علوم|الولايات المتحدة الأميركية
عمود عملاق من الصهارة وراء زلازل المريخ وقد يدعم الحياة فيه
خلافا للأرض، لا يحتوي المريخ على صفائح تكتونية متحركة تعمل على تعديل سطح الكوكب وتجعل جزأه الداخلي ديناميكيا؛ لذلك اعتقد العلماء أنه كوكب "ميت" جيولوجيا.
إذا كان المريخ كوكبا ميتا جيولوجيا فما الذي يسبّب الزلازل على سطحه، بخاصة أنه لا يحتوي على صفائح تكتونية مثل الأرض والزهرة؟
اكتشف فريق دولي من الباحثين، وفق ما أشارت إليه دراسة علمية جديدة نشرت أخيرا في دورية "نيتشر أسترونومي" (Nature Astronomy)، سببا غير متوقع للنشاط الزلزالي الذي رصده مسبار "إنسايت" (InSight) التابع لوكالة ناسا في السنوات الماضية؛ إنها أعمدة عملاقة من الصهارة الصاعدة من جوف الكوكب تحت قشرة السطح.
هذه الأعمدة التي استبعد العلماء سابقا وجودها في المريخ يبدو، وفق الباحثين، أنها لعبت أيضا دورا مهما في الاحتفاظ بأشكال من الحياة في القديم، وقد تكون ما زالت تحتفظ بها إلى الآن.
النشاط الجيولوجي للمريخ أدى قبل ملايين السنين إلى تشكل جبل أوليمبوس (ناسا)
المريخ لم يمت جيولوجيا
منذ مليارات السنين، كان المريخ مختلفا كثيرا عما هو عليه اليوم، فغلافه الجوي كان أكثر سمكا ودفئا، والمياه السائلة كانت تتدفق على سطحه، إضافة إلى كونه نشطا جيولوجيا. وقد أدى هذا النشاط، وفق تقرير موقع "يونيفرس تو داي" (Univese Today)، إلى تشكل أكبر البراكين في النظام الشمسي وهو بركان جبل أوليمبوس الذي يبلغ ارتفاعه 3 مرات طول قمة إيفرست أعلى قمة على الأرض.
لكن ومع مرور الوقت، بدأ الجزء الداخلي من الكوكب يبرد، ولبّه يتصلّب، وأدى ذلك إلى تضاؤل نشاطه الجيولوجي بشكل كبير مع مرور الزمن.
وخلافا للأرض، لا يحتوي المريخ على صفائح تكتونية متحركة تعمل على تعديل سطح الكوكب وتجعل جزأه الداخلي ديناميكيا؛ لذلك اعتقد العلماء أنه كوكب "ميت" جيولوجيا، إذ لم يحدث الكثير في الثلاثة مليارات سنة الماضية.
هذه الأعمدة التي استبعد العلماء سابقا وجودها في المريخ يبدو، وفق الباحثين، أنها لعبت أيضا دورا مهما في الاحتفاظ بأشكال من الحياة في القديم، وقد تكون ما زالت تحتفظ بها إلى الآن.
النشاط الجيولوجي للمريخ أدى قبل ملايين السنين إلى تشكل جبل أوليمبوس (ناسا)
المريخ لم يمت جيولوجيا
منذ مليارات السنين، كان المريخ مختلفا كثيرا عما هو عليه اليوم، فغلافه الجوي كان أكثر سمكا ودفئا، والمياه السائلة كانت تتدفق على سطحه، إضافة إلى كونه نشطا جيولوجيا. وقد أدى هذا النشاط، وفق تقرير موقع "يونيفرس تو داي" (Univese Today)، إلى تشكل أكبر البراكين في النظام الشمسي وهو بركان جبل أوليمبوس الذي يبلغ ارتفاعه 3 مرات طول قمة إيفرست أعلى قمة على الأرض.
لكن ومع مرور الوقت، بدأ الجزء الداخلي من الكوكب يبرد، ولبّه يتصلّب، وأدى ذلك إلى تضاؤل نشاطه الجيولوجي بشكل كبير مع مرور الزمن.
وخلافا للأرض، لا يحتوي المريخ على صفائح تكتونية متحركة تعمل على تعديل سطح الكوكب وتجعل جزأه الداخلي ديناميكيا؛ لذلك اعتقد العلماء أنه كوكب "ميت" جيولوجيا، إذ لم يحدث الكثير في الثلاثة مليارات سنة الماضية.
وفي المدة الأخيرة، وجدت دراسة علمية أدلة زلزالية وجيوفيزيائية على أن المريخ ربما لا يزال "على قيد الحياة " جيولوجيا، بناء على بيانات زلزالية سجلها مسبار "إنسايت"، لكن أسباب هذا النشاط ظلت مجهولة لدى العلماء.
الفوهات الناتجة عن اصطدام النيازك في منطقة "إليزيوم بلانيسيا" (وكالة الفضاء الأوروبية)
عمود صهارة يضغط على قشرة المريخ
في الدراسة الجديدة، كشف الباحثون سببا لم يكن متوقعا من العلماء لهذا النشاط الجيولوجي. وحسب بيان صحفي صادر عن "جامعة أريزونا" (The University of Arizona)، فقد وجدوا أدلة على أن عمودا عملاقا صاعدا من الصهارة من داخل الكوكب نحو سطحه هو الذي تسبّب في الزلازل التي سجلها "إنسايت" وفي الانفجارات البركانية التي حدثت في الماضي السحيق.
استبعد العلماء في السابق وجود أعمدة الصهارة هذه التي تسمى أيضا "أعمدة الوشاح"، في كوكب صغير نسبيا مثل كوكب المريخ، لكنها موجودة في كوكب الأرض، وفق بعض المصادر العلمية، حيث تضع ضغوطا على أسفل القشرة الأرضية في هاواي وسط المحيط الهادي على سبيل المثال، مما يؤدي إلى تمددها فتشكل تلالا مرتفعة وخطوط صدع.
وهذه العلامات تظهر جليا أيضا في منطقة "إليزيوم بلانيسيا" (Elysium Planitia) القريبة من خط الاستواء على المريخ، التي ركز الباحثون عليها اهتمامهم، وهي عبارة عن سهل شاسع تتخلله صدوع حديثة تمتد على مسافة تزيد على 1287 كيلومترا.
وهناك، يعمل مسبار "إنسايت" على جمع البيانات الجيولوجية منذ عام 2018. وقد كشفت هذه البيانات وجود نشاط بركاني مزدهر طوال الفترة الممتدة بين 2.5 و500 مليون سنة الماضية، كذلك وجدت أدلة على انفجار بركاني صغير حدث قبل 53 ألف عام فقط، وهو الأحدث في تاريخ المريخ.
منطقة "إليزيوم بلانيسيا" على سطح المريخ حيث نزل المسبار "إنسايت" (وكالة الفضاء الأوروبية)
العمود بحجم الولايات المتحدة
وللوصول إلى هذا الاكتشاف، طبق الباحثون نموذجًا تكتونيًّا على المنطقة أظهر أن الآلية الوحيدة التي يمكن أن تفسر وجود الصدوع الحديثة في المنطقة هي وجود عمود من الصهارة تفوق حرارته حرارة المناطق المحيطة به 285 درجة مئوية، ويبلغ قطره نحو 4025 كيلومترا، أي بحجم الولايات المتحدة تقريبا.
وتدعم هذه النظرية أدلة أخرى، منها كيفية رفع سطح المريخ في تلك المنطقة بأكثر من 1.5 كيلومتر، لتكون واحدة من أعلى النقاط في الأراضي المنخفضة الشمالية للكوكب، إذ تشير تحليلات الاختلافات الطفيفة في مجال جاذبية المريخ إلى أن هذه المنطقة المرتفعة مدعومة من أعماق الوشاح، بما يتوافق مع نظرية عمود الصهارة.
وأظهرت القياسات التي أجريت على الفوهات الناتجة عن اصطدام النيازك في المنطقة أن قيعانها مائلة نحو العمود، وذلك يشير إلى أن شيئا ما دفع السطح إلى الأعلى بعد تشكل الحفر.
ووفقا لمؤلفي الدراسة، يمكن أن تكون لهذه النتائج أيضا آثار في البحث عن الحياة الماضية، وربما الحالية، على المريخ، فالحرارة المنبعثة من هذا العمود يمكن أن تحافظ أيضا على التفاعلات الكيميائية الضرورية للحياة، وتعزز النظرية القائلة إن الميكروبات ربما لا تزال موجودة تحت سطح المريخ اليوم.