شَذَر ، مَذَر
هكذا أعرابُنا تخلّفوا
مُذ جاءَتِ الريحُ فشعبّتْهُم
كالغُبَر ..!
فجاء جاءَ المطَر
وكلُّهمْ تقولّوا : هذا لَنا هذا لَنا
فتلاعنوا وتطاعنوا وتناحروا
ثمَّ أورثوها
فخلّفوا بِئسَ العِتَر
ومضَت على الزمنِ القديمِ عهودْ
وبنت أقوامُ العالمِ أفكارٌ بجُهُود
فراق لأعرابُنا هذا العمَل
فعمَّروا السجون
وطَوَّروا القُيود
فيا لإبنِ قومنا إذا نظر
كلّ العالَمِ يُبصِرُ مِن عقلهِ
إلّا العربيُّ
إذا بالغَ في غايةِ النَضجِ
أبصَرَ مِن فتحةِ الشرْجِ
فيا لهُ .. إنّي لأحسدهُ
على هذا "البصَر"
وجاءَ من أقصى البلادِ
ابنُ منذرٍ
بكلّ أيَّامِ بؤسهِ
ينحرُ فينا كلّ صباحٍ
ويقيمُ في اللَّيلِ الوتَر ..!
وعادَ الحجّاجُ فألقى
أنا إبنُ جلا ثمّ نسى وتلعثَمَ
وخطَى خُطوةً وعندَها عثَر ،
فأعلنَ الحربُ على الشعبِ
ولم يبقِ منهمُ سوى شيءٍ
يُدعى " الأثَر "
وعلى جرأةٍ نادرة
لم تكُن ظاهرة
قلَّدَتهُ القياصرة
أوسمةً وإحتفلوا بنصرهِ
وأرّخوه في التاريخ
بإسمِ " المُنتظَر "
لكنّهُ ما تداركَ أنّه قَد أماتَ
نفسهُ حينما على الشعبِ
إنتصَر
وطفلةٌ غضَّةٌ لَم تبلُغِ العشرَ
يعلو عويلُها إثرَ إغتصابٍ في السحر
فلَمّا صرَخْنا وإشتكَينا أسى
ألّا تعولوا وأعدلوا
حرَّم المُفتي خروجنا وقال :
ذا قضاءٌ وقدَر
إنّ العروبة طلَّقتْنا بالثلاث
ولسانُ حالِها :
تبّاً لكُم ، أهل الخضوعِ
خنتمُ المِيثاقَ ..
فما إنفكّ حصارٌ عن فلسطينا
المسجدُ الأقصى قد أصبحَ
الأقسى ، وقَد صارت فلسطينٌ
بغيرِما زيتونا ..!
مُذ قالَ عنترةُ المِهذار :
ستعودُ
فلسطينٌ إذا الشعبُ إصطبَر
وهذهِ بغدادُ إلى عهدها السالفِ
تبكي حنينا ..
فما عادَ هارونٌ لكلبِ الرومِ يُرعِبهُ
وما أتى ليرتَعَ في جنَباتِها
مأمونا ..!
فوربُّ العِبادِ دارُ السلامِ غَدَت :
بلدٌ فيهِ الإنسُ تأخذُ من ظلّها
الحذَر ..!
فماذا يكتبُ التاريخُ غداً :
أمِنَ العصر الذهبيُّ بغدادُ إلى العصرِ
القوميُّ أعادَها الأمّيُّ
فأذاع فيها الفتَن ورمى فيها الشرَر
مُذ أطعناه بجهلٍ
يا سموّ المعالي نحنُ شعب
بأمركَ يؤتمَر ..!
وتلكَ يمانٌ .. بلدُ الملوكِ الجبابرة
المنزلينَ الردى القاهرينَ العِدا
الضاربين بالسيف أعناقَ الطُغاة
ولضربِ أسيافهِم صدى
لكنّما بينَ ليلةٍ وضُحاها ..،
تُمسي مفاخرها غابرة ..؟
فما لمتُ العيونُ الّتي تناثرَ دمعُها
كالدُرَر
فلقَد أسكبَ التاريخ فوقَ أديمُها
ماتبقّت لهُ مِن "عِبَر"
فبلقيسُ قد غصبوا الأكلّةَ منِها
وتقاسموا ما لديها من حُلى
ثمَّ إغتصبوها..!
وطافوا بضفائرها الأرجاء
فلّما صرَخْنا وإشتكينا أسىً
ألّا تعولوا وأعدلوا
حرَّم المُفتي خروجنا وقال :
إيّاكمُ والله يجزي الجزاء لمَن
أخفى و"ستَر"
ودمشقُ وا لهْفتي عليها
كانَت العصافيرُ فيها تُغنّي
فوقَ أزهارِ الياسمين
في الشروقِ المُنعِمِ
كُنّا فيها هانئين ،
في نعيمِ النغَمِ
ويفوحُ شذاها بليالي الزهَر
فما عادَت دمشقُ تلكَ الّتي
عهدناها في الصِبا
مُذ جاء راعيها المُعظَّم ..
جاسراً ينتهكُ "القمَر"
مِفرٌّ منَ العدا في الوغى
وعلى الشعبِ دونَ ذنبٍ مِكَرْ..!
آهٍ .. يا شرفاءُ بلادي
كيف للإنسانِ أن يفنى
كرسمٍ عفتهُ الريحُ فإندَثَر
كيف للإنسان أن يحيى
بقلبٍ مليءٍ بالخَطر
كيف للإنسان أن يمشي
على أرضٍ يرى فيها الحُفَر
ليختارَ محلَّ رقودَهُ
إذا ما صاحبُ الأمرِ أمَر ..
آهٍ .. ياناسُ يا أيُّها الشُرفاءُ
لقد كان الذنبُ فينا
لم يكُن ذنبٌ في المطَر
العیلامي