الانتخابات التشريعية التونسية: النسبة الأولية للمشاركة بلغت 8.8%

نشرت في: 17/12/2022

نص:فرانس24تابِع

أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس عن نسبة مشاركة ضعيفة جدا بلغت 8.8% فقط. ويفسرعزوف الناخبين عن التصويت بمقاطعة معظم الأحزاب للعملية الانتخابية رفضا منها لقانون الانتخاب إلى جانب فقدان شريحة كبيرة من التونسيين الثقة في الأطراف السياسية الفاعلة في البلاد. وتعد هذه الانتخابات التشريعية اللبنة الأخيرة في بناء نظام رئاسي يسعى قيس سعيّد إلى إرسائه منذ احتكاره السلطات في البلاد صيف 2021. فيما ينكب اهتمام معظم التونسيين على ظروف العيش في خضم ارتفاع نسب التضخم.


بلغت نسبة الإقبال الأولية في الانتخابات البرلمانية التي جرت السبت 8.8 بالمئة فقط، بحسب ما أعلنه رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس. وهو ما يعني أن نحو 803 آلاف شخص أدلوا بأصواتهم وفقا للأرقام الأولية الرسمية.
وستعلن النتائج الأولية للدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الإثنين، على أن تجرى دورة ثانية لحسم مصير عدد من المقاعد بين شباط/فبراير وآذار/مارس المقبلين.
ويذكرأن معظم الأحزاب السياسية قاطعت الانتخابات رافضة الأساس الدستوري للتصويت وانتقدت قانون الانتخاب الذي يحكمها. ومن العوامل الأخرى التي تفسر الإحجام الواسع عن التصويت أن المرشحين وعددهم 1055 غالبيتهم غير معروفين. إذ أن الانتخابات كانت على أساس الترشحات الفردية وليس الحزبية.
وفتحت مراكز الاقتراع في تونس أبوابها صباح السبت لانتخاب برلمان جديد محدود الصلاحيات.
وبدأ التصويت عند الساعة الثامنة (07,00 ت غ) على أن تغلق مراكز الاقتراع عند الساعة 18,00 (17,00 ت غ) باستثناء بعض المكاتب التي تبقى مفتوحة إلى حدود الساعة 20,00 بالتوقيت المحلي.


وكان الإقبال خلال الساعات الأولى ضعيفا. ففي مكتب في العاصمة تونس، قام ثلاثة ناخبين فقط بالتصويت خلال نصف ساعة، وفقا لمراسل لوكالة الأنباء الفرنسية.
وبدت الحملة الانتخابية التي استمرت ثلاثة أسابيع باهتة، حيث كان ظهور المرشحين خلالها محدودا ومن دون أن يطغى عليها أي طابع تنافسي، بينما غاب عنها السجال الانتخابي في وسائل الإعلام.
ويتكون البرلمان الجديد من 161 نائبا. وسيحل محل البرلمان السابق الذي جمّد أعماله سعيّد في 25 تموز/يوليو 2021 وحلّه لاحقا واحتكر السلطات في البلاد، مبررا قراره آنذاك بالانسداد السياسي وتواصل الأزمات السياسية في البلاد إثر خلافات متكررة بين الأحزاب في البرلمان.
لكن هذا البرلمان الذي سيتم إعلان نتائج انتخابه بعد دورة ثانية بين شباط/فبراير وآذار/مارس القادمين، سيكون مجرّدا من السلطات استنادا إلى الدستور الجديد الذي تم إقراره في استفتاء شعبي في تموز/يوليو الفائت ولم يشارك فيه نحو سبعين في المئة من الناخبين.
وبموجب هذا الدستور، لن يكون بوسع نواب البرلمان إقالة الرئيس ولا إسقاط الحكومة إلاّ بتوفر شروط "من الصعب جدا" تحقيقها، حسب الخبير السياسي حمادي الرديسي.


في المقابل يمكن لمجموع النواب تقديم مقترحات ومشاريع قوانين لكن يبقى للرئيس الأولوية في ذلك.
وينص القانون الانتخابي الجديد على الاقتراع الفردي ويحل محل انتخاب اللوائح، ما يضعف مشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات. وقد نتج عن ذلك ترشح شخصيات غير معروفة غالبيتها بدون انتماءات سياسية.

إجراء شكلي
ويقول أستاذ العلوم السياسية حمزة المؤدب لوكالة الأنباء الفرنسية إن "هذا التصويت إجراء شكلي لاستكمال النظام السياسي الذي فرضه قيس سعيّد بتركيز السلطات بين يديه". ويضيف أن "التونسيين يعلمون أن البرلمان لن يكون له وزن سياسي وسيتم تجريده من كل السلطات"، متوقعا إقبالا "ضعيفا جدا" على صناديق الاقتراع. ويرى المؤدب أنه "لا يوجد جو انتخابي (...) إنه ليس بحدث". ويؤكد المؤدب على أن المترشحين غير معروفين لعامة الناس و"مبتدئون في السياسة، وغير قادرين على التعبئة في سياق اقتصادي متدهور للغاية".
وترشح للانتخابات 1085 شخصا غالبيتهم غير معروفين.
وذكر "المرصد التونسي للانتقال الديمقراطي"، أن نصف المرشحين أساتذة (نحو 26%) وموظفون حكوميون بمستوى متوسط (نحو 22%).
أولوية اقتصادية
يظل الشغل الشاغل لـ12 مليون تونسي، بما فيهم تسعة ملايين ناخب مسجل، ارتفاع تكاليف المعيشة مع تضخم يبلغ حوالي 10% واستمرار فقدان بعض المواد الغذائية المتكرر على غرار الحليب والسكر.
قاطعت غالبية الأحزاب السياسية في تونس وفي مقدمتها حزب النهضة ذو المرجعية الإسلامية والذي كان مسيطرا على البرلمان منذ 2011، الانتخابات وقالت إنها لن تعترف بنتائجها.
ويرى المؤدب في هذا السياق أن الهدف هو "إعادة تشكيل نظام سياسي أحادي، كما يريد الرئيس سعيّد، لا يشرك فيه الاتحاد العام التونسي للشغل ولا المجتمع المدني ولا حتى الأحزاب".
دون "طعم ولا لون"
وهاجم الاتحاد الذي يمثل الثقل النقابي في البلاد، مؤخرا انتخابات الرئيس واعتبرها من دون "طعم ولا لون".
من جهتها، قرّرت منظمة "بوصلة" التي تراقب النشاط البرلماني في البلاد منذ 2014، عدم مواصلة عملها الرقابي على البرلمان مبررة قرارها برفضها أن تكون "شاهد زور على برلمان كرتوني".
وقالت هذه المنظمة غير الحكومية إنها لا تريد "إضفاء الشرعية على هيئة وهمية يتم إنشاؤها فقط لدعم توجيهات الرئيس".
ويعتبر هاميش كينير المحلل في مكتب "فيريسك مابلوكروفت الدولي"، أن الانتخابات "ستسهل مع ذلك علاقات تونس مع شركائها الخارجيين الرئيسيين، من خلال إنهاء 17 شهرا من عدم اليقين الدستوري" منذ احتكار سعيّد للسلطات في البلاد.
ويقول إنه سيكون من الأسهل الحصول على مساعدات من المانحين الدوليين "بفضل عودة وضوح الرؤية السياسية بشكل أكبر، حتى لو كانت الشرعية الديمقراطية للانتخابات التشريعية ضعيفة".

فرانس24/ أ ف ب