منتخب المغرب يوحد العرب.. أسود الأطلس تلتهم خلافات السياسة

الثلاثاء 2022/12/13


احتفالات عربية صاخبة بإنجاز المنتخب المغربي - أرشيفية
التهم أسود الأطلس جزءا كبيرا من الخلافات السياسية "العربية- العربية" معيدا مشهد الوحدة لـ22 بلدا بزئير هز ملاعب كأس العالم 2022.
إنجاز كروي غير مسبوق حققه المنتخب المغربي لكرة القدم بوصوله إلى نصف نهائي كأس العالم قطر 2022، تجاوز به حدود الكرة والرياضة ليصل إلى نقاط سياسية أبعد بإشعال مشاعر ثلاث وحدات في آن "العربية والأفريقية والإسلامية".
نجاحات متتالية سجلها أسود الأطلس تحت راية المدرب المغربي وليد الركراكي بوصوله لأول مرة في تاريخه وتاريخ العرب والأفارقة إلى هذا الدور المتقدم من كأس العالم 2022.
كانت الضربة الأولى للمغرب بالتعادل في أولى مبارياته مع كرواتيا قبل أن ينتفض محققا انتصارين متتاليين على بلجيكا وكندا في الدور الأول ليتصدر المجموعة السادسة بسبع نقاط.


وفي دور الستة عشر حقق منتخب أسود الأطلس مفاجأة كبرى بالفوز على المنتخب الإسباني، الفائزة بكأس العالم عام 2010، بركلات الترجيح قبل أن يتغلب على البرتغال في دور الثمانية.
وبروح قتالية وتشجيع الملايين من العرب والأفارقة، سيجد المنتخب المغربي دعما جماهيريا قويا، غدا الأربعاء، خلال مباراته المنتظرة أمام الديوك الفرنسية.

وأثنى العديد من المحللين والمتابعين على الروح القتالية التي يلعب بها الفريق المغربي المكون من لاعبين محليين وآخرين يلعبون في دوريات أوروبية كبرى لكنهم فضلوا تمثيل بلادهم رغم تلقيهم عروضا بتمثيل البلاد التي يلعبون فيها.
تضامن عربي واسع
انتصارات الفريق المغربي التي لم تتحقق منذ مشاركته في المكسيك 1986، عندما فاز على البرتغال وتأهل إلى الدور الثاني، لم تُخرج المغاربة فحسب إلى الشوارع للاحتفال بنشوة النصر، وإنما أدخلت السرور على نفوس العرب جميعا.
حتى الجزائريين احتفلوا بفوز المغرب رغم بعض الخلافات بين البلدين، كما أطلقت نجاحات المنتخب المغربي المدوية كذلك العنان للفرحة داخل مخيمات اللاجئين السوريين مثلما ظهر جليا في مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي.


وشهدت مناطق فلسطينية عدة بينها القدس خروج فلسطينيين للاحتفال بالإنجاز المغربي، فيما ظهر لاعبو المنتخب المغربي حاملين العلم الفلسطيني عقب الفوز في مباراة بلجيكا.
كما غنى الجمهور المغربي لفلسطين في مبارياته، بل إن الإسرائيليين من أصل مغربي احتفلوا بانتصارات هذا المنتخب العربي الأفريقي، مثلما ظهر على وسائل التواصل الاجتماعي.
العاهل المغربي الملك محمد السادس أيضا تلقى التهاني من رؤساء دول عربية وأفريقية بفوز منتخب بلاده.
وهنأ رجل الأعمال الأمريكي ومالك تويتر الجديد إيلون ماسك المنتخب المغربي لتأهله للدور قبل النهائي. كما هنأه السفير الأمريكي في الرباط وظهر وهو يرتدي قميص المنتخب المغربي خاتما تهنئته بعبارة "سير سير" التي تشتعل بها مدرجات الدوحة لتحفيز المنتخب وتعني "امض قدما لتسجيل الأهداف".


وقدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تهنئة خاصة للمنتخب المغربي على إنجازه عبر حسابه على تويتر.
حلويات وأعلام
محسن بنزاكور أستاذ في علم النفس الاجتماعي اعتبر أن "هذه الفرحة المغربية العربية لا يمكن حصرها في الجانب الرياضي فقط، لأنه يمكن أن يعبر عنه الإنسان فقط بالتهاني وانتهى الأمر، لكنها فرحة أخرجت الشعوب للشوارع والتهادي بالحلويات ورفع الأعلام المغربية أمر يتطلب الوقوف عنده كثيرا".
ونقلت رويترز عن بنزاكور قوله إن للإنجاز المغربي بعدين "بعد الوحدة العربية حيث تبين أنها لا تزال في العقول وفي العواطف وتنتظر فقط من يحققها"، و"البعد الثاني هو أن العالم العربي يعيش إحباطات تأسست على المستوى الاقتصادي والسياسي، ولكن أيضا على مستوى كرة القدم، فالعالم العربي كان يُنظر إليه على أن له فرقا صغرى وأنها لم تحقق أبدا حتى الصعود إلى الدور الأول".


ومضى في تحليله النفسي: "هذا الإقصاء النفسي والإعلامي كان دائما حاضرا وبالتالي جاء هذا الانتصار لرد الاعتبار بأننا لسنا أقل قدرة أو كفاءة من الآخرين، وتجاوز عقدة الدونية".
ونشر الموسيقار والمغني اللبناني مارسيل خليفة على صفحته على فيسبوك: "أسود الأطلس الموهبة والمكابدة والصوغ الماهر، المغرب مليون عشق وورد".

الهوية العربية
محمد مصباح وهو خبير مغربي في علم الاجتماع السياسي تحدث لـ"رويترز" أيضا عن أن "نجاح المغرب في كأس العالم بقطر أعاد الشعور بالهوية الجهوية والإقليمية العربية، ولو بدا كأنها خبت فيما مضى، لكنها برزت بقوة في كأس العالم هذه".

وأضاف: "القضايا التي كانت تجمع الناس في العالم العربي وفي هذه المنطقة غالبا ما كانت قضايا سياسية حزينة وحساسة كالقضية الفلسطينية والربيع العربي ولكن هذه أول مرة تجمعنا كرة القدم وهذه قضية مفرحة وليست كالأزمات السياسية".


واعتبر مصباح أن "كأس العالم أكد مرة أخرى أن انتماء المغرب لهذه المنطقة هو تاريخي وحضاري ولا يمكن أن ننزع منه جزءا من هويته، طبعا لا يمكن أن ننسى دولا أفريقية ودولا في مناطق أخرى من العالم تعاطفت مع المغرب، لأنه نادرا ما تحقق دولة ليس لها هذا التراكم في كرة القدم مثل هذه الإنجازات".
ويرى محللون أن المنتخب المغربي لم يعط درسا في اللعب الجيد وتحقيق النصر فقط وإنما أعطى دروسا للعالم، خاصة الغربي، في القيم والارتباط الأسري.
ودللوا على ذلك بما قاله مذيع ألماني من أن "هذه المشاهد الحميمية مع العائلة لم نعد نراها في مجتمعاتنا الغربية التي تسودها الأنانية والمثلية الجنسية واندثار مفهوم الأسرة"، في إشارة إلى مشاهد معانقة بعض اللاعبين كأشرف حكيمي وسفيان بوفال وحكيم زياش لأمهاتهم وتقبيلهن بعد انتهاء المباريات.
وبالعودة إلى المحلل بنزاكور فإن "الذي لا نستطيع أن ننكره هو أنه رغم أن هؤلاء تربوا في الدول الغربية استطاعوا أن يحافظوا على لحمة الأسرة وهذا ما تحدث عنه الإعلامي الألماني".
وأضاف أن الفضل في تشبث هؤلاء اللاعبين بهويتهم "يرجع إلى الأمهات بالأساس والآباء حتى لا نبخسهم حقهم.. هذا الذي فرح بحضن أمه وسط الجماهير العربية، لم يترب في بيئة مغربية بل في أوروبا، لكن الأم هي من تحافظ على هذه اللحمة".

واختتم حديثه بقوله: "ما عبر عنه الألماني قال : ‬نحن نلقي بوالدينا في دور العجزة ونحتاج فقط إلى هذا العناق".