حكايات مونديالية.. "الرجل الورقة" يرفض كأس العالم فيفقد حياته



ماتياس سينديلار نجم منتخب النمسا السابق
يعد منتخب ألمانيا ثاني أكثر المنتخبات ظهورا في بطولة كأس العالم، برصيد 20 مشاركة أحدثها في مونديال قطر 2022.
وخلال تلك المشاركات، كتب منتخب ألمانيا تاريخا خاصا في البطولة من حيث الإنجازات من جهة، ومن جهة أخرى كانت مشاركاته مصحوبة بالعديد من القصص والحكايات المثيرة والمشوقة.

ماذا قدم منتخب ألمانيا خلال مشاركاته في كأس العالم؟
وخلال 19 مشاركة سابقة قبل مونديال قطر 2022، حقق منتخب ألمانيا اللقب 4 مرات أعوام 1954 و1974 و1990 و2014، بينما حل وصيفا مثلها أعوام 1966 و1982 و1986 و2002، وكذلك حل ثالثا في 1934 و1970 و2006 و2010.


واحتل منتخب الماكينات المركز الرابع مرة واحدة عام 1958، وخرج من ربع النهائي 3 مرات أعوام 1962 و1994 و1998، بينما ودع من الدور الثاني مرة واحدة عام 1978، وخرج من الدور الأول أو المجموعات مرتين، عامي 1938 و2018.
منتخب ألمانيا وكأس العالم 1938
في مونديال 1938، قرر منتخب النمسا الانسحاب من البطولة بعدما قامت الحكومة الألمانية النازية بضم البلدين إلى بعضهما، وقررت الأخيرة تكوين منتخب موحد للماكينات يضم أبرز لاعبي النمسا.


وبالفعل ضم منتخب ألمانيا 7 لاعبين من نظيره النمساوي، بينما رفض عدد آخر من اللاعبين النمساويين الانضمام إلى الماكينات واللعب تحت راية النظام النازي.


ووفقا لما رواه الكاتب الأرجنتيني لوسيانو برينكي، في كتابه "أغرب الحكايات في تاريخ المونديال" كان من بين الرافضين ماتياس سينديلار، أفضل لاعبي النمسا في ذلك الوقت، والذي كان من أهم لاعبي منتخب بلاده في مونديال 1934.

وكان سينديلار، الذي اشتهر بلقب بـ"الرجل الورقة"، نظرا لأنه كان نحيفا جدا وخفيف الحركة وطويلا، أحد أبرز المنتقدين للنظام النازي ودائم الهجوم على سياسات هتلر زعيم ألمانيا في ذلك الوقت، لذا رفض تمثيل الماكينات في المونديال.
وجاء ذلك الأمر رغم عشق نجم النمسا لممارسة كرة القدم، لكنه رفض أن يغير مبادئه بسبب هذا العشق، وظل يجهر بمعاداته لسياسات ألمانيا ونظامها، وهو ما دفع ثمنه غاليا بعدها.


وبحسب صحيفة الجارديان، وقبل الذهاب للمونديال أقيمت مباراة احتفالية تجمع منتخبي ألمانيا والنمسا، احتفالا باندماجهما في فريق واحد، وكان من المفترض أن يرتدي النمساويون الزي الأبيض والأسود التقليدي، القريب من زي ألمانيا وعلمها، لكن ذلك الأمر لم يحدث.


قرر النمساويون بتحريض من سينديلار خوض المباراة بالزي الأحمر والأبيض الذي يرمز لعلم النمسا، وقاموا بالتلاعب بالألمان والاستهزاء بهم طوال أحداث اللقاء، وتعمدوا إهدار الفرص أمام المرمى الخالي، قبل أن يحسموا الفوز بـ3 أهداف أحدها لسينديلار.
وتعمد سينديلار عقب المباراة الاحتفال بالفوز والرقص أمام المقصورة التي كانت تضم قيادات من النازية، وقام بالسخرية منهم واستفزازهم، قبل أن يرفض بعدها الانضمام للمنتخب الألماني المسافر إلى فرنسا لخوض المونديال الثالث.


وذهبت ألمانيا لكأس العالم 1938 ومعها 7 لاعبين من النمسا تم إجبارهم على تمثيل الماكينات، لكن ذلك الأمر لم يؤت ثماره، حيث ودع الفريق من الدور الأول للمرة الأولى في تاريخه (والتي ظلت الوحيدة حتى مونديال روسيا 2018).
وجاء وداع منتخب ألمانيا في مواجهة سويسرا، حيث انتهت مباراتهما بالتعادل السلبي في البداية، لتتم إعادتها وفقا للنظام حينها، وتنتهي المباراة المعادة بخسارة الماكينات 2-4 وتوديع البطولة.


وأرجع سيب هيربيرجر، مدرب ألمانيا، السبب في الخسارة إلى الموقف الانهزامي للاعبين النمساويين الذين تم إجبارهم على الانضمام للفريق؛ بينما علق صحفي ألماني بعدها بأن "الألمان والنمساويين يفضلون اللعب ضد بعضهم البعض حتى عندما يكونون في نفس الفريق".


ولم ينس النظام النازي صفعة "الرجل الورقة"، وانتقاداته الدائمة له، وهو ما كلف اللاعب حياته، حيث عثر عليه بعد نحو 7 أشهر من انتهاء كأس العالم ميتا في منزله في ظروف غامضة، بداعي وجود تسرب غازي.

وأكدت العديد من الروايات أنه تعرض لهجوم من عملاء النظام النازي، مما تسبب في وفاته، بينما قالت روايات أخرى إنه انتحر هربا من اضطهادهم لهم، وحضر جنازته نحو 20 ألف شخص من المعادين لهذا النظام.
يذكر أن سينديلار اختير بعد وفاته بنحو 60 عاما، وبالتحديد عام 1999، كأفضل لاعب في تاريخ النمسا بالقرن العشرين،