في يوم من الايام كانت هناك فتاة يتيمة فقيرة ليس لها احد في هذا العالم إلا الله عز وجل ومن بعده امها، فقرر ابن عمها الزواج منها وكان ظالم جبار، وقد كان يسئ معاملتها هو وجميع اهله، فعاشت هذه الفتاة المسكينة كالخادمة بينهم تعمل ليل ونهار ومع ذلك لا تسلم من آذاهم وكانت هذه الفتاة كلما ضاق بها الحال تلجئ الي ادفئ مكان بالنسبة لها وهو حضن امها، وتشكو لها كل ما يحدث معها من ظلم واهانة وسب وضرب فلا تدري امها العجوز المسكينة ماذا تفعل، وهكذا تبكيان الام والابنة سوياً ثم تعود الي زوجها من جديد لا حول لها ولا قوة .ظلت الحال هكذا عشر سنوات كاملة وكل يوم يزداد الامر سوءاً حتي قرب الاجل وحان موعد رحيل الام الي خالقها عز وجل، فبكت الابنة بحرارة لفراق والدتها وانهارت، وخلال احتضار الام في لحظاتها الاخيرة اقتربت الابنة من امها وسألتها من بين دموعها : لمن اشكو بعد رحيلك لمن احكي مأساتي امي لا تتركيني وحيده فردت عليها الام قائلة بصوت ضعيف : ابنتي إن مت وضاقت بك السبل تعالي الى هنا الي بيت امك افرشي سجادتك واسجدي لله عز وجل واشكي له كل شئ، بثي الي خالقك عز وجل همك وحزنك .
وماتت الام ومر اسبوع وازداد الضيق والتعب علي الابنة، فنفذت نصيحة وادتها واخذت سجادتها وجره بها ماء للوضوء ثم ذهبت الي بيت امها واخذت تبكي وتشكو همومها الي الله سبحانه وتعالي، بعد ذلك احست براحة شديدة واستقرار وهدوء نفسي، واستمر الامر هكذا لمدة شهر، كل اسبوع تأخذ جرة الماء وتذهب الي بيت امها، تمكث هناك ساعات طويلة تبكي وتشكو ثم تعود وهي هادئة ومبتسمة تشعر بالامان والاطمئنان والسكينة .
لاحظ اهل زوجها الامر فحاولوا ادخال الشك الي قلب الزوج واكدوا له ان زوجته تخونه فإنها تذهب كل اسبوع الي بيت امها وهي حزينة وباكيه وتعود بعد ساعات وهي سعيدة وفرحانة، فقرر أن يراقب الزوج امرأته وبالفعل سار خلفها دون أن تدرك حتي وصلت الي بيت امها واختبأ هو في مكان حيث يراها وهي لا تراه، ففعلت الزوجة كما تفعل دائماً، انفجرت علي سجادة الصلاة تبكي وتشكو الي الله عز وجل وتخبره بكل ما يؤلم قلبها وبما يفعله بها زوجها واهله، وتدعوا الله لهم بالهداية، وتتوسل الي الله ان يصلح لها زوجها لانها تحبه رغم كل شي وظلت تبكي وتبكي وهو يسمع ويبكي معها متأثراً بما يرى ويسمع .
ثم انهت الزوجة صلاتها ودعائها وهنا خرج الزوج واحتضنها واعتذر لها بشدة، ووعدها ان يعوضها عن كل المآسي التي تعرضت لها .. في هذه الليلة لم يعودا الزوجان الي بيت اهله، وناموا في منزل امها، وهي نائمه رأت شخصا في المنام يقول لها : قضيت عشر سنوات تشكي الي اقرب الناس إليك، وما استطاع ان ينفعك بشئ، وشهر واحد فقط تشكي لله عز وجل فتغير حالك .. سبحانك ربنا ما ارحمك