فتحت هاتفها فوجدت رسالة تنص بالآتي…
زوجتي لطالما أحببتكِ ولطالما كنتِ سندا وعونا لي، ولكني أحببتها ورغبت بالزواج بها، إنني الآن لست برحلة عمل كما أخبرتكِ، ولكني سافرت لآلاف الأميال لأفوز بها وأتوجها ملكة على عرش قلبي.
شئتِ أم أبيتِ، لقد أحببتها حبا لم يعرف له قلبي مثيل من قبل.
كان لكلمات الرسالة أثر الصاعقة بقلبها الذي تهشم، لقد كانت صابرة ومحتسبة عند الله أجرها، كانت له بمثابة السند والظهر طوال فترة مرضه.
تزوجت به منذ خمسة سنوات، رزقها الله سبحانه وتعالى خلالهن بطفلة كالوردة المميزة بكل بستان الورود؛ لم يعرف قدر زوجته ولا قدر طفلته، فغاص في هيابات التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، تعرف على فتاة سرقت عليه لب قلبه.
طوال آخر عامين كان جليسا في المنزل عاطلا عن العمل، وكل الأسباب لا ترجع لعدم قدرته على إيجاد عمل ولا توفر فرص العمل، بل كانت لعدم رغبته بالعمل، لديه وظيفته والتي يجني من ورائها راتبا لا بأس به على الإطلاق، بل يفوق أحلام من بعمره.
كان اللاب توب الذي يجلس عليه بالساعات الطوال ليتحدث مع هذه الفتاة هدية زوجته بمناسبة مرور ثلاثة أعوام على زواجهما، بدلا من أن يستخدمه في تطوير نفسه وأفكاره في عمله كما حلمت الزوجة، استخدمه في تدمير أسرته بيديه.
لم تتقبل الزوجة فكرة الزواج عليها من أخرى، وخاصة أنها تحبه وبشدة، تحبه لدرجة أنها دوما فضلته على نفسها وعلى طفلتها، لجأت لحيلة ظنا منها بأنها ستكون الحد الفاصل في حياتها، وأنها ملجأها الوحيد لتغيير تفكيره وإقلاعه عن فكرة الزواج.
حملت نفسها وابنتها وسافرت بعيدا عائدة منزل أهلها مخفية كل جراحها حتى عن أقرب الناس إليها، كانت لاتزال على اتصال به، يرغب في عودتها لحبه لها ولكنها لا تريده إلا لها ولابنتها، ليست متقبلة فكرة زواجه ومشاركتها امرأة أخرى في زوجها حبيبها شريك دربها.
ولكن ما كانت لا تعلمه أن تتخذ الفتاة الأخرى كل هذه الأسباب وسيلة لمصلحة شخصية، لقد تزوجته به الفتاة بعد عشرين يوما من رحيل زوجته وطفلته التي تبلغ من العمر ثلاثة سنوات.
كانت صدمة عمر الزوجة حينها، أخبرت أهلها بكل شيء عندما انهالت عليها الأسئلة من كل مكان، حاول إرجاعها كثيرا ولكن نيران الصدمة كانت مشتعلة وملتهبة حينها، لم يلتمس لها أعذارا فقام بالانفصال عنها وبعث لها بورقة طلاقها، كانت هذه بمثابة الفاجعة الكبرى لها ولأهلها أيضا.
مرت أعوام على انفصالها عنه، كانت لطفلتها بمثابة الأب والأم، لم تجعلها تحتاج لشخص مهما بلغت محبته في قلبها إليه، لم تجعل ابنتها تحتاج لأب لها ولا لأم ولا لأخ ولا حتى أخت، اكتفت اكتفاءا ذاتيا، وفرت لابنتها كافة سبل الراحة وكافة سبل التعليم ذا المستوى الرفيع، حاولت في البدايات إرجاع زوجها لها وهي متقبلة فكرة زواجه بأخرى، لكن الثانية أبت وبكل مرة كانت تسمعها كلمات يضيق منها صدرها وتزهق روحها.
لم تكن تريد الرجوع لعجزها عن المال، لقد تاجرت وربحت واتخذت لنفسها سبلا لجني المال الحلال؛ ولكنها كانت قد سامحته وعفت عنه، لم تنس له يوما مواقفه الطيبة؛ لامت نفسها كثيرا على تسرعها في قرارها.
وتداولت الأيام وأظهرت معدنها النقي ومعدن زوجته الثانية الرديء، عندما عاد إليها بعد سنوات طوال من الظلم الذي حل عليها وعلى ابنتها سامحته وقابلته بيدين مفتوحتين، جاءها لا يملك شيئا حتى صحته كانت قد انهارت، بمالها وقفت بجانبه وبنفوذها الذي وصلت إليه استطاعت أن تبني له كيان من جديد، لقد مكنته من كل شيء، ولم تنتظر منه مقابل، سامحته على كل شيء.