وبعد أَنْ ذهَبَتْ كلُّ الوُعودِ سُدَى ..
وعادَ صَوْتُكِ مِن بعدِ الغيابِ صَدَى
ها أنتِ تأتينني رُوحًا بلا جسَدٍ
هذا لأنّي أحبُّ الرُّوحَ لا الجسدا
ها أنتِ تأتينَ في صَحوي وفي حُلُمي
وتظْفَرينَ بقلبي أينما وُجِدا
ها أنتِ تأتينَ أُنثى ظِلُّها وطَنٌ
أرى الفُراتَ بعينيها أرى بردى
أرى حدائقَ بغدادٍ معلّقةً
بصَدرِها وأرى في حُزْنِها البلدا
أرى مآذنَ صنعا في أناملِها؛
في وَجْهِها وهَجَ التّاريخِ مُتّقِدا
أُنثى مِن الضَّوْءِ ما مرّتْ بذاكرتي
إلا تساقطتُ أقمارًا وذُبْتُ ندى
ولا تذَكّرتُ عينيها وضحكتَها
إلا تجَلّيتُ إيمانًا وزِدتُ هُدى
أنثى تمرُّ ببالي الآنَ أغنيةً
قديمةً لحنُها في داخلي احتشدا
قصيدةً لم يقلها شاعرٌ، وسَما
ءً لم تجد طائرًا في أُفْقِها غَرِدا
أحبُّها امرأةً ما مثلها امرأةٌ
ولستُ أشركُها في حبِّها أحدا
يا أنتِ يا حقلَ وردٍ في مخيّلتي
مددتُ قلبي لهُ، مدّي إليَّ يدا
لا تقتليني هباءً يا معذّبتي
ولتمنحيني وسامَ النّصرِ كالشُّهَدا
إنّي أحبّكِ جدّا دونما سبَبٍ
فلا تسومي فؤادي البُعدَ والكَبَدا
أريدُكِ الآنَ أن تأتي بلا عتَبٍ
أو فامنحيني فراقًا عادلًا أبدا
إنّي أعيذُكَ يا قلبي مِن امراةٍ
يزيدُني حبُّها نارًا إذا برَدا
عنيدةٌ هيَ جدّاً في الهوى فإذا
صارحتُها ادّعَتِ النّسيانَ والجَلدا
أقولُ : يا ليتَها يا ربِّ ما وُلِدَتْ
تقولُ : بل ليتَهُ يا ربِّ ما وُلِدا
أقولُ: يا ليتَ هذي الحربَ ما وُجِدَتْ
تقولُ: بل ليتَ هذا الحبَّ ما وُجِدا
عينايَ ما بكتا دمعًا على طلَلٍ
وقد تقطّعتِ الأشواقُ بي قِدَدا
فلستُ أدري أَدَمْعي فيهما جَمدا
أم أنّهُ من بكائي منهما نَفِدا؟!
الحبُّ معركةُ العُشّاقِ ما انتصروا
فيهِ، ولا اقتربوا منهُ، ولا ابتعدا
كلُّ المواعيدِ يا دنيا مُؤَجّلَةٌ ..
وقد أموتُ وما زالتْ تقولُ: غدا