6 خطوات.. كيف تحول منتخب المغرب إلى فريق مُرعب؟
الخميس 2022/12/8
منتخب المغرب في كأس العالم 2022
يُواصل منتخب المغرب التألق في كأس العالم قطر 2022، وستكون الآمال كبيرة عندما يواجه البرتغال في الدور ربع النهائي.
وقدم "أسود الأطلس" أوراق اعتمادهم منذ بداية المسابقة، وأخرجوا الكبار وأحرجوا الكثيرين، ورموا "الشياطين الحمر" داخل هوة ساحقة، لن يقووا على الخروج منها، وروضوا الثيران الإسبانية بشكل سيبقى راسخاً في أذهانهم لفترة طويلة.
المنتخب المغربي منذ البداية، كان واضحا أنه يبحث عن استعادة أمجاد طال انتظارها، ماضٍ ما زالت الأجيال تتذكره بكثير من الاعتزاز، وجاء جيل الحكيمين زياش وأشرف، ليربط الماضي بالحاضر، حاضر يستمد قوته من إرادة حقيقية لبلوغ أرقى المراتب.
ولا يخفى على أحد، أن المنتخب المغربي كان يعيش وسط تخبطات كبيرة قبل أشهر عديدة فقط، ولكن بين ليلة وضحاها، تمكن "أسود الأطلس" من تحقيق نتائج مميزة للغاية، وهو مرشح بقوة للوصول إلى المربع الذهبي بالمونديال القطري.
لكن رغم ذلك، فإن الانتصارات الحالية للمنتخب المغربي ليست وليدة الصدفة؛ بل يقف وراءها اتحاد قوي وطاقم تقني وإداري يبذل مجهودات مهمة لمساعدة اللاعبين على أداء مهامهم.
ونستعرض معكم ، أبرز المحطات التي مر منها المنتخب المغربي في الفترة الماضية، وكيف تطور مستواه بشكل ملفت وبات فريقاً لا يُقهر.
إرث ثقيل
ورث وليد الركراكي عن سلفه المدرب البوسني وحيد خاليلوزيتش وضعاً صعباً، إذ عرفت فترته الكثير من التغييرات على مستوى التشكيلة الرسمية والنهج التكتيكي، فلم يستقر على فلسفة لعب ثابتة وتشكيلة رسمية، كما كانت علاقته مع أبرز لاعبي الفريق متوترة للغاية.
والحقيقة أن وحيد خاليلوزيتش بصم على نتائج جيدة رفقة "أسود الأطلس"، ونجح في التأهل لكأس العالم 2022 بسهولة كبيرة، ووصل لربع نهائي كأس أفريقيا وخسر ضد مصر في الأشواط الإضافية.
لكن الشارع المغربي لم يكن راضياً على طريقة لعب منتخب بلاده، كما استنكروا الاستبعاد المتكرر للثلاثي حكيم زياش ونصير مزراوي وعبدالرزاق حمدالله.
وأمام هذا الوضع، اضطر الاتحاد المغربي لإقالة خاليلوزيتش، وسط مطالب شعبية بتعيين وليد الركراكي عقب فوزه بلقب دوري أبطال أفريقيا رفقة فريق الوداد.
وبالفعل، استجاب فوزي القجع لمطالب الجماهير المغربية، وقرر تعيين وليد الركراكي قبل 3 أشهر فقط من خوض نهائيات كأس العالم 2022.
مهمة صعبة
كان وليد الركراكي يدرك أنه في مهمة صعبة للغاية وقد يعتبرها البعض "شبه مستحيلة"، وكان يعي جيداً أن عامل الوقت ليس بجانبه من أجل ترتيب الأمور وخلق جو عمل سليم في محيطه من أجل التقدم بسرعة في عمله قبل بداية المونديال.
ووضع وليد الركراكي نصب عينيه الحفاظ على استقرار المجموعة التي عملت سابقا مع خاليلوزيتش، لأن الوقت لا يسمح بإجراء تغييرات كبيرة، مع توجيه الدعوة إلى حكيم زياش وعبدالرزاق حمدالله.
وفي هذا الصدد، قال الإعلامي المغربي بدرالدين الإدريسي، في تصريح لـ "العين الرياضية"، إن "استدعاء حمدالله بالذات كان من أجل إحداث صلح بين جميع مكونات المنتخب المغربي وإعطاء الجماهير والصحافة المغربية الثقة لتلطيف الأجواء والاستعداد بهدوء للمونديال القطري".
الأسلوب والنهج التكتيكي
منذ المباريات الودية التي خاضها قبل المونديال، بدا واضحاً أن وليد الركراكي سيُحافظ على نفس الأسلوب الذي فاز به بلقب دوري أبطال أفريقيا رفقة الوداد، وهكذا اعتمد المدرب الملقب برأس "الأفوكادو" على لاعبين مغاربة مخضرمين سبق لهم خوض كأس العالم بروسيا مثل رومان سايس وحكيم زياش، وأشرف حكيمي.
كما حاول الركراكي الاعتماد على لاعبين خاضوا أكبر عدد من المباريات بينهم، وفي خط الوسط نجد أنه حافظ على مثلث أمرابط، أملاح وعزالدين أوناحي، وفي خط الهجوم لا يزال يعتمد على يوسف النصيري رغم استدعاء حمدالله.
ويعتمد الركراكي على تنظيم دفاعي محكم واللعب بسرعة في مرحلة الانتقال من الدفاع إلى الهجوم معتمداً على التقنية العالية لمهاجميه في الأجنحة حكيم زياش وسفيان بوفال، بالإضافة إلى سرعة وقوة مهاجمه الصريح يوسف النصيري، كثير الحركة والضغط على حامل الكرة عند فقدانها.
طاقم فني متناسق
كان اختيار المدرب وليد الركراكي للجهاز الفني المرافق له موفقاً، واستدعى كلا من من رشيد بن محمود الذي سبق أن عمل معه والمثقل بالتجارب في أطقم المنتخبات الوطنية، وغريب أمزين وكذلك محلل الأداء المغربي موسى الحبشي الذي اشتغل مع المنتخب البلجيكي في مونديال روسيا 2018.
كما تم إلحاق هاريسون كنغستون محلل أداء فريق ليفربول الإنجليزي لنحو 10 سنوات، ومدير قسم التحليل التقني والأداء بالإدارة التقنية الوطنية في الوقت الحالي بطاقم المنتخب المغربي الأول، وهكذا أصبح المنتخب المغربي يتوفر على طاقم تقني متجانس ومتكامل.
دروس وتجارب
استفاد المنتخب المغربي من دروس مشاركته في مونديال روسيا 2018، عندما قدم حينها كرة جميلة في مبارياته لكن بدون نجاعة هجومية، وهو ما جعله يحصد هزيمتين وتعادلاً ويخرج خالي الوفاض من المنافسات ويقصَى من الدور الأول.
هذه التجربة، بالإضافة إلى فكر المدرب وليد الركراكي الذي لا يعطي الأولوية للمستوى، جعلت المنتخب المغربي يخوض مبارياته في المونديال القطري بكثير من التحفظ والانضباط التكتيكي خاصةً على مستوى التنظيم الدفاعي دون المغامرة كثيراً في الهجوم أو اللعب بنهج هجومي طيلة أطوار المقابلات.
وحتى الآن، واجه المنتخب المغربي 3 منتخبات قوية، وهي كرواتيا وبلجيكا وإسبانيا، وطيلة تلك المواجهات لم تستقبل شباكه أي هدف، وهو ما يُعتبر نجاحاً باهراً لأسلوب وليد الركراكي.
اللاعب رقم 12
لا يمكن بتاتاً إنكار الدور الذي اضطلع به الجمهور المغربي في مونديال قطر، حيث شكل سنداً قوياً وعاملاً محفزاً لأسود الأطلس للّعب بحماس وقتالية، واتضح أن الجمهور المغربي كان اللاعب رقم 12 الذي أحدث الفارق ورجح كفّة اللاعبين.
وتنقلت الجماهير المغربية بالآلاف إلى قطر من أجل مساندة أسود الأطلس، ونالت شعاراتهم وتشجيعاتهم إعجاب الجماهير الأجنبية، فالجمهور المغربي كان لا يتوقف عن دعم منتخب بلاده، كما كان يمارس الضغط على المنتخبات المنافسة عندما تمتلك الكرة.
فوزي لقجع.. كلمة السر
استطاعت الكرة المغربية خلال السنوات القليلة الماضية، أن تتقدم في ظرف وجيز على جميع المستويات، محققة في ذلك أرقاماً قياسية كبيرة فاق كل التوقعات.
وبفضل المجهودات التي وضعها قائد الكرة المغربية فوزي لقجع رئيس الاتحاد المحلي لكرة القدم، اكتسحت الكرة المغربية أغلب البطولات القارية الأخيرة ونجحت في الظفر بالمراتب الأولى متفوقة بفارق شاسع مع نظيرتها المصرية والتونسية والجزائرية.
وخلال السنوات الماضية، حقق نهضة بركان كأس الاتحاد الأفريقي كما توج الوداد بلقب دوري أبطال أفريقيا، وتأهل منتخب السيدات لنهائي كأس أفريقيا خلال الصيف الماضي.
وخلال عهد فوزي لقجع، تمكن المنتخب المغربي من التأهل لكأس العالم مرتين متتاليتين، بعد غياب دام 20 عاما، كما قاد "أسود الأطلس" لبلوغ ربع النهائي في بطولة كأس أفريقيا بعد غياب طويل أيضا.
وبفضل الدعم الدائم لفوزي لقجع، الذي يملك عضوية في المكتب التنفيذي للفيفا، تسير كتيبة وليد الركراكي في الطريق الصحيح لأن تُكون من أبرز المنتخبات على الصعيدين العربي والعالمي، وهو أمر أكدته في بطولة كأس العالم الحالية، بفضل الداعمين ومخططات هادفة وضعه اتحاد الكرة على رأس أولوياته لتحقيق الأفضل للكرة المغربية.
وتحت قيادة فوزي لقجع، بات المغرب يتوفر على منشآت رياضية من الطراز العالمي، وهو ما يخول للاعبين التدرب بكل أريحية.
ويعكس أداء المنتخب المغربي في كأس العالم 2022، المجهودات التي قام بها الاتحاد المحلي خلال السنوات الأخيرة؛ فقد نجح في تحسين أداء فرق البطولة الوطنية من جهة، وتدعيم تسيير الأندية الرياضية من جهة ثانية، وتشييد ملاعب رياضية عالمية من ناحية ثالثة.