النقد الموضوعاتي عند الغرب جورج بوليه انموذجا :
من المعلوم أن من أهم رواد المنهج الموضوعاتي وأبرزهم في الغرب نجد: جان بيير ريشار (Richard)، وجان روسيه (Rousset)، وجان ستاروبنسكي (Starobinski)، وإميل استيجر، وجوج بوليه (Poulet) ، وباستون باشلار (Bachelard)، و رولان بارت (Barthes) في مرحلته المبكرة، وأسماء أخرى كجان بول سارتر (Sartre) ورومان إنجاردان (Ingarden).
وعليه، فباستون باشلار (Bachlard) يمثل الأب الروحي للنقد الموضوعاتي بعد أن كان فيلسوفا وابستمولوجيا، فلقد دخل الأدب بأعمال شاعرية هامة وهي كالتالي:

1) التخيل الشاعري.

2) لهيب شمعة.

3) شاعرية الفضاء.

4) شاعرية الحلم .

5) العقلانية المطبقة.

6) المادية العقلانية.

7) الروح العلمية الجديدة.

8) فلسفة اللا.

9) جدلية الاستمرار.

ولا ننسى اهتمامه الموضوعاتي الكبير بعناصر الكون وصوره الأربعة: الماء و التراب و الهواء و النار. فقد اقتحم النقد الموضوعاتي من نافذته الفلسفية والابستمولوجية والشاعرية. إذ درس مجموعة من الصور الشعرية ذات البعد "التيماتي" بمقاربة فينومينولوجية تربط الذات بالموضوع باحثا عن مظاهر الوعي واللاوعي وترسباته السيكولوجية في الصور الشعرية. ولقد تناول "تيمة" الفضاء خصوصا الحميمي منه بطريقة شعرية إيحائية تستوحي الرؤيا الشعرية والتخييل الأدبي.

هذا، وقد بلور باشلار "تيمات" ذات عنونة إيحائية تخييلية فائقة كالحلم والتخيل والزمن والماء والهواء والتراب والنار.

ومن الذين تأثروا بباشلار (Bachlard) نستحضر جورج بولي (Poulet) الذي تناول الفضاء والزمن بأسلوب فلسفي ميتافيزيقي وحدسي ولاسيما في كتبه عن:

1) دراسة حول الزمان الإنساني (1950)؛

2) البعد الداخلي (1952)؛

3) تحولات الدائرة (1961)؛

4) الفضاء البروستي (1963).
يمثل الاتجاه الأول جورج بوليه، وهو من النقاد الموضوعاتيين الذاتيين، ويرى أن هدف النقد هو "الوصول إلى معرفة صميمية بالعمل المنقود، وأنه لا يمكن بلوغ هذه الصميمية إلا داخل الفكر الناقد محل الفكر المنقود" . ويسمى هذا النوع من النقد لدى بوليه بالنقد "التطابقي" الذي يتطابق فيه وعي الناقد مع وعي المنقود.
ويقارب بولي في مصنفاته الإبداع من زاوية فلسفية ذات نسق زمكاني ما ورائي بروح شاعرية كما فعل باستون باشلار (Bachelard) في شعرية الفضاء (La poétique de l’espace).

هذا، وقد بين بولي (Poulet) في مداخلته في ندوة " الاتجاهات الحالية للنقد سنة 1966 م" ، والتي كتبها تحت عنوان (النقد الكشفي)، بأن مرسيل بورست Marcel Peoust) هو المؤسس الحقيقي للنقد الموضوعاتي، وتوصل إلى ذلك عبر عملية تجميع الصور في عمل بروست وربطها بين بعضها البعض اعتمادا على استدخال الوعي الذاتي في تحديد "التيمة" الكبرى وعملية توزيعها وتشعبها في الأثر الأدبي.
ويضيف روسي (Rosset) في كتابه " الشكل والدلالة" الصادر سنة 1962م بأن الكاتب لا يكتب إلا ليعبر عن نفسه لا ليقول شيئا ما. وهذا ما يؤكد مدى الترابط بين الذات والموضوع على المستوى الشعوري والظاهراتي وتداخل السيكولوجيا مع الموضوعاتية.

هذا، فإن القارئ الحقيقي حسب جان روسي (Rosset) هو: "الذي يباشر قراءة الإنتاج الأدبي في كل اتجاه: أي الذي يستطيع التعرف على المراحل الشكلية والعقلية، واقتفاء أثرها في شتى الأحوال، إلى أن تتضح لديه النقطة المركزية، أو المحور الأساسي الذي تشع في أعماقه كل البنيات، وسائر المعاني، أو ما يسميه بول كلوديل " بالعامل الدينامي"، حتى إذا فعل ذلك استفاد كثيرا، خصوصا عندما يكتشف في النهاية أن تلك البنيات الشكلية وتلك المعاني، تلتقي في نقطة معينة أساسها أن لكل بنية خيالية بنية شكلية
ومن رواد النقد الموضوعاتي أيضا نذكر جان ستاروبنسكي (J. Starobinski) في كتبه الثلاثة:

1) الشفافية والعائق (1958).

2) العين الحية (1961) (L’œil vivant).

3) السخرية والسوداوية (1966).

وقد استند ستاروبنسكي إلى التحليل السيكولوجي والموضوعاتي لمقاربة النظرة في أعمال جان جاك روسو وكورناي وراسين وستاندال ما دامت النظرة تعبر عن كثافة الرغبة . وبالتالي، فهو ناقد الأعماق، يبحث عن واقع خفي قصد معرفته معرفة جيدة؛ لأنه هو الذي يعلن الظاهر "ويستخلص جان ستاروبنسكي (J.Starobinski) من قراءته أن الكاتب الأول يحس أنه (ضحية نظرة مجهولة لمتفرج دون هوية) ، كما أن بطل الكاتب الثاني، يحس أنه في حاجة إلى (نظرة تواطؤ الشعوب والأجيال الشاهدة) ، بينما نجد عند الكاتب الثالث (نظرة لا تقتضي المجد ولكنها تجلب الخجل). أما عند الرابع فإن ( الاسم المستعار، لا يعد هروبا من مجهول، بل فنا للظهور)
المراجع :

حسن المنيعي: نفحات عن الأدب والفن، دار الآفاق الجديدة، بيروت، لبنان، ط1،1981م، ص 77-78؛
سعيد علوش: النقد الموضوعاتي، ص 27؛