العناق يساعدك على خلق رابطة عاطفية مع بناتك (شترستوك)
المعانقة هي نوع من اللمس المريح يساعد على التواصل، أما فوائدها لأبنائنا فلا حدود لها لأنها تسهم في النمو المعرفي والعاطفي لهم. وقد أظهرت الأبحاث أن الأطفال يزدهرون في البيئات التي يُغمرون فيها بالحب باستمرار، وهذا يبدأ من يوم ولادتهم وحتى طوال حياتهم.
وفقا لموقع "مايند تشامبز" (Mind Champs)، فإنه في وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة في المستشفيات اليوم، يتم تشجيع الآباء على ممارسة ما يعرف بـ"رعاية الكنغر" (kangaroo care)، وذلك من خلال حمل أطفالهم المبتسرين، حيث ثبت أن هذا يؤدي إلى تحسن في العلامات الحيوية مثل زيادة الوزن والحد الأدنى من مضاعفات التنفس.
تعد اللمسة الأبوية مهمة وآمنة، ولا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة للأطفال، وعندما لا يحصلون على ما يكفي منها فإنهم يبحثون عن الحب في أماكن أخرى. والأمر لا يختلف كثيرا بالنسبة للمراهقين، فعلى الرغم من رفضهم للملامسة الأبوية بسبب التقلبات المزاجية التي يمرون بها، فإنهم لا يدركون أهمية العناق بالنسبة لصحتهم النفسية.
وينقل موقع "هيلث لاين" (Health Line)، عن طبيبة الأسرة فيرجينيا ساتير، قولها إن الحد الأدنى الذي يحتاجه الإنسان يوميا هو 4 أحضان، و8 للاستمرار بصورة مستقرة نفسيا في الحياة، والجميع، بما في ذلك المراهقون، يحتاجون يوميا إلى 12 عناقا للنمو.
إذا كان طفلك يمر بوقت عصيب اجلسي بجانبه ولفي ذراعيك حوله (شترستوك)
حاجة الفتيات إلى عناق الوالدين
بالنسبة للفتيات، فإن الحصول على ما يكفي من عناق الوالدين له أهمية كبرى، ويمكن ملاحظة حاجة الفتيات إلى التلامس والحصول على الحنان من خلال مراقبة تجمعاتهن الصغيرة، فهن لا يتوقفن عن معانقة بعضهن، يمددن أذرعهن حتى نهايتها حينما تلتقي الواحدة منهن بصديقتها المفضلة، وبالرغم من ذلك فإن هذا لا يعوّض نقص العاطفة الجسدية من قبل الوالدين.
ذكرت مدونة "فاذرز" (Fathers)، أن الدراسات أثبتت أن اللمسة الجسدية تجعلنا نشعر بتحسن فسيولوجي ونفسي. لكن الأطفال، وخاصة البنات، يحتاجون إلى أكثر من مجرد إيماءات يومية يتم تقديمها بشكل عابر.
وتساعد عاطفتنا الجسدية "العناق" على خلق رابطة عاطفية مع بناتنا، حيث يمكننا قول أشياء كثيرة لا يمكننا قولها بالكلمات أثناء العناق أو من خلال لمسة لطيفة أو قُبلة على الخد، وفتياتنا بحاجة ماسة إلى هذا القرب والتفهم والمودة.
إذا لم يلبِّ الآباء احتياجات الفتاة للعاطفة فقد تصاب بالإحباط وقد تستسلم في النهاية لأي شخص غير مناسب لتلبية تلك الاحتياجات.
يوجد العديد من الأشياء التي تريد ابنتك المراهقة إخبارك بها سواء عن الأولاد أو العلاقات أو الحياة. لكن عليك أولا اكتساب الحق في هذه الفضفضة من خلال الاستماع والتودد ومنحها الكثير من العناق اليومي الذي يزيل الحواجز ويساعد على التواصل والقرب والاطمئنان.
ابحثي عن فرص أو أعذار صغيرة لتمنحي ابنتك قبلة على رأسها (شترستوك)
لماذا يرفض المراهقون العناق؟
وفقا للسيدة نانسي، مؤسسة موقع "ريزينج تينز توداي" (Raising Teens Today) المتخصص في شؤون المراهقين، فإنه بعد أن يصبح الأطفال مراهقين فإنهم لا يتوقون إلى العاطفة الجسدية لوالديهم كما كانوا يفعلون من قبل. وتضيف "لقد ولت الأيام التي كانوا يركضون فيها إليّ بأذرع مفتوحة كما لو كنت قد تركتهم عاما كاملا في حين أنني ابتعدت عنهم 30 دقيقة فقط".
وتفسر ذلك بقولها، لقد أصبحت فكرتهم عن التواصل سريعة عبارة عن إيماءة من الرأس أو ضربة سريعة بقبضة اليد دون اتصال بالعين. ربما لأنهم يعتقدون أنهم أكبر من أن يتم احتضانهم أو لأنهم أصبحوا فجأة كبارا بالنسبة لأي تعبير عاطفي ظاهر، خصوصا في الأماكن العامة، أو ربما لأنهم يعتقدون أنهم ليسوا بحاجة إلى العناق بعد الآن.
ولكن الحقيقة هي أن الكثير من المراهقين محرومون من اللمس، وهم لا يدركون ذلك وليس هناك بديل مناسب أبدا لعناق الأم أو الأب، لذا فالأمر متروك لنا كآباء لإيجاد طرق مبتكرة للبقاء على اتصال جسدي بأطفالنا الكبار.
كيف تتحايل على رفضهم؟
- وفقا لموقع "يور تين ماج" (Your teen mag)، فإن الدكتورة لورا ماركهام، الخبيرة في تربية الأطفال، تنصح الآباء بتجاوز الشعور بعدم الراحة الذي يمنحه لهم المراهقون وأن يتذكروا مدى أهمية العناق وغيرها من مظاهر المودة لتطور المراهق. لذا فإنه يجب التحايل لمنح أطفالنا الكبار ما يحتاجونه بالفعل من عناق جسدي.
- عانقي ابنك المراهق دائما عندما ترينه لأول مرة في الصباح ولا يهم هنا إذا كان كلاكما غاضبين. عانقيهم أيضا عند رؤيتهم للمرة الأولى بعد المدرسة وقبل النوم.
- ابحثي عن فرص أو أعذار صغيرة لتمنحيهم قبلة على رأسهم. وإذا كان طفلك يمر بوقت عصيب اجلسي بجانبه ولفي ذراعيك حوله.
- يحب الأولاد التحدث إليهم في السيارة لأنه لا يتعين عليهم إجراء اتصال بالعين. لذا يمكنك في بعض الأحيان لمسهم والتربيت على أكتافهم دون التواصل بالعين.
- لا تجعلي العناق ميكانيكيا أو باردا، والأفضل أن تصاحبه بعض العبارات مثل كيف حالك؟ أو "كيف كان يومك؟"، ركزي على اللحظة التي تقدمين فيها عناقا دافئا لهم.
إذا لم يلب الآباء احتياجات الفتاة للعاطفة فقد تصاب بالإحباط وقد تستسلم في النهاية لأي شخص غير مناسب (شترستوك)
فوائد العناق للمراهقين
وفقا لموقع "هيلث لاين"، فإنه بصرف النظر عن الشعور بالسعادة الناجمة عن العناق، هناك الكثير من الأدلة المدعومة علميا تدعم فوائد احتضان أبنائنا المراهقين.
- التواصل مع ابنك المراهق
تحدث معظم الاتصالات البشرية شفهيا أو من خلال تعابير الوجه، لكن المعانقة هي نوع من اللمس والتواصل المريح، وعندما يكون التوتر شديدا أو تفشل الكلمات بينك وبين ابنك المراهق، يمكن أن يقول العناق الكثير عن شعورك تجاهه ويساعد في نزع فتيل الموقف ويفتح الباب أمام تواصل أكثر إنتاجية.
- يخفف من التوتر
يمكن لعناق ابنك المراهق أن يُشعره بالهدوء والاسترخاء. وذلك لأنه يتم إطلاق هرمون "الأوكسيتوسين" الذي يطلق عليه أحيانا "هرمون العناق". وفقا للمؤلفتين إيميلي وأميليا ناغوسكي، فإن معانقة شخص تحبه لمدة 20 ثانية في اليوم هو المفتاح لتخفيف التوتر وإنهاء حالة الإرهاق.
- الشعور بالأمان
عندما نلف أذرعنا حول أجساد أطفالنا، فإن ذلك يمكن أن يساعدهم على الشعور بأنهم أقل عزلة وأكثر أمانا في عالم غالبا ما يكون صاخبا للغاية ومربكا وصعبا.
- تحسين الحالة المزاجية
عندما تدخل ابنتك إلى المنزل بعد الرجوع من المدرسة ويكون وجهها مليئا بالغضب وعدم الراحة والتعب، فقد يكون العناق الطويل هو ما تحتاجه لتحسين مزاجها. إن العناق لا يحسن الحالة المزاجية للمراهق فقط، بل لديه القدرة على تعزيز احترام الذات من خلال جعله يشعر بمزيد من القبول والسعادة والثقة.
- بناء الجسور
تتعرض علاقة الآباء بالمراهقين إلى كثير من المواقف المزعجة ويؤدي الخلاف والعراك المتكرر معهم إلى تآكل علاقتنا معهم إذا لم نتدخل بسرعة لإصلاح الضرر. وعلى الرغم من أن العناق لن يحل جميع مشاكل ابنك المراهق، فإنه يمكن أن يساعد في تخفيف بعض التوتر لديه، وتحسين نظرته العامة للحياة والرفاهية وتقوية علاقتك معه.