هيبته، وترجع له مصداقيته.
عصمت رضوان